افراسيانت - عمر عبد الستار - شهد قضاء طوزخورماتو في محافظة صلاح الدين اشتباكات مسلحة بين مقاتلين من قوات البيشمركة وآخرين تابعين للحشد الشعبي، أسفرت عن سقوط ضحايا وإلحاق أضرار مادية جسيمة بعدد من المباني.
نشطاء في شبكات التواصل الاجتماعي تداولوا صوراً ومقاطع فيديو تظهر مواطنين من إقليم كردستان العراق ومواطنين في كربلاء، وكل فريق منهم يقوم بحرق علم من يعتبره خصمه، بالإضافة إلى القيام بأعمال من شأنها إهانة الطرف الآخر.. اللجنة القانونية في البرلمان ببغداد أكدت أن عقوبة حرق العلم العراقي هي السجن لمدة زمنية تتراوح من 10 إلى 15 سنة، باعتبارها قضية انتهاك للسيادة الوطنية.
المرجعية الدينية في النجف رأت ان ما شهده قضاء طوزخورماتو يعد مؤشرا خطيرا، داعية جميع الأطراف إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تكرار ذلك، والحفاظ على التعايش السلمي بين جميع مكونات الشعب العراقي.. في حين أشار ممثل المرجعية في كربلاء عبد المهدي الكربلائي إلى أن التحدي الأكبر والأخطر أمام الشعب بمختلف طوائفه وقومياته هو المعركة مع داعش وفكره ومنهجه الدموي.
من جانبه، أكد ممثل عن لجنة الأمن والدفاع النيابية أن مفاوضات جرت بين قيادات الحشد الشعبي والقيادات الكردية، إضافة إلى ممثلين عن الحكومة الاتحادية من وزارتي الداخلية والدفاع، مؤكدا أن هذا الموضوع سار في طور التهدئة وتحكيم لغة العقل.
وتابع أن هناك حوارات وجلسات للحشد الشعبي مع أحزاب كردية تمثلت بالاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني وحركة التغيير، مشيرا إلى أن هذه الجلسات والحوارات أدت إلى حل الأزمة في طوزخورماتو واحترام جميع مكونات الشعب العراقي.
ودخل رئيس الوزراء حيدر العبادي على خط الأزمة، إذ قال إن ما يحدث في قضاء طوزخورماتو "فتنة" بين ثلاثة مكونات. وقال العبادي على هامش لقائه عدداً من الناشطين المدنيين في بابل إن ما يحدث في طوز خورماتو فتنة بين العرب والأكراد والتركمان وهناك جهود تبذل للحفاظ على الوضع ووصلت خلية الأزمة لمتابعة الأمر، ولكن البعض يدفع من أجل كسب الأصوات ونحن نعمل من أجل حقن الدماء وأن تتوجه البنادق إلى داعش". العبادي أشار إلى اتصال جرى بينه وبين رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني جرى فيه نقاش أهمية سنجار التي قطعت طريق إمداد الإرهابيين بين الموصل والرقة، مبيناً أن عملية تحرير سنجار شارك فيها البيشمركة ضمن المنظومة الأمنية العراقية والجيش العراقي من خلال الطيران، وأن سنجار حررت بسواعد عراقية ويجب أن يرفع العلم العراقي فيها.
وعدت رئاسة الجمهورية العراقية حادثة إحراق العلمين العراقي وإقليم كردستان، عملاً يتنافى مع "القيم الوطنية ومبادئ الدستور"، داعية إلى الكف عن تلك الممارسات الضارة. وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، خالد شواني، في بيان له إن قيام بعض المتطرفين والمندسين بإحراق علم إقليم كردستان، او العلم العراقي أمر يتنافى مع دعوات المرجعية الدينية، مشدداً على ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية في وجه تنظيم داعش الإرهابي وسواه من أعداء العراق.
وأضاف شواني أن الاجتماع الأخير للرئاسات الثلاث جدد التأكيد على أهمية تطوير التعايش السلمي بين العراقيين كافة، والابتعاد عن أجواء التشنج والتوتر في هذه الظروف المهمة التي يمر بها الشعب والبلاد وعلى تضافر كل الجهود الوطنية على مختلف المستويات لدحر الإرهاب.
وأشار الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إلى أن قوات البيشمركة والحشد الشعبي يقاتلون جنبا إلى جنب مع الجيش العراقي والشرطة الاتحادية ورجال العشائر من أجل دحر الإرهاب، في إشارة منه إلى عدو مشترك تريد جميع قطاعات الشعب العراقي محاربته وإلحاق الهزيمة به.
جدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تحصل فيها أحداث في طوز خورماتو وهي منطقة متنازع عليها بين بغداد وأربيل وفيها تنوع سكاني ديني وقومي، فقد حدثت في عهد المالكي مناوشات بين قوات عمليات دجلة وقوات البيشمركة أسفرت عن مقتل وجرح عدد من المدنيين وتم حينها تلافي تدهور الأوضاع.
إلا أن تكرار مثل هذه الأحداث يعد دليلاً على وجود أزمة نظام ومعضلة في العلاقة بين المركز والإقليم وتكرار هذه الحوادث بين فترة وأخرى دليل على فشل حكومة بغداد وحكومة الإقليم في حلها بالرغم من مرور 12 عاما وبالرغم من أن أبرز تحالف ظهر في العراق بعد 2003 هو الذي تم بين التحالف الكردستاني من جهة والتحالف الوطني من جهة أخرى.
لكن عدم تطبيق المادة 140 من الدستور والخاصة بكركوك والمناطق المتنازع عليها في ولاية المالكي الأولى من 2006-2010 أدى إلى بداية شرخ كبير في هذا التحالف زاده بعد ذلك عدم تطبيق المالكي لاتفاقية أربيل إثر انتخابات 2010 ثم كان تشكيل قيادة عمليات دجلة من دون رضى حكومة أربيل، ما أدى إلى اندلاع أزمة جديدة، ثم أخيرا جاءت عملية سنجار التي لم يشترك فيها الحشد الشعبي مع البيشمركة لتفجر جرحا عميقا بين الطرفين.
من غير المرجح في ضوء المعادلة المحلية والإقليمية والدولية المرتبطة بالملف العراقي وما حوله أن يتحول الخلاف إلى صراع مفتوح بين الحشد الشعبي والبيشمركة، إذ يرى خبراء أن المسألة ستدفع بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى التوصل لحل يرتبط بكل المشكلات العالقة، خاصة وأن داعش بات الواجهة الأولى التي تحث على الوحدة ورص الصفوف في العراق.