افراسيانت - مهند العدم - ما زالت تداعيات زلزال فوز دونالد ترامب بالانتخابات الامريكية، تثير القلق والذعر حول العالم، خاصة في المناطق الملتهبة بالشرق الاوسط بما فيها القضية الفلسطينية التي شهدت مؤخرا انسحابا امريكيا من جهود حل الدولتين، بعد ما صدر عن الرجل من تصريحات مغايرة لما دأبت عليه السياسة الامريكية في العقود الماضية تجاه المنطقة من شانها تغيير قواعد اللعبة.
ويتخوف الفلسطينيون من الرجل الذي أبدى مواقف متطرفة تجاه القضية الفلسطينية اثناء حملته الانتخابية، من خلال دعمه للاستيطان، وحديثه عن نقل السفارة الامريكية الى القدس، وهو ما دفع القيادة الفلسطينية الى الاستنفار في تحركاتها، داعية إياه الى التراجع عن تصريحاته والعمل بدل من ذلك الى دعم حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية.
وفي هذا السياق، يقول د. حسام زملط السفير الفلسطيني الجديد في واشنطن (من المنتظر ان يمارس مهام عمله في الفترة القريبة المقبلة)، في حديث لـ "القدس" دوت كوم، ان "القيادة الفلسطينية لا تنظر الى التصريحات في الفترة الانتخابات وانما تنظر الى القانون الدولي والى سياسات الولايات المتحدة المتبعة منذ عام 1967 وهي سياسة راسخة لم تتغير من قضية الاحتلال ولا من قضية الاستيطان، وهذا ما يهمنا وما ثبت لنا".
واضاف "نريد الانتقال من خانة القانون والمواقف الواضحة للولايات المتحدة تجاه القضية الفلسطينية الى خانة الفعل، وعلى هذا الاساس نحدد موقفنا تجاه الولايات المتحدة كمؤسسة ومنظومة متكاملة وليست تجاه تصريحات، حيث نتطلع الى العمل مع الادارة الجديدة من اجل تطبيق القانون الدولي والاجماع الدولي لاقامة الدولة الفلسطينية بما فيه موقف الولايات المتحدة الذي لم يتغير".
وحول ما اذا تواصلت القيادة الفلسطينية مع الادارة الامريكية الجديدة وحصولها على تطمينات حول الحفاظ على حل الدولتين وعدم نقل السفارة الامريكية الى القدس كما وعد ترامب خلال الحملة الانتخابية، قال ان "الادارة الامريكية الجديدة امامها طريق طويل لترتيب الفترة الانتقالية ولا يوجد وضوح في هذا السياق، لكن التواصل مع الادارة الامريكية الحالية مستمر حيث ان هناك قنوات مفتوحة دائمة مع الرئيس باراك اوباما"، مشيرا الى ان "الحديث عن نقل السفارة الامريكية الى القدس أمر غير جدي، وبالاساس هو أمر مرفوض ومخالف للقانون والمواقف الامريكية الثابتة، ولا يمكن تجاوزه".
وحول مدى تعويل القيادة الفلسطينية على الرئيس المقبل ترامب في حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وحديثه عن امكانية عقد صفقة بين الطرفين، قال زملط "نحن نريد إرادة سياسية لدى الادارة الجديدة باتجاه فرض القانون والارادة الدولية، ونتمنى ان يكون هذا الوضع" مضيفا "نريد سلاما قائم على الحق والقانون والاجماع الدولي لا من خلال صفقات".
وفي المقابل، احتفل اليمين الاسرائيلي بوصول ترامب الى البيت الابيض، حيث ارجع الخبير في الشؤون الاسرائيلية انطوان شلحت ذلك في حديث مع "القدس" دوت كوم، الى سببين رئيسيين اولهما: تصريحات ترامب خلال الحملة الانتخابية المتعلقة بقضية التسوية مع الفلسطينيين، وهي وعود تتماشى مع السياسة اليمينية الاسرائيلية واعتبار القدس "عاصمة موحدة لاسرائيل"، ودعم الاستيطان، وعدم فرض حل للدولتين، والسبب الثاني اليمين الذي يعتبر الادارة الامريكية الحالية ادارة فرضت قيودا على الاستيطان بما فيها القدس الشرقية وزوالها أمر مرحب فيه ليتسنى لهم الاستمرار بالاستيطان دون قيود.
وأشار الى انه "مقابل المعسكر المرحب بترامب، هناك معسكر اخر متخوف يرى ان تصريحات ترامب لا تمثل السياسة الامريكية، وهي وعود انتخابية جوفاء، ولا توجد اشارات قوية تدل على انه سيوفي بوعوده".
وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي، الدكتور احمد العزم، لـ"القدس" دوت كوم، ان "القارئ لمواقف ترامب بشكل دقيق يلاحظ انه لا يوجد ما يشير الى حدوث تغيير بالمواقف الامريكية تجاه الشرق الاوسط، حيث كانت مواقف الادارة الامريكية الحالية قليلة الاهتمام لدرجة الانسحاب من عملية صنع السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وهو ما ينطبق على توجهات ترامب المقبلة، مشيرا الى ان "ترامب سيواصل التهرب وعدم ممارسة الضغوط لفرض حل الدولتين، وسيترك القضية بيد اليمين الاسرائيلي مقابل توجيه انتقادات اقل مما كانت عليه الادارة الامريكية الحالية تجاه اسرائيل".
واضاف "ترامب قال انه سيواصل العمل على حل الصراع من خلال عقد صفقة بين الطرفين، اي ان الوضع القائم سيستمر دون ممارسة ضغوط وعدم فرض حلول، وان الصفقة بالاساس تريدها القيادة الفلسطينية وتسعى من اجلها منذ ربع قرن دون فائدة".
وتحدث عزم عن عدم وجود تغيير في المواقف الامريكية تجاه سوريا، من استمرار التردد الامريكي ازاء تسليح المعارضة ودعمها، وقد تقود العلاقة الجيدة بين ترامب والرئيس الروسي بوتين لقيادة وساطة مع النظام السوري لتعزيز هذا التردد وعدم دعم المعارضة، اضافة الى استبعاده لامكانية تراجع امريكا عن اتفاقها النووي مع ايران.
ويرى عزم ان "المواقف الامريكية قد تنقلب في حال حدوث حدث كبير ضد امريكا او في الشرق الاوسط، كما حصل في احداث الحادي عشر من سبتمبر والربيع العربي، او اذا ما قررت اسرائيل التصعيد، فاننا سنرى ردود فعل مختلفة عما سبقه".