افراسيانت - كتبت هدى الشيمي - بعد خساراته كونه الحزب السياسي المتفرد، وحصوله على الأغلبية، لأول مرة منذ 12 عام، عاد الحزب الإسلامي التركي "العدالة والتنمية" للسلطة مرة أخرى بعد خمسة أشهر من الانقطاع، بحسب ما ورد في صحيفة بولوتيكو.
ترى الصحيفة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اثبت خلال الانتخابات، اتقانه للسياسة والفوز في الانتخابات، وقدرته على قيادة حزبه للحكومة.
وعلى الرغم من فشل حزب العدالة والتنمية في كسب الأغلبية العظمى التي تجعله الحزب الوحيد في الساحة السياسية، إلا انه حصل على عدد أصوات يؤهله ليكون الحزب الحاكم لتركيا على مدى السنوات الأربعة المقبلة.
ووجدت الصحيفة أن المشهد الحالي في تركيا، وفوز "العدالة والتنمية" في الانتخابات، يتميز بست حقائق هم:
1- العنف يفوز:
منذ انتخابات يونيو، سيطرت على السياسة التركية الخوف والعنف، من قبل الحكومة التركية، وحزب العمال الكردستاني، وتنظيم داعش، مما تسبب في وقوع مئات الضحايا.
على ما يبدو فإن أردوغان حاول التخلص من موجة الفوضى، عن طريق أخذ أصوات الناخبين القوميين، بعيدا عن اليمين المتطرف، وحزب الحركة القومية، والأكراد الدينيين المؤيدين للأكراد.
أثرت وعود "العدالة والتنمية" بالقيادة، والاستقرار على المواطنين الذين يشعرون الآن بالقلق مع ارتفاع وتيرة العنف في المنطقة، ومن المفارقات أن حرب حزب العمال الكردستاني ضد أردوغان ساعدت على إعادته للسلطة.
2- تركيا تنحدر نحو المزيد من السلطة التنافسية:
على الرغم من خسارة "العدالة والتنمية" حصوله على لأغلبية الحزب الواحد في يونيو، إلا أنه خطط لحكم تركيا على مدار الخمسة أشهر الماضية التي سبقت الانتخابات مع المعارضة، استخدم حزب العدالة والتنمية فيهم الانتخابات إجراءات تعسفية صارمة ضد المنظمات غير الحكومية المعارضة، والمؤسسات التجارية، واتبعت وسائل الإعلام أساليب نقدية شديدة اللهجة، وحاولوا تخويف الصحفيين والمعارضين، وحققت هذه الاستراتيجية الكثير من المكاسب لأردوغان، ومن المحتمل أن أردوغان حاول بهذه الطريقة تصفية الحسابات مع وسائل الإعلام، والمنظمات غير الحكومية، مما يزيد من قمع الديموقراطية والحريات في تركيا.
ومن المقرر إقامة الانتخابات المقبلة عام 2019، ومن المتوقع أنها ستكون الأقل عدالة، والأكثر احتيال.
3- حزب المجتمع الديموقراطي موجود وسيبقى:
كان حزب المجتمع الديموقراطي أول حزب موالي لحزب الأكراد في تاريخ تركيا، واستطاع الحصول على 20 مقعد في البرلمان التركي بعد انتخابات 2007، وعلى الرغم من فشل العملية الكردية للسلام، وتصعيد "العدالة والتنمية" للعنف، استطاع الحزب تخطي التحديات، ولكن مع خسائر كبيرة.
4- انتحار حزب العمل القومي التركي:
حاول الحزب تحقيق مكاسب ملحوظة، وحاول الاستفادة من رد فعل الأتراك تجاه تصعيد العنف، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك، وخسروا ربع الأصوات.
وقد يرجع ذلك إلى عدم قدرته على التخطيط الجيد، ورفضه الدخول في أي تحالف منذ انتخابات شهر يونيو، بالإضافة إلى فشله في اتباع سياسات استباقية، وإعادة النظر في قوائم أعضاء.
5-انتصار باهظ الثمن للعدالة والتنمية:
يبدو أن قيادات "العدالة والتنمية" وكوادره، كانوا مبتهجين بفوز ساحق، والذي لم يره أحد، إلا أن النتائج استطاعت دفع الحزب للسيطرة على السلطة، على الرغم من تجاوزاته، واستخدامه للعنف والاستبداد ضد المعارضة.
إذا واصل الحزب أفعاله التعسفية لتقويض الحكم في تركيا، والسيطرة على الأسواق الحرية، ووسائل الإعلام، ستعيش تركيا مناخ سام يسوده الاستبداد.
وإذا انتهت الانتخابات بإظهار تركيا كدولة تنتقل من الديكتاتورية إلى الديموقراطية على يد نظام ديموقراطي، سيتحمل حزب العدالة والتنمية بذلك أعباء اقتصادية وسياسية، ستكلفه الكثير، حتى لا تنحدر تركيا بعيد عن العالم المحيط بها.
6-قد تكون بداية النهاية لـداوود أوغلو- أردوغان:
فشلت تلك الانتخابات في دعم أردوغان بالأغلبية اللازمة للحصول على المزيد من الإصلاحات التنفيذية، ولكن حصل رئيس الوزراء التركي داوود أوغلو على نصر حقيقي، وأثبت قدرته على القيادة، وعزز موقفه داخل الحزب، مما يطرح اسئلة هامة من بينها "هل سيتمكن الاثنان من العمل معا بنفس التناغم؟"، "هل سيمل داوود أوغلو من العمل تحت وصاية أردوغان؟"، وإذا فشل الاثنان في التعامل معا، ستواجه تركيا منافسة سياسية عنيفة، وسيمر "العدالة والتنمية" بفوضى سياسي، وصراع كبير.