افراسيانت - غزة - "القدس" دوت كوم - يرى مراقبون فلسطينيون أن التوتر الأخير الذي شهده قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية يعد الأشد منذ العدوان الإسرائيلي على القطاع صيف 2014 لكنهم لا يتوقعون انفجارا وشيكا للوضع الميداني.
وأعلن الجيش الإسرائيلي السبت إصابة أربعة من جنوده، حالة اثنين منهم خطيرة، جراء انفجار عبوة ناسفة تم زرعها قرب السياج الفاصل مع جنوب قطاع غزة.
ولاحقا شن الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات على مناطق متفرقة في قطاع غزة، قال الجيش، إنها استهدفت ستة أهداف تابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس، "بينها نفق أرضي ومواقع لتصنيع الوسائل القتالية".
وفي ساعات المساء، استشهد فلسطينيان وأصيب اثنان آخران بجروح جراء قصف مدفعي إسرائيلي ذكرت مصادر فلسطينية أنه استهدف مجموعة شبان اقتربوا من السياج شرق رفح جنوب قطاع غزة.
وقال المحلل السياسي من غزة المختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر لوكالة أنباء "شينخوا"، إن التقدير الإسرائيلي هو أن حادثة تفجير عبوة "حدث غير عادي في السنوات الأخيرة منذ حرب 2014".
ويشير أبو عامر إلى أن التقدير الإسرائيلي هو أن الاقتراب من السياج الفاصل وإخفاء العبوة ثم تفجيرها "يعني أن هناك اتفاقا بشأن ذلك مع المسئولين عن الحكم في غزة" في إشارة إلى حماس.
لكنه يستبعد أن تبادر إسرائيل في هذه المرحلة إلى شن هجوم عسكري واسع النطاق في قطاع غزة أو التصعيد مع الفصائل الفلسطينية فيه.
ويعتبر أبو عامر أن "التقدير الواقعي للأحداث قد لا يتجاوز الردود التقليدية الدورية من الجيش الإسرائيلي تجاه قطاع غزة باعتبار أن تركيزه لا يزال ينصب على الجبهة الشمالية" مع لبنان وسوريا.
وسبق أن شنت إسرائيل ثلاث هجمات عسكرية واسعة النطاق ضد قطاع غزة، الأولى نهاية العام 2008 وبداية عام 2009، والثانية في نوفمبر 2012 وصولا إلى الهجوم الأخير صيف عام 2014.
وأسفر الهجوم الأخير الذي استمر 50 يوما عن استشهاد أكثر من ألفي فلسطيني وجرح ما يزيد عن 10 آلاف آخرين، وانتهى بوساطة من مصر بإعلانها اتفاقا لوقف إطلاق النار.
وتزامن التوتر الأخير مع إسرائيل مع استمرار زيارة وفد من حماس برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية إلى مصر منذ مطلع الأسبوع الماضي.
وأصدرت حماس بيانا حملت فيه إسرائيل "النتائج المترتبة على تصعيدها المتواصل ضد قطاع غزة"، معتبرة أن "حجم الاعتداءات التي طالت العديد من مواقع المقاومة يعكس نواياها المسبقة بالتصعيد وتوتير الأجواء".
وكان لافتا إعلان كتائب القسام الجناح العسكري لحماس أن مضادات أرضية تابعة لها "تصدت" للطيران الإسرائيلي أثناء شنه غارات على قطاع غزة.
ويشهد قطاع غزة تزايدا في حوادث التوتر، بينها إطلاق نحو 20 قذيفة صاروخية على جنوب إسرائيل التي ترد بغارات موضعية منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من كانون الاول/ ديسمبر الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
كما تشهد الأطراف الشرقية لقطاع غزة منذ ذلك الوقت احتجاجات أسبوعية كل يوم جمعة قرب السياج الفاصل خلفت عشرات القتلى والجرحى بإطلاق نار إسرائيلي.
وتوقع الخبير العسكري الإسرائيلي يوحاي عوفر أن حادث تفجير العبوة السبت سيدفع الجيش الإسرائيلي إلى "تغيير أسلوب تعامله" مع الاحتجاجات الفلسطينية قرب السياج الفاصل.
وقال عوفر، إن الحادثة المذكورة "تعلي من شأن ظاهرة المظاهرات الشعبية على أجندة قيادة الجيش، خشية أن المسلحين الفلسطينيين يستغلونها لوضع عبوات ناسفة".
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي العميد رونين مانليس اتهم في بيان له حماس بأنها "تسعى لتحويل المنطقة الحدودية إلى ساحة لمواجهات تلقائية"، مؤكدا أن الجيش "لن يسمح بذلك".
يشار إلى أن فصائل فلسطينية كانت أعلنت حديثا أنها بصدد تنظيم تظاهرة شعبية حاشدة الشهر المقبل باتجاه السياج الفاصل مع إسرائيل ضمن خطواتها للضغط من أجل كسر حصار غزة.
وتوقع المحلل السياسي من غزة مصطفى إبراهيم في حديث لـ "شينخوا"، أن يتخذ الجيش الإسرائيلي في قادم الأيام "إجراءات أكثر صرامة لمنع المتظاهرين من الوصول للسياج الفاصل" وهو ما قد يزيد التوتر.
ويشير إبراهيم إلى أن الجيش الإسرائيلي سيعمل على الأغلب على تعزيز انتشار قواته على طول السياج الفاصل مع قطاع غزة، وزيادة جرعة الضربات بالقصف لردع الفلسطينيين وإبقاء تمسكه بالمبادرة.
ويرجح أن إسرائيل "تحاول تأجيل العدوان القادم على قطاع غزة، وتلعب على عامل الوقت للانتهاء من بناء الجدار" الذي تقيمه على طول السياج الفاصل مع القطاع.
ويتفق إبراهيم في أن إسرائيل "تعتبر حاليا أن الأولوية هي للخطر القادم من الجبهة الشمالية التي تعتبر أولوية تسبق غزة، فالحرب هناك ستكون أكثر خطورة وكلفة، وتعتقد إسرائيل أنها باللعب على عامل الوقت فإن الأمور في غزة قد تستمر في الهدوء".
في هذه الأثناء، لا يمكن فصل التوتر الحاصل في قطاع غزة عن التوتر المتصاعد في العلاقات الفلسطينية مع الإدارة الأمريكية منذ قرارها بشأن القدس وإعلان واشنطن قرب طرح خطتها للسلام.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي من غزة أكرم عطا الله في حديث لـ "شينخوا"، أن ثمة "رغبة" أمريكية بإنهاء حكم حماس في القطاع من شأنها التعجيل بانفجار الأوضاع فيه.
ويقول عطا الله إن "الرغبة الأمريكية بإنهاء حكم حماس في غزة يجب أن تؤخذ بجدية، خاصة أن لدى واشنطن مشروعا متكاملا للملف الفلسطيني ربما يندرج في اطاره إنهاء الوضع القائم في القطاع في ظل استمرار تعثر ملف المصالحة الفلسطينية".
كما أنه يبرز "رغبة إسرائيل الدائمة بنزع السلاح في قطاع غزة"، لكنه ينبه إلى أن كوابح الانفجار موجودة في ظل تطورات إقليمية عديدة منها التوتر على جبهة إسرائيل مع لبنان وسوريا وقرب إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر.
ويخلص عطا الله إلى أن "ما يتحقق من أمن على حدود غزة يغني عن الانفجار الشامل حتى الآن، والتهديدات المتبادلة تأتي في سياق التهديد بالقوة بديلاً عن استعمالها".