هل يشكل الناتو مدخل العودة الامريكية الى الشرق الاوسط ؟

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

الديمقراطية ليست مِلكًا لدولة ما، وإنما هي قيمة للبشرية كلها.. هل يشكل الناتو مدخل العودة الامريكية الى الشرق الاوسط ؟
 
افراسيانت - في التاسع من ديسمبر بالعام 2021، بغض النظر عن الفوضى المتلاحقة في مجال الديمقراطية والعدد المتزايد للإصابات بفيروس كورونا المستجد داخل البلاد، عقدت الولايات المتحدة ما يسمى بـ"قمة القادة من أجل الديمقراطية" على نطاق واسع، حيث أجرت مهزلةً سياسيةً تحت سترة الديمقراطية، بغية تشويه القيم الديمقراطية وإحداث الانقسامات والمواجهات.وقد خرجت مجددا للقول بضرورة تصدير الديمقراطية الى منطقة الشرق الاوسط , وللاحياء المتجدد لمشروع الشرق الاوسط الكبير.


لطالما كانت أهداف مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي عملت عليه الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل هو القضاء على حركات التحرر والنضال في الوطن العربي والدول الأخرى الداخلة في خارطة المشروع وهي ايران وتركيا وأفغانستان وباكستان بالاضافة الى الدول العربية وشمال افريقيا.


ومن هذه الأهداف ادخال اصلاحات على مناهج التربية والتعليم في وزارات التربية في المدارس والجامعات ودعم وتحسين دور المرأة واشراكها في الحياة السياسية وعلى جميع الصعد ، والمساعدة على اجراء انتخابات حرة ونزيهة وتطبيق حكم القانون باقامة قضاء عادل ، وكذلك الحفاظ على الحرية وحقوق الانسان وانهاء الصراع العربي الاسرائيلي واقامة معاهد وكليات خاصة في الولايات المتحدة الامريكية وغيرها من الدول الغربية لاعداد علماء ووعاظ مسلمين وفقا للسياسة الجديدة.وهذا ما عبر عنه نتنياهو حينما وضع شروطا لوقف الحرب على قطاع غزة حينما اشار الى الضرورة لتغيير المفاهيم والقيم والعادات في المنطقو واسليب التعليم والمناهج مشيرا الى ان بعضا من العرب يدعمه في ذلك.


يهدف المشروع ايضا ، الى القضاء على حركات التحرر والنضال في الوطن العربي والدول المعنية الأخرى واعتبار هذه الحركات حركات ارهابية تهدد السلم المحلي والدولي ، وكذلك أمركة الفكر العربي وتدجين الثقافة العربية والقضاء على الذاكرة التاريخية للعرب والمسلمين لتقبل الشراكة مع اسرائيل مستقبلا وتقسيم الدول الى دويلات على أساس قومي ومذهبي وطائفي وعرقي كما جاولت امريكا في بعض الدول مثل العراق ويتنشر في الدول الأخرى وتفتيت الدول وتقسيمها وهو مانراه الآن في والسودان وما سيحصل في اليمن وليبيا ومصر وسوريا وربما السعودية ايضا.


ويبقى الباب مشرعا لأية تحولات سياسية واقتصادية في دول المنطقة وهدفهم الأهم هو نزع الهوية القومية من الوطن العربي وتقسيم دولها الى كيانات متعددة ، ولا يتحقق مشروع الشرق الاوسط الجديد الا بتجزئة التجزئة واحداث تغييرات في دول المنطقة واعادة رسم خريطة لها بسايكس بيكو جديد ، بغطاء وهمي هو الحرية والديمقراطية.


الجديد الان هو اشراك الناتو في مهمة بناء هذا الشرق الاوسط الجديد حيث تشير المعلومات بانه وبالرغم من طغيان الحرب على غزة على كل ما دونها من اخبار الا ان ما يتم تناقله من مصادر مختلفة في دول صناع القرار تفيد بان هذا الامر موضوع على سلم الاولويات وان تفاهمات جادة بدأت مع عدة عواصم عربية لفتح مكاتب ولو بمسميات مختلفة هي بالاساس مكاتب لحلف الناتو وللتنسيق بين الحلف ودول المنطقة بل ان الامر دفع بمحللين للقول بان الميناء الذي تريد الولايات المتحدة اقامته على شاطئ غزة وبتمويل خليجي بالطبع سيكون مدخلا للتواجد الاطلسي تحت باب حماية المساعدات الى اهل غزة ومن السخرية هنا ان كل هذا الجهد يمكن ان لا تحتاجه غزة لادخال المساعدات فيما لو ارادت امريكا ذلك لكن ادخال المساعدات يحتاج الى وقف لاطلاق النار وذلك يتعارض مع الموقف الامريكي التي تريد القضاء على المقاومة ليس في غزة فقط وانما القضاء على كل حركات المقاومة في المنطقة وايضا تحت ستار احداث الحكم الديمقراطي في المنطقة والذي راينا طريقته في العراق وليبيا وسوريا وغيرها من خلال الناتو الذي مارس الديمقراطية بالقنابل والقصف ومن ثم بما سمي بالربيع العربي وما احدث ذلك من تخريب للمنطقة وللشرق الاوسط يالعموم لم يتعافى مما حدث حتى الان .


