الغرب وتزييف الحريات

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - أشعلت حادثة حرق نسخة من القرآن الكريم في العاصمة السويدية ستوكهولم، غضبا في أوساط المسلمين، وأثارت انتقادات وادانات دول عربية وإسلامية اعتبرتها "عملا استفزازيا لمشاعر مليار ونصف مليار مسلم".


التبرير وراء إعطاء الضوء الأخضر لمثل هذا السلوك في بلد أوروبي يقطنه أكثر من 600 ألف مسلم هو حق حرية التعبير، فيما ترفض دول إسلامية إدراجه ضمن ما يسمى بحرية التعبير وتقول إنه عمل يرقى إلى مستوى جرائم الكراهية بكل وضوح.


لم تكن واقعة حرق نسخة من القرآن مؤخرا هي الأولى والسويد ليس البلد الأول الذي يقع فيه هذا العمل الأرعن.


فيما يلي تسلسل زمني لأبرز حوادث تدنيس القرآن من الأحدث للأقدم، ويتبين من خلال الرصد أن جلّ حوادث تدنيس القرآن الكريم تصدرها اليميني المتطرف الدنماركي راسموس بالودان أو أنصاره.


21 يناير 2023


أحرق زعيم حزب "الخط المتشدد" الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان، نسخة من القرآن قرب سفارة تركيا بالعاصمة السويدية ستوكهولم، وسط حماية من الشرطة التي منعت اقتراب أي أحد منه أثناء ارتكابه الجريمة.


3 يوليو 2022


أحرق لارس ثورن -زعيم حركة "أوقفوا أسلمة النرويج"- نسخة من المصحف الشريف، في حي تعيش فيه جالية مسلمة كبيرة بضواحي العاصمة أوسلو.


وأثار المشهد حفيظة عدد من المسلمين الذين سارعوا إلى إطفاء النار المشتعلة، وسرعان ما تجمّع حشد للاحتجاج على الناشطين.


1 مايو 2022
أقدم بالودان على إحراق المصحف الشريف أمام أحد المساجد بالسويد، رغم رفض الشرطة منحه الترخيص لفعل ذلك، فيما حاولت مجموعة من 10 أشخاص عرقلة حرق بالودان للمصحف، مما دفعه إلى الهروب في سيارته.


14 ابريل 2022
قام راسموس بالودان نفسه بإحراق نسخة من القرآن الكريم في مدينة لينشوبينغ جنوبي السويد تحت حماية الشرطة.


وأسفرت مواجهات وقعت بين محتجين وأفراد من الشرطة إثر إحراق المصحف الشريف عن إصابة 26 شرطيًا و14 متظاهرًا وتحطم 20 سيارة شرطة.


30 أغسطس 2020
أقدمت مجموعة نرويجية متطرفة معادية للإسلام تنتمي لحركة "أوقفوا أسلمة النرويج" (SIAN) على تمزيق صفحات من القرآن الكريم والبصق عليها خلال مظاهرة مناهضة للإسلام في العاصمة أوسلو.


28 أغسطس 2020
قام 3 ناشطين في حزب بالودان "الخط المتشدد" الدنماركي، بإحراق نسخة من القرآن في مدينة “مالمو” السويدية، اندلعت على إثرها مواجهات عنيفة بين الشرطة السويدية ومتظاهرين.
كