افراسيانت - واشنطن - "القدس" دوت كوم - سعيد عريقات - علمت "القدس" الثلاثاء 27 شباط 2018 أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الذي تفاجأ تماما بقرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة بحلول الخامس عشر من أيار 2018 ، بالتزامن مع مرور 70 على النكبة وتهجير الفلسطينيين "العيد السبعين لتأسيس إسرائيل"، بات يشعر بأنه "في موقع ملتبس يكتنفه الغموض، خصوصاً في ضوء استئثار أربعة مسؤوليين أقوياء في الإدارة بكافة ملفات السياسة الخارجية الأساسية".
وبحسب المصدر المتابع للصراع على السياسة الخارجية وملفاتها فإن هؤلاء الأربعة هم: جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومستشاره الأول في مختلف القضايا، وخاصة ملف سلام الشرق الأوسط، والجنرال إتش. آر. ماكماستر، مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي، الذي يسيطر على ملف إيران ومنطقة الخليج (بما فيها الأزمة الخليجية بين السعودية والأمارات العربية والبحرين ومصر من جهة وقطر من جهة أخرى)، ونيكي هايلي، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة "التي تضطلع بالموقع الأول في الدبلوماسية الأميركية خاصة فيما يتصل بالملف السوري والروسي، وتتشارك مع ماكماستر في الملف الإيراني" ما أقحم الوزير تيلرسون في حالة من الإحباط بحسب المصدر.
وأكد المصدر لـ "القدس" أن الوزير تيلرسون "تذمر الأسبوع الماضي بشكل مباشر لكوشنر، (كون الرئيس ترامب لم يصغي اليه، قبيل إعلامه بشأن القرار بنقل السفارة الأميركية إلى القدس يوم 14/15 أيار المقبل، حيث أن عليه التوقيع على القرار)، بأنه من الصعب عليه إدارة السياسة الخارجية بمنطقية وعقلانية وثبات إذا ما كان هناك أربعة وزراء خارجية يستأثرون بملفات السياسة الخارجية الساخنة ، فكان رد كوشنر عليه باننا نحتاج إلى وزير خارجية يؤيد (سياسة) الرئيس (ترامب)" في تلميح منه أن تيلرسون يغرد خارج السرب.
يشار إلى أن كوشنر لم يحصل بعد على تصريح أمني "مطلق السرية" المطلوب لعمله كمستشار للرئيس في القضايا الحساسة التي تحتاج معرفة أدق الأسرار الأميركية، وذلك بسبب رفض المسؤوليين الأمنيين وعلى رأسهم الجنرال جون كلي، كبير موظفي البيت الأبيض.
وقال الجنرال كيلي انه لا يعتزم ان يوصي الرئيس بان يمنح كوشنر "تصريحا أمنياً عالي السرية" ولكنه لن يستقيل اذا قرر ترامب في نهاية المطاف القيام بذلك، وأن بإمكان كوشنر أن يستمر في أداء عمله دون انقطاع مما أربك طوابير المحللين في واشنطن.
من جهة ثانية نسبت وسائل إعلام أميركية بما فيها صحيفة "واشنطن بوست" لأحد المسؤوليين في البيت الأبيض قوله بأن الرئيس ترامب متردد في التدخل في هذه العملية، بسبب ما يمكن أن يعانى منه في وسائل الإعلام إذا ما اعطى كوشنر التصريح "بالغ السرية" ومكنه من الاطلاع على أدق أسرار الدولة الأميركية.
وفرض البيت الأبيض قيودا على ميزانية وزارة الخارجية في العام المالي الحالي (الذي بدأ في شهر تشرين الأول 2017 الماضي) وخفضها بمبالغ تقلص من دورها العالمي، فيما ستظل أكثر من 35% من المواقع المهمة في الوزراء شاغرة.
وعادت النزاعات بين تيلرسون وكوشنر مجددا مع بداية هذا الأسبوع خاصة وأن كوشنر يدفع بقوة لتوطيد علاقته بولي العهد السعودي، محمد بن سلمان ، وتجاوز الجميع لإبرام "صفقة القرن" لاتفاق سلام في الشرق الأوسط مقابل تأييد ترامب التغييرات الحيثية التي تشهدها المملكة العربية السعودية. .
ومنح كوشنر مهمة السلام في الشرق الأوسط كجزء من حقيبته الواسعة عندما تولى ترامب مهام منصبه فى شهر كانون الثاني 2017 ، وهو (بحسب شبكة سي.إن.إن) ما "يسبب شعوراً بالغاً بالضيق عند تيلرسون، الذي يعتقد بانها إستراتيجية خطيرة من جانب كوشنر، لانها تتضمن دفع اتفاق مع السعودية من شأنه ان يخلق كيانا فلسطينيا وتطبيعا بين إسرائيل وجيرانها العرب".
وفي المقابل، سيحصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على " موافقته" على خطط لإصلاح بلاده والرد القاسي على إيران.
وتفيد الشبكة بأن كوشنر لا يزال يعتقد أن ولي العهد السعودي يمكن أن يجبر الفلسطينيين على قبول الاقتراح، وهذا يغضب تيلرسون، الذي يعتقد بان كوشنر "ساذج".
و"لا يعتقد تيلرسون أن جاريد (كوشنر) يفقه أي شيء عن الشرق الأوسط ليستأثر بهذا الملف الخطير والدقيق" بحسب المصدر