واشنطن - افراسيانت - بالتزامن مع ذكرى مرور 15 عاما على احتلال الجيش الاميركي العاصمة العراقية بغداد، الذي صادف امس الاثنين 9/4/2018، تولى جون بولتن الذي يعتبر أحد أبرز المتطرفين في صفوف المحافظين الجدد الذين دفعوا لاجتياح العراق عام 2003، وعمل بجهد حثيث لتلفيق الأدلة الكاذبة بشأن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل لتبرير العدوان الأميركي، تولى في ساعة مبكرة الاثنين مهامه في البيت الأبيض كمستشار للرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الأمن القومي.
وقال مصدر مطلع من دوائر اللوبي الإسرائيلي هذا "اليوم بكل تأكيد هو يوم مفرح لإسرائيل، كون بولتون من أشد المدافعين عن إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها باستخدام ضربات استباقية، وحقها في البناء في المناطق التي /تسيطر/ عليها (الضفة الغربية المحتلة)".
واضاف المصدر الذي كان يتحدث بحماس عن استلام بولتون لهذا الموقع ، على عكس إتش.آر.مكماستر (الذي غادر البيت الأبيض يوم الجمعة 6/4/2018) فإن "بولتون لا يهاب اتخاذ خطوات عسكرية ضد إيران والتنسيق العلني مع إسرائيل في كل شيء".
وحول تزامن الضربة الصاروخية الإسرائيلية التي استهدف قاعدة تيفور الجوية السورية في ريف حمص، وما إذا كان ذلك باعتقاده منسقاً، قال المصدر "لا أعرف إذا تم ذلك بالتنسيق مع بولتون أو أي مسؤول في الإدارة، ولكن من الصعب تخيل أن تتخذ اسرائيل خطوة بالغة الخطورة كهذه (قصف تيفور) دون التنسيق مع الإدارة الاميركية، يعني مع مجلس الأمن القومي، اي مع بولتون بالذات".
واشار إلى بولتون سيحضر اول اجتماع عشاء في البيت الأبيض من أجل تنسيق الخطوات التالية التي قد تتكلل بشن هجوم صاروخي واسع على قوى الدفاعات الجوية لسوريا "خاصة أن بولتون لم يكن مترددا منذ البداية في المطالبة بضرب قوى النظام السوري، وبالتحديد الدفاعات الجوية، حيث اتهم الرئيس السابق باراك أوباما بالتردد والتراجع وعدم إظهار القوة المناطة برئيس الولايات المتحدة وقائد القوات الأميركية الأعلى".
ويحظى ترامب بتأييد مطلق من اليمين الجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي المرتبط بأجندة اللوبي الإسرائيلي "إيباك" مثل السناتور ليندسي جراهام، عضو لجنة القوات المسلحة بالكونغرس، الذي صرح الاثنين، بأن "المجتمع الدولي في حاجة إلى الانخراط في الأزمة السورية وتدمير القوة الجوية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد" مشددا على انه "ينبغي أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يتم فيها إسقاط براميل متفجرة على المدنيين الأبرياء على يد سلاح الأسد، ونحن لدينا القدرة على تدمير سلاحه الجوي ... علينا استخدام هذه القدرة".
وحذر من انه إذا ما كانت تصريحات ترامب مجرد كلمات جوفاء دون معنى، فإنه سيفقد مصداقيته خلال مواجهة التهديد الكوري الشمالي، كما سيبدو ضعيفا في نظر روسيا وإيران، لذا فإن تلك اللحظة حاسمة، وهو أيضا ما تروج له منظمة "الدفاع عن الديمقراطيات" وهي واجهة للجيش الإسرائيلي.
وستركز محادثات مجلس الأمن القومي الأميركي بمشاركة بولتون للمرة الأولى، على "تدمير الإمكانات العسكرية الإيرانية في سوريا، وتغيير نظام الأسد ، ومواجهة إيران في الأراضي السورية" إلى جانب مجموعة من التحديات الملحة التي تتضمن (إلى جانب سوريا) المحادثات مع كوريا الشمالية ومستقبل الاتفاق النووي الإيراني، الذي يلح بولتون على انسحاب الولايات المتحدة منه.
وتشمل قائمة أهداف بولتون أيضاً، المحكمة الجنائية الدولية ومعاهدة حظر الصواريخ الباليستية وكوريا الشمالية وإيران والصين وروسيا والسلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى من ينعتهم بـ"أنصار التسويات".
وبدأ بولتون بتطهير البيت الأبيض، عشية استلامه حيث طالب الأحد، 8/4 باستقالة المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، مايكل أنطون، وهو بالفعل ما حدث.
ويجد بولتون، الذي يتسم بالعناد والتهور والميل لإثارة المتاعب، في الرئيس دونالد ترامب رفيقاً في درب ممارسة السياسات الملتهبة، وقد يعزز بولتون دوافع ترامب الأكثر عدوانية، كما يخشى منتقدوه، خاصة وأن بولتون، مثل رئيسه، يصف نفسه بأنه "مناصر للولايات المتحدة" ومدافع عن مصالحها، ويرى أن البلاد ضحت كثيراً بسيادتها منذ صعودها إلى سدة القيادة العالمية –وهو ما يتماشى مع مبدأ "أمريكا أولاً" الذي يتبناه ترامب.
وفي عالم دبلوماسية "العصا والجزرة"، يميل بولتون إلى استخدام العصا، إذ يصفه منتقدوه بأنه مروّج للحروب لم يسبق له أن واجه مشكلة لم يجد لها حلاً عسكرياً، وما يزال مؤيداً قوياً لغزو العراق، وقد اقترح شن هجمات على كوريا الشمالية وإيران لوقف برنامجيهما النوويين.
واشارت صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر الاثنين 9/4/2018 إلى أن بعض أشد منتقدي بولتون هم الذين عملوا معه في السابق، والذين يستخدمون كلمات مثل "متعجرف" و"غادر" و"خائن"، ويشعر البعض بقلق عميق إزاء عمله كمستشار لرئيس متقلب المزاج بالفعل، بحسب الصحيفة.
كما أن بولتون يكن عداءً مسموماً تجاه الإسلام والمسلمين، ولا يعتبره دينا.
ونشرت "نيويورك تايمز" مقالاً الاثنين تحت عنوان "تعيين بومبيو وبولتون يثير القلق بسبب صلاتهما بجماعات معادية للإسلام"، لفتت فيه إلى أنه بعد ما يقرب من شهرين على تفجير ماراثون بوسطن عام 2013، أدان مايك بومبيو، الذي كان آنذاك عضواً في الكونغرس من ولاية كانساس، الزعماء الإسلاميين الأميركيين لما وصفه بـ"صمتهم" رداً على الهجوم الإرهابي البشع. وقال بومبيو في جلسة لمجلس النواب، "الصمت يجعل هؤلاء الزعماء الإسلاميين في الولايات المتحدة متواطئين محتملين في هذه الأعمال" متجاهلاً أن أكثر من 6 منظمات اسلامية أميركية كبرى أصدرت في الواقع، بيانات تندد بالتفجير في غضون ساعات من وقوعه؛ وخلال الأيام التالية، نظمت جماعات إسلامية مؤتمرات صحافية وحملات للتبرع بالدم.
وقد أُبلغ بومبيو فوراً بأنه مخطئ، لكنه لم يعتذر ولم يرد على الجماعات الإسلامية التي تأثرت بتصريحاته. وقد اُختير بومبيو الآن ليحل محل ريكس تيلرسون كوزير للخارجية الأميركية، ومن المتوقع أن تنتظره جلسة مصادقة سلسة نسبياً في مجلس الشيوخ. ولكن البعض يثيرون القلق بشأن سجل بومبيو من التصريحات المعادية للمسلمين وصلاته بجماعات معادية للإسلام.