افراسيانت - الناصرة -“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:يعمل الائتلاف الحاكم في كيان الاحتلال الإسرائيليّ، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على تشريع “قانون القوميّة”، الذي تتضمن مسودته تعريف إسرائيل دولةً يهوديّةً بالأساس، وتفضيل ذلك على النظام الديمقراطيّ، بالقول إنّها “دولة يهودية وديمقراطية”. علاوةً على ذلك، تشمل مسودّة مشروع القانون هذا على أنّ تقرير المصير في فلسطين التاريخية هو حقُّ لليهود فقط.
وغنيٌ عن القول إنّ هذا القانون يُضاف لعشرات القوانين العنصريّة التي أقرّتها إسرائيل، ولعلّ السنوات الأخيرة كانت حافلةً بمجموعةٍ من القوانين العنصريّة، فقد فرضت تشريعات تحث وتنقص من حقوق الفلسطينيين وحرّيتهم، بالإضافة إلى تكريس وترسيخ الفاشيّة ضدّ الفلسطينيين، الذي ما زالوا يتشبثون بأرضهم ووطنهم منذ النكبة المنكودة في العام 1948، وتضييق الحيّز عليهم، علمًا أنّ الحيّز المُتاح أصلاً بات ضيّقًا للغاية، بسبب تسونامي التشريعات التي تُشرعنها الكنيست، بدعمٍ من الحكومة الأكثر يمينيّة في تاريخ دولة الاحتلال.
ومن المُحتمل ألّا يُغير قانون اليهودية شيئًا من واقع حال الفلسطينيين، بل سيُساهم في مزيد من انتقاص حقوقهم المعيشية، وإنْ كان القانون لن يتيح لهم اللجوء إلى المحاكم الإسرائيليّة، ممّا سيجعلهم يتعرّضون لمزيدٍ من التمييز وعدم المساواة داخل المجتمع الإسرائيليّ، علمًا أنّهم يُشكّلون أكثر من 20 بالمائة من عدد السكّان في دولة الاحتلال.
كما أنّ هذا القانون بكل صياغاته، التي لم يعتمدها الكنيست بعد والمرجح عرضها الأسبوع المقبل،المخففة والمتطرفة، يصب في خانة عدم المساواة وأحقية اليهود في تقرير مصيرهم وإلغاء الاعتراف باللغة العربيّة لغةً رسميّةً، وحصر حقوق الفلسطينيين بالحقوق الشخصيّة.
وفي هذا السياق، شاركت النائبة العربيّة عايدة توما-سليمان، رئيسة اللجنة البرلمانيّة للنهوض بمكانة المرأة (الجبهة-القائمة المشتركة) في جلسة لجنة الدستور الخاصّة في الكنيست لإتمام تحضيرات تجهيز اقتراح قانون القوميّة العنصري للقراءة الأولى في الهيئة العامّة في الكنيست، وذلك بعد إعادته إلى جدول أعمال الكنيست بأوامر مباشرةٍ من رئيس الوزراء نتنياهو.
وأكّدت النائبة توما-سليمان في مداخلتها إمام اللجنة على أنّ قانون القوميّة يُشكّل الأسس لنظام أبرتهايد في الدولة العبريّة، لافتةً إلى أنّ قانون القوميّة أثار معارضة المستشار القضائيّ للحكومة نفسه الذي وصفه “بالقانون الذي يُميّز بين المواطنين بشكلٍ واضحٍ”، ولكن ذلك لا يهمّ نواب اليمين، وخاًصّة النواب في حزب “كولانو” ورئيسه كحلون الذين لطالما أدعو أنّهم المدافعون عن أسس القانون في الدولة، لكن دعمهم لهذا القانون يفضح زيف ادعاءاتهم.
وأضافت النائبة توما-سليمان: هذا القانون هو أحد أخطر القوانين ويمنح التمييز والعنصريّة صبغة قانونيّة ورسميّة ويمسّ مسّا خطيرًا بالمواطنين العرب وبحقوقهم، بدءً بتشريع منع العرب من السكن في تجمعات سكنيّة وانتهاءً بالمس الخطير باللغة العربيّة كلغة رسميّة في هذه الدولة، على حدّ قولها.
وفي سياقٍ ذي صلةٍ، كانت وزيرة القضاء الإسرائيليّة آيليت شاكيد ألقت أخيرًا خطابًا في مؤتمرٍ لـ”الكونغرس الإسرائيليّ لليهوديّة والديمقراطيّة”، وتطرّقت فيه إلى تعديل قانون المواطنة الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينيّة قائلةً: “هناك حاجة للحفاظ على الأغلبيّة اليهوديّة حتّى لو كان الثمن المس بالحقوق”، معبّرةً عن انزعاجها من أنّ موقف الدولة وقرار القضاة في مداولات المحكمة لم يدافع عن القانون “من دوافع قوميّة وديمغرافيّة”، وفيما يتعلّق بقانون القوميّة قالت الوزيرة شاكيد إنّه قانون يهدف إلى منع قراراتٍ قضائيّةٍ مثل القرار في قضيّة قعدان، وهو القرار الذي سمح لعربيٍّ-فلسطينيٍّ من مناطق الـ48 السكن في مُستوطنةٍ يهوديّةٍ، وأنّها تدعم إقامة بلدات لليهود فقط.
من جهته، عقّب مركز عدالة على تفوّهات الوزيرة بأنّها تثبت أنّ مشروع قانون أساس القوميّة، كما تعريف الدولة كدولة يهوديّة في قوانين الأساس القائمة، يتناقض ويتعارض مع حقوق الإنسان وينتهكها، ويمس تحديدًا بمكانة المجتمع الفلسطينيّ. لذلك، تابع مركز عدالة، ليست مصادفة أنْ تُبرر شاكيد قانون منع لم الشمل، الذي يمس بالمواطنين العرب، وهو قانون لا شبيه له في أيّ دولةٍ ديمقراطيّةٍ، ويمنع المواطنين من تحقيق حياتهم العائليّة، وذلك بسبب انتمائهم القوميّ فقط. عمليًا، اختتم عدالة تعقيبه بالقول: صرّحت وزيرة القضاء الإسرائيليّ بأنّها ترى بالقانون وسيلة لتعزيز رؤيتها السياسيّة، وبحسب هذه الرؤية فإنّ العرب هم العدو لكونهم عربًا، وأنها تعمل لتجذير استبداد الأغلبيّة اليهوديّة.