بالعودة الى ما يسمى بـ"قمة القادة من أجل الديمقراطية" لم تحصل معظم دول غرب آسيا وشمال إفريقيا على "بطاقة الدخول" للقمة، بل تم تصنيفها على أنها "غير ديمقراطية". وبطبيعة الحال، قامت وسائل الإعلام الإقليمية بالكشف عن نفاق "الديمقراطية الأمريكية" التي تجعل الديمقراطية ملكية خاصة وأداة لبعض الناس. وقال الكاتب العراقي عبد الكلام بصراحة: "إنّ تعهدات التي قطعتها الولايات المتحدة للعراق حول الديمقراطية هي في الواقع وصفٌ سامّ لا يؤدي إلا إلى الظلم"، كما أن صحيفة لوموند التركية علقت بأن "قمة الديمقراطية" أثبتت مرة أخرى حيلة الولايات المتحدة في التلاعب بهويتها السياسية، وهي تجسيدٌ لأمراضها المستعصية مثل "أمريكا أولاً" و"الإسلاموفوبيا".


لا يحقّ على الولايات المتحدة أن تحكم ما إذا كانت دولة ديمقراطيةً أم لا. قال كونفوشيوس: "إذا كان المرء لا يستطيع تصحيح سلوكه، فكيف يمكنه تصحيح سلوك الآخرين؟" الولايات المتحدة تدعي أنها "منارة للديمقراطية"، لكنها ارتكبت الأشرار بشتى أنواعها في الشرق الأوسط. وتبقى الولايات المتحدة تتجاهل حق الشعب الفلسطيني وتساهم في حرب ابادة ضده ,، حتى تخلت علنًا خلال فترة إدارة ترامب عن "حل الدولتين" الذي اعترف به المجتمع الدولي عموما، مما أضر بمصالح الشعب الفلسطيني بشكل خطير.


في عام 2003، استغلت الولايات المتحدة وجود أسلحة الدمار الشامل كتهمة باطلة للإطاحة بنظام صدام، وهي زعمت أنها جلبت "الديمقراطية" و"الحرية" للشعب العراقي، لكنها استولت على نفطه وأمنه. واليوم، رغم أنه للشعب العراقي أصوات للاقتراع، لكنهم ما زالوا يقلقون على الرزق والمعيشة، ويخافون على سلامتهم الشخصية. قبل أيام قليلة، كتب السيد طارق الحميد رئيس التحرير السابق لصحيفة "الشرق الأوسط" مقالةً سائلا عما إذا كان للديمقراطية نمطٌ واحد فقط ويقاس بالمعايير الأمريكية فقط؟ وما إذا كانت ممارسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مثل الاحتلال العسكري وإثارة الاضطرابات ممارسات ديمقراطية؟ وكذلك أشار الباحث التونسي مرزوقي إلى أنه وفقًا لمنطق بايدن، لقد أصبحت الديمقراطية ناديًا حصريا يتم اختيار أعضائه بأساليب غير ديمقراطية، خدمةً لمصالح الولايات المتحدة. لقد أفقدت الأعمال الشريرة المتراكمة مؤهلات الولايات المتحدة من إصدار الأوامر في الشرق الأوسط. لا يمكن الحكم على ما ذا كانت دولة ديمقراطية أم لا إلا بشعوبها، ولا حقَّ للولايات المتحدة في إصدار أي حكم.


لا يحق للولايات المتحدة تقييم ما إذا كانت نموذج الديمقراطية لدولة ما جيد أم لا. ظلّت الولايات المتحدة تحكم على الإيجابيات والسلبيات للديمقراطية في جميع البلدان بناءً على منطق الهيمنة ووفقا لرغباتها، وهي تصف إيران وسوريا "العصيان" بـ"محور الشر"، وتقوم بالقمع ضدهما، وتحاول إحداث الصراعات والمواجهات في المنطقة من أجل استخدامها للحفاظ على الهيمنة. وأشارت "طهران تايمز" الإيرانية وكاتب العمود التركي حسن جمال بأن الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة ضد إيران والدول الأخرى لن تختفي إلى الأبد. وإن سجن أبو غريب وسجن غوانتانامو وغيرهما "بقاع سوداء" في مجال الديمقراطية لا تستطيع الولايات المتحدة محوها. بينما تتجنب الولايات المتحدة الحديث عن التمييز العنصري وعنف السلاح وغيرهما من أوجه القصور في بلادها، كما تتجاهل بشكل انتقائي ما قامت به من قتل المدنيين وانتهاك حقوق الإنسان في البلدان الأخرى. ويبيّن ما يذكر أعلاه أن مقاييسها للديمقراطية مثل عصابة مطاطية، وليست لها أي قدر من المصداقية على الإطلاق.لا يحق للولايات المتحدة الحكم على ما إذا كانت نموذج الديمقراطية في دولة ما ناجعا أم لا. بعد حادثة "9.11"، أطلقت الولايات المتحدة خطة "التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط الكبير" حيث زرعت قسرا الديمقراطية الأمريكية في العراق، مما أغرقت العراق في عقود من الاضطرابات وأدتْ إلى انتشار تنظيم "الدولة الإسلامية". في عام 2011، اندلعت الاضطرابات في العديد من البلدان في غرب آسيا وشمال أفريقيا، لكن الولايات المتحدة ادّعت بأن المنطقة استقبلت "موجة من التحول الديمقراطي"، وحرضت على "الثورة الملونة" في العديد من البلدان، وأقدمت على التدخلات المسلحة في سوريا وليبيا واليمن ودول أخرى بشكل سافر، الأمر الذي لم يؤد إلا إلى الفوضى والتدمير وتشرد الشعوب، وما زال يُغرق المنطقة في الاضطرابات. أن الدوس على سيادة الدول الأخرى باسم "التحول الديمقراطي" لن يؤدي إلا إلى الفشل والمشاكل التي لا تنتهي. لأنّ الديمقراطية هي القيمة المشتركة للبشرية جمعاء، وليست حكرا على أيدى أي بلد، لذا يجب أن يكون أشكال الديمقراطية وطرق تحقيقها ومتنوعًا في منطقة الشرق الأوسط التي تتمتع بالتراكم التاريخي العميق والثقافات الدينية الملونة.


الان تسعى إدارة بايدن لوضع خطط لدعم حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم والشرق الأوسط. كما قالت متحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي1،  موضحة أن الإدارة الأمريكية بدأت منذ كانون الثاني/ يناير 2021 في اتخاذ مواقف تظهر دعمها للديمقراطية ورفضها لانتهاكات حقوق الإنسان، مثل توقيعها بيانا مشتركا لمجلس حقوق الإنسان 46، يدعو مصر إلى تحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان، وكإبداء القلق  والمخاوف لدى الحكومة العراقية بشأن حالة حقوق الإنسان في العراق ، وحثها جميع القوى السياسية العراقية على احترام حقوق الإنسان والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. وأضافت المتحدثة بأن إدارة بايدن لم تضع، بعد، خططا محددة تجاه كل ملفات حقوق الإنسان في المنطقة، وأنها ستسعى إلى التعامل مع كل دولة بشكل منفصل.


إعادة الولايات المتحدة خطاب ترويج الديمقراطية يطرح تساؤلا عن القيم والمصالح والمعايير التي ستوازن بها علاقاتها بحكومات عربية ترتبط معها بمصالح استراتيجية من جهة، ومن جهة أخرى إظهار رفضها انتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة. ستواجه الولايات المتحدة إشكاليتين تتعلقان بمصداقية طرحها لترويج الديمقراطية في المنطقة العربية، الأولى تتعلق بسياستها تجاه قضايا المنطقة، والثانية انحيازها للنخب الحاكمة.


السؤال الان هل تستطيع الولايات المتحدة اعادة انتاج كذبها وتضليلها فيما يتعلق بالترويح للديمقراطية , وهل يمكن ان يكون الناتو مجددا مدخلا افرض زيف الديمقراطية الامريكية ولو بالنار ؟

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology