ليست امريكا وحسب وانما هو الغرب المجرم والمنافق!!.. الوجود العسكري الامريكي والموقف التركي

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - اتّهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الدول الغربية بالمسؤولية عن مجازر الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، مؤكدا أن أنقرة تحضّر لإعلان إسرائيل مجرمة حرب أمام العالم. وعلى الفور أعلنت إسرائيل استدعاء ممثليها الدبلوماسيين بتركيا.


وقال في خطاب أمام مظاهرة حاشدة لنصرة غزة في إسطنبول، إن مَن كانوا يسكبون دموع التماسيح على أوكرانيا يصمتون الآن إزاء ما يجري في غزة.


وأضاف أردوغان، "نحن لا نُندّد هنا بالمجزرة الحاصلة في غزة فحسب؛ بل ندافع -أيضا- عن استقلالنا ومستقبلنا".


وأكد الرئيس التركي أن إسرائيل ليس لديها أدنى اكتراث بشأن قتل المدنيين في غزة، وهم يقولون بكل صراحة ووضوح، "نحن نعرف القتل جيدا"، لكنهم سيدفعون ثمن ذلك باهظا.


وشدد على أن إسرائيل دولة احتلال، وما تفعله ليس دفاعا عن النفس، بل مجزرة واضحة ودنيئة تهدف للقضاء على سكان غزة بشكل جماعي، عن طريق التجويع والعطش وتدمير خدماتهم الصحية.


وجدد أردوغان التأكيد على أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ليست منظمة إرهابية.


وتابع، أن "إسرائيل انزعجت من تصريحي بأن حماس ليست حركة إرهابية، وشعرت بإهانة شديدة من هذا. وأنا أتحدث بوضوح؛ لأن تركيا لا تدين لكم بأي شيء بعكس الدول الغربية".


ربما هي المرَّة الأولى في تاريخ الصراع العربيّ- الإسرائيلي، الذي تجدُ فيه تركيا نفسَها في قلبِ الصراع، بل على مسافة قريبة للغاية من تداعيات الجولة الحالية، التي بدأت من غزّة بعملية "طوفان الأقصى"، والمرشّحة للتوسّع على حساب بلدان أخرى في مقدّمتها لبنان.


كثيرون انتقدوا استجابة الرئيس رجب أردوغان، للأزمة قياسًا على مواقف سابقة، آخرها – على سبيل المثال- ما حدث عام 2018، حيث تمَّ طرد السفير الإسرائيلي من أنقرة، والقنصل العام من إسطنبول.


هذا الانتقاد يعكسُ في أحد معانيه، قياسًا بالماضي، لكنه يغفُل – ربما بسبب المجازر التي تشهدها غزة على مدار اليوم – اختلافَ طبيعة هذه الجولة، وأنّه من الصعب أن تنتهي مثل الجولات السابقة، إذ إنَّ النتائج الجيوإستراتيجيَّة المرتقبة لهذه الجولة هائلة، وستحدّد شكل النظام العالمي الجديد الذي يتشكّل منذ فترة.


لذا كان واضحًا منذ البداية أنّ تعامُلَ أنقرة مع الأزمة سيكون أكثر هدوءًا، وأشد فاعليّة؛ لأنّها بكل بساطة في قلب الأزمة.


في حوارِه المهم مع شبكة TRT يوم 20 أكتوبر الماضي، أكَّد وزير الخارجيَّة، هاكان فيدان، أنَّ ما تفعله إسرائيل في قطاع غزة "جريمة بحقّ الإنسانية دون اختلاق أعذار". ثمَّ عاد في اليوم التالي- وخلال كلمته في مؤتمر القاهرة للسلام- ليؤكّد إدانة تركيا المذابحَ التي تحدث للشعب الفلسطينيّ في غزّة، داعيًا إسرائيل إلى التوقّف عن ذلك فورًا.


وفي مقابل الهجوم الوقح الذي شنّته الوفود الأوروبية المُشاركة في المؤتمر ضد حركة حماس، وعموم المقاومة، ركَّز فيدان في كلمته على فضح الممارسات الإسرائيلية، محذّرًا من اتساع نطاق الحرب لتشمل الإقليم بأكملِه، ما سيكون له تداعيات كارثيّة على مجمل الأمن والسلم الدوليَين.


هنا يجب التذكير بأنَّ الإستراتيجية التركية ترى أنَّ هذه الجولة من الصراع فرصة مواتية لإقرار سلام دائم، لأنَّ البديل هو الحرب المتكرّرة، أو حَسَب ما يؤكد فيدان أنه:


" إذا لم يتم اختيار مسار السلام الدائم، فإن حربًا دائمة تنتظرنا في المنطقة"، إذ تؤكد تركيا – والكلام لا يزال لفيدان – أن إسرائيل تحتجزُ قرابة 2.5 مليون شخص في سجون مفتوحة في غزّة، وأنّ هذا الوضع لن تسمح به أنقرة.


هناك انطباعٌ سائدٌ في تركيا على عدّة مستويات حزبية وبحثية وشعبية، أنَّ تركيا أحد الأهداف المحتملة للحشد العسكري الأميركي شرق المتوسط وعموم المنطقة، خاصةً بعد إرسال واشنطن حاملتَي طائرات، مدعومتَين بقطع بحرية متعددة، كما أرسلت بريطانيا إحدى حاملات الطائرات، فيما دعمت اليونان التظاهرة البحرية بسفينة حربية.


هذا التدفّق العسكري إلى المنطقة، دفع تركيا إلى إجراء مناورة بحرية في نفس المِنطقة بدأت يوم 16 أكتوبر لمدّة خمسة أيام.


فخطر الدُّويلة الانفصالية لصالح تنظيم حزب العمال PKK والذي تدعمه الولايات المتحدة بقوّة، لا يزال قائمًا، وقد تستغل واشنطن حالةَ الفوضى المتوقعة، إثر اتساع نطاق الحرب في غزة، لتمرير المشروع.


كما تدرك أنقرة أن الحشد العسكري الأميركي، وتدخلها الصريح المرتقب في النزاع حال اشتداده، لن يتوقّف على غزة، بل سيعمل على إعادة ضبط أوضاع المنطقة وَفق الإعدادات الأميركية الكفيلة بتحقيق مصالحها، وحينها لن تكون تركيا بعيدة عن تلك المخطَّطات.


لذا كان ملاحظًا هذه المرة، أنّه بينما التزم أردوغان جانب الهدوء، فإن التصعيد كان من نصيب حليفه المقرّب، زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، الذي طالب الدولة في تدوينة مفاجئة على موقع "X" يوم 21 أكتوبر بـ " أن تُسرع بالتدخل والقيام بكل ما هو ضروري من منطلق مسؤولياتها التاريخية والإنسانية والدينية"، مؤكدًا أن إرث الدولة التركية هو "القيام بمهمة حماية غزة وحمايتها".
هذه التّصريحات فُهِم منها أنَّ الرجل يشير إلى التدخل العسكري، وقال البعض: إنه لم يكن ليقول ذلك قبل التنسيق مع أردوغان نفسه.


تصريحات بهجلي أحدثت جدلًا واسعًا في الأوساط الشعبية والحزبية، إذ سارع رؤساء أحزاب: المستقبل، والسعادة، والرفاه الجديد، إلى تأييد دعوته، وتباحث معه أحمد داود أوغلو عبر الهاتف- في محادثة نادرة الحدوث- بشأن كيفيّة تفعيل تصريحاته وتحويلها إلى إستراتيجية معتمدة للدولة التركية.


قبل سنوات كادَ الخلاف بين تركيا، ومصر في ليبيا، أن يتحوّل إلى مواجهة عسكريَّة، لكن التطوّرات الدولية والإقليمية دفعتهما إلى تطبيع العَلاقات مرّة أخرى، وفتح صفحة جديدة من العلاقات وصولًا إلى الأزمة الحاليّة.


الدولتَين تمتلكان رؤية متقاربة إزاء الأزمة، وإن اختلفت آليات التّعامل ومساحات الحركة، لكنّ اجتياحًا بريًا إسرائيليًا متوقعًا لقطاع غزّة، سيفرض على الدولتَين تنسيقًا مشتركًا سياسيًا وربما عسكريًا لمواجهة آثار وتداعيات الانفجار المرتقب.


هذا التّنسيق الذي تعمل عليه أنقرة مع القاهرة من الآن، سيضمّ أطرافًا أخرى بطبيعة الحال، أهمها قطر وربما السعودية. فوحدة دول المنطقة واستمرار تماسكها، باتت على المحكّ، والبداية ستكون من غزة، لكنها لن تكون النهاية.


فالرئيس الأميركي، جو بايدن يقول إن: "الإنسانية" باتت في حاجة إلى نظام عالمي جديد، وإن بلاده هي من ستتولى ذلك التأسيس.


الرئيس التركي رجب طيب إردوغان دعا للضغط على الولايات المتحدة لحملها على وقف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، مشددا في الوقت نفسه على أنه لن يكون هناك أي اتفاق ما لم تقبل واشنطن بأن القطاع أرض فلسطينية.


عاد إردوغان من قمة السبت لدول الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي استضافتها الرياض ودان القادة خلالها " عدوان" إسرائيل من دون الاتفاق على تدابير ملموسة ضدها.


وقال إردوغان لصحافيين أتراك على متن رحلته العائدة من الرياض "علينا عقد محادثات مع مصر ودول الخليج والضغط على الولايات المتحدة".


وأضاف "على الولايات المتحدة تكثيف ضغطها على إسرائيل. على الغرب أن يكثّف الضغط على إسرائيل.. من الضروري لنا أن نضمن وقفا لإطلاق النار".


ولم يستبعد الرئيس التركي الذي لم يلتق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته أنقرة في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، عقد لقاء مع الرئيس الأميركي جو بايدن.


وشدد إردوغان على وجوب أن تقبل الولايات المتحدة بأن غزة أرض فلسطينية.


وقال "لا يمكننا الاتفاق مع بايدن إذا تعامل (مع النزاع) باعتبار غزة أرضا للمستوطنين المحتلين أو لإسرائيل، بدلا من كونها أرض الشعب الفلسطيني".


انتقدت تركيا بشدة حملة القصف المدمر والعملية البرية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة


وتركيا مرشحة عمليا لعضوية الاتحاد الأوروبي، وإن كان ذلك يبدو احتمالا مستبعدا. وأدى وصف إردوغان لحماس على أنها حركة "تحرير" إلى توتر العلاقات مع بلدان التكتل التي تصنفها منظمة "إرهابية".


ويعد موقفه متناقضا تماما مع موقف برلين، الدولة الأكثر سكانا في الاتحاد الأوروبي.


وفي تقريره السنوي الأخير بشأن التقدّم الذي حققته الدول المرشحة للعضوية الصادر هذا الأسبوع، لفت الاتحاد الأوروبي إلى أن "خطاب (تركيا) الداعم لمجموعة "حماس الإرهابية "بعد هجماتها ضد إسرائيل.. لا يتوافق إطلاقا مع نهج الاتحاد الأوروبي".


وقال إردوغان إن "الاتحاد الأوروبي يفكّر تماما مثل إسرائيل في ما يتعلق بحماس. لكننا لا نفكر مثلهم".


وأضاف "أرى حماس كحزب سياسي فاز في الانتخابات في فلسطين. لا أرى الأمر بالطريقة التي يرونه فيها".


منذ الساعات الأولى لمعركة “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية – حماس ضد قوات الاحتلال في غزة، وقفت معظم الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمركية صفاً واحداً خلف “إسرائيل”. وقد كررت هذه الدول موقفاً موحداً من الحرب، على شكل دعم غير محدود وغير مشروط وبالتالي غير مسبوق لقوات دولة الاحتلال لما أسموه “الدفاع عن نفسها”.


بعد أيام من اندلاع الحرب، كان الرئيس الأمريكي جو بايدن يحضن نتنياهو الذي لم يكن على وفاق معه، وتجاوز فكرة الدعم ليطلب هو من الأخير أن “يرد بحزم على الهجوم الإرهابي” على حد تعبيره. وقد كرر بايدن في تل أبيب ثم في واشنطن كل أركان البروباغندا “الإسرائيلية” التي ثبت لاحقاً كذبها مثل قطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء وحرق الجثث وما إلى ذلك، رددها أكثر من مرة رغم نفي البيت الأبيض اللاحق، كما رددها من بعده وزير خارجيته أنطوني بلينكن أمام الكونغرس دون أن يرف له جفن.


الدعم الأمريكي – الغربي لم يقف عند حدود السياسي والإعلامي، فقد خصصت الولايات المتحدة مبالغ ضخمة من الدعم المالي المباشر لـ “إسرائيل”، كما حضرت بحاملات طائراتها إلى حوض البحر المتوسط. إذ أرسلت أولاً، وبعد ثلاثة أيام فقط من بدء المعركة حاملة الطائرة “جيرالد فورد” ثم ألحقتها بعد أيام بـ “دوايت آيزنهاور”. ومثلها فعلت عدة دول غربية في مقدمتها بريطانيا التي أرسلت قطعتين بحريتين إلى المنطقة، فيما كانت أسلحة الدول الأخرى مركزة في سلاح الجو بهدف إجلاء رعاياها كما أعلن.


كما مدت الولايات المتحدة دولة الاحتلال بكميات ضخمة من العتاد العسكري المتنوع وعلى رأسه الدفاعات الجوية مثل الصواريخ الاعتراضية والذخائر وفي مقدمتها القذائف المدفعية، التي قالت إنها تأكيد على “التزامها الحازم بأمن إٍسرائيل وتصميمها على ردع أي دولة او جهة غير حكومية تسعى لتصعيد الحرب”. وقد نقل العتاد العسكري الأمريكي لعدة مطارات “إسرائيلية” مثل بن غوريون ورامون وقاعدة نيباطيم، وكذلك لدول أخرى. كما أرسلت واشنطن سفينتين إلى البحر الأحمر لاعتراض صواريخ ومسيرات الحوثيين المطلقة من اليمن على ما أعلن.


فيما أعلنته واشنطن أنها لا تسعى لنشر قواتها على الأرض، وإنما “ستحمي المصالح الأمريكية في المنطقة”، وهو أمر مشكوك به في ظل تقارير كثيرة تحدثت عن تواجد قوة دلتا الأمريكية على الأرض للمساعدة في البحث عن الأسرى الأمريكيين، وبكل الأحوال فإن الوجود العسكري الأمريكي يكاد يكون غير مسبوق في المنطقة.


ولذلك فإن فكرة الدعم الرمزي وإرسال رسائل التضامن مع “إسرائيل” لا تكفي لتفسير كل هذه الحشود التي يبدو أنها ستستمر وتزداد. ثمة بعد آخر واضح بل ومعلن، وهو محاولة تخويف وردع إيران والمجموعات المرتبطة بها وخصوصاً حزب الله في لبنان من دخول الحرب إلى جانب حركة حماس، إذ تسعى الولايات المتحدة لإتاحة الفرصة لقوات الاحتلال للاستفراد بغزة والمقاومة الفلسطينية ومنع تقديم أي دعم أو تضامن عملي – عسكري لها.


وهناك بعد ثالث في اعتقادنا يرتبط بتأثيرات يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر وما أنجزته المقاومة الفلسطينية فيه وتبعاته على المدى البعيد، وفي مقدمتها فقدان الثقة بالمؤسسة العسكرية والأمنية لدى الاحتلال والخلافات الكبيرة بين الحكومة ونتنياهو من جهة والمؤسسة العسكرية والأمنية من جهة ثانية. ولذلك، فالوجود الأمريكي هو محاولة لضمان احتواء هذه التداعيات وعدم تركها لتعصف بمستقبل “إسرائيل”، حيث تشعر واشنطن فيما يبدو بمخاطر استراتيجية على “حاملة طائراتها الأكبر في الشرق الأوسط” كما يشار إلى “إسرائيل” عادة.


هذا كله فيما يتعلق بالمعركة الدائرة حالياً وبعض الأطراف الأكثر انخراطاً فيها أو المحتمل انخراطها عسكرياً. لكن، هل هذه هي فقط الرسائل الأمريكية من الوجود العسكري المباشر والدعم اللامحدود وتداعياته المحتملة؟


ليس متوقعاً أن يكون الوجود العسكري الأمريكي في شرق المتوسط قصير الأمد، وهو من هذه الزاوية يحمل رسائل ذات دلالات واضحة وتداعيات محتملة على عدة قضايا ودول وأطراف. وهنا، من قصر النظر القول إن إيران هي المقصودة حصراً بهذه الرسائل، رغم أنها أول وأهم المقصودين بها. إن التصريحات وردات الفعل الروسية والصينية تظهر كيفية قراءة هذا التحرك العسكري في كل من موسكو وبيجين.


من جهة أخرى، فإن الوجود العسكري الأمريكي في شرق المتوسط ذو تأثيرات مباشرة وعميقة على عدة قضايا إضافة للحرب في غزة واحتمالات توسعها في المنطقة، تبدأ بالملف السوري، وتمر بالملف الليبي، ولا تنتهي بالصراع على رسم الحدود البحرية والتنافس الجيوسياسي وعلى مصادر الطاقة، ما يضع تركيا كذلك في موضع التضرر و/أو الاستهداف.


ذلك أن هذا القدر من الحشد العسكري الأمريكي يعقد حسابات أنقرة لمكافحة الإرهاب في سوريا، والدور الذي تلعبه في ليبيا، وكذلك – وهذا الأهم – يسعى لكسر التوازن في شرق المتوسط بين أنقرة وأثينا. فحاملة الطائرات الأمريكية لم تجد لها مكاناً في كامل البحر المتوسط إلا جوار سفينة عبد الحميد التركية للتنقيب عن الغاز وعلى خط خريطة إشبيلية لترسيم الحدود البحرية ومناطق الصلاحية المدعومة أوروبياً، وكأن واشنطن تقول لأنقرة إنها تعتمد هذا الخط وتدعم السردية اليونانية، وفق قراءة الأميرال المتقاعد جهاد يايجي.


أكثر من ذلك، فقد حظيت اليونان بحصة كبيرة من تموضع القوات الأمريكية في المنطقة حيث تعدها واشنطن على “مسافة آمنة” من المعركة في غزة، كما أن أثينا فتحت قواعدها ومطاراتها العسكرية للقوات الأمريكية “لدواع إنسانية” مثل إجلاء الرعايا على ما صدر عنها. فإذا ما أضفنا ذلك لبعض التقارير التي تحدثت عن عزم الولايات المتحدة تقديم بعض الأسلحة لليونان كهبة أو تبرع، سنكون أمام قراءة مختلفة ومهمة لرسائل الوجود الأمريكي في المنطقة من الزاوية التركية، لا سيما وأن أنقرة تنظر بقلق في السنوات القليلة الأخيرة لزيادة التموضع العسكري الأمريكي في اليونان لدرجة أن وزير الخارجية السابق مولود جاويش أوغلو قال إن اليونان “تحولت إلى قاعدة عسكرية أمريكية”.


من المهم الإشارة إلى أن هذا الموقف الأمريكي الضمني من تركيا ليس نابعاً بشكل حصري من الخلافات التركية – الأمريكية أو التنافس التركي – اليوناني، وإنما له علاقة مباشرة بالحرب على غزة. ولذلك كان لافتاً أن الرئيس الأمريكي تجنب التواصل هاتفياً مع الرئيس أردوغان بخصوص الحرب كما فعل مع رؤساء آخرين، فيما يبدو بسبب الموقف التركي الرافض للحرب والداعي لوقف إطلاق النار، وهو ما لا تريده واشنطن. كما أن وزير الخارجية بليكن تجنب زيارة أنقرة في جولته الأولى للمنطقة، وعليه، لا يمكن النظر للحرب على غزة على أنها مواجهة محلية، إذ أن الاصطفاف الغربي شبه الكامل خلف “إسرائيل” يوحي بموقف دولي نابع من نظرة استعلائية للمنطقة، ما يلقي الضوء على تحذير أردوغان للغرب من جعلها حرباً دينية أو ذات بعد حضاري بين الشرق والغرب.
إن نتائج المعركة الحالية في غزة ستكون ذات أثر مباشر وسيكون لها تداعيات غير مباشرة على المدى البعيد على مختلف الأطراف، وتضع الجميع في بؤرة التقييم من زاوية التوازن بين المسؤوليات والأداء وتجعل المصائر متعلقة ببعضها البعض، ليس في البعد الإنساني والأخلاقي وحسب، ولكن كذلك وفق الأبعاد العسكرية والسياسية والاستراتيجية.
 
في استعراض كبير للقوة العسكرية، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إن البنتاغون أمر بإرسال مجموعة حاملة طائرات هجومية ثانية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، بينما تستعد إسرائيل لتوسيع عملياتها في غزة.


وإلى جانب حاملة الطائرات الهجومية "يو إس إس دوايت دي أيزنهاور" التي تبحر نحو إسرائيل، سبق لواشنطن أن أرسلت أكبر حاملة طائرات في العالم، "يو إس إس جيرالد آر فورد"، تزامناً مع القصف الجوي العنيف الذي تشنه إسرائيل على الأحياء المدنية في قطاع غزة منذ أكثر من أسبوع.


وعلى الرغم من أن الهدف المعلن من نشر الحاملتين وسفنهما هو أن تكون بمنزلة رادع يضمن عدم اتساع نطاق الصراع، غير أنها تجلب قدراً كبيراً من القوة إلى منطقة تستضيف بالفعل عدداً من السفن والطائرات والقوات العسكرية الأمريكية. وهو الأمر الذي دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لانتقاد الولايات المتحدة يوم الثلاثاء قائلاً إنها سترتكب "مذابح خطيرة" في غزة، وفقاً لما نقلته


يؤكد وزير الدفاع لويد أوستن في بيان نشر القوات: "لقد وجهت المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات يو إس إس دوايت دي أيزنهاور (CSG) بالبدء في التحرك إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، وذلك في إطار جهودنا لردع الأعمال العدائية ضد إسرائيل أو أي جهود تهدف إلى توسيع نطاق هذه الحرب في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل".


وبحسب سي إن إن، فإنه ليس المقصود من السفن الحربية الأمريكية الانضمام إلى القتال في غزة أو المشاركة في العمليات الإسرائيلية، لكن وجود اثنتين من أقوى السفن البحرية يهدف إلى إرسال رسالة ردع إلى إيران وحزب الله في لبنان.


وفي حديثهم لشبكة أي بي سي نيوز، قال مسؤولون أمريكيون كبار علناً هذا الأسبوع إن وجود المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات يو إس إس فورد في شرق البحر الأبيض المتوسط وإضافة المزيد من الطائرات المقاتلة التابعة للقوات الجوية الأمريكية إلى المنطقة كان يهدف إلى إظهار التزام الولايات المتحدة تجاه إسرائيل ويكون بمنزلة رادع لإيران وحزب الله بعدم التورط في الصراع بين إسرائيل وحماس.


وإذا ما تدهور الوضع إلى حرب أوسع، فإن حاملة الطائرات ومرافقيها يشكلون قوة إجلاء استعداداً لما يقرب من 200 ألف أمريكي في إسرائيل (معظمهم يحملون الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية). إذا أُغلقت المطارات، وقررت الولايات المتحدة سحب مواطنيها، فإن حاملات الطائرات ومرافقيها سوف تتولى الدور المركزي، وفق بلومبيرغ.


في الوقت الحالي، يعكس هذا الحشد مخاوف الولايات المتحدة من أن القتال في غزة يمكن أن يتصاعد إلى صراع إقليمي أكثر خطورة. لذا فإن المهمة الأساسية لتلك السفن والطائرات الحربية هي إقامة قوة تردع حزب الله أو إيران أو غيرهما عن استغلال الوضع، وقال مسؤول دفاعي أمريكي للشبكة الأمريكية إنه من غير الواضح كم من الوقت ستبقى فورد في المنطقة بمجرد وصول المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات أيزنهاور.


وإلى جانب حاملات الطائرات، تقدم الولايات المتحدة بعض الأفراد والذخائر التي تشتد الحاجة إليها في إسرائيل. إذ أعلن أوستن أن خلية عمليات خاصة صغيرة تساعد الآن إسرائيل بالاستخبارات والتخطيط، وتقدم المشاورات للجيش الإسرائيلي بشأن الاجتياح البري. ومع ذلك، لم تكلّف تلك القوات بمهمة إنقاذ الرهائن، الأمر الذي من شأنه أن يضعهم على الأرض للقتال في الصراع. وهذا أمر لم توافق عليه إدارة بايدن، وفقاً للمتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي الذي قال إن الإسرائيليين لا يريدونه.


وعلى صعيد متصل، تعمل الولايات المتحدة على إقناع شركات الدفاع الأمريكية بتسريع طلبات الأسلحة التي تقدمها إلى إسرائيل. ومن أهم هذه الأسلحة ذخائر نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي "القبة الحديدية".


لا شك ان الفعل الامريكي المنحاز تماما للكيان الصهيوني سيضع الولايات المتحدة الامريكية حتما في موقع العدو الرئيسي للعرب وللفلسطينيون على وجه الخصوص ورغم ان الراي العام الامريكي رفض بكل قوة الموقف المعلن والمشارك في العدوان ضد الفلسطينيين الا ان الامر يبدو وكانه مجرد تظاهرات لم تقبل بها رئاسة بايدن ولا وزير خارجيته الذين اكدوا تماما على انحيازهم السافر مع الكيان الصهيوني مباركين الجرائم التي يرتكبها والابادة الجماعية حيث ان الادارة الامريكية اصبحت يداها ملطخة بدماء اطفال ونساء وشيوخ فلسطين لتثبت انها هي العدو الاول للانسانية والعدو المستمر للشعوب التي تتطلع الى حريتها لكن يبدو ان هذا الامر لن يستمر ولا شك ان الولايات المتحدة ستدفع ثمن كل ذلك .

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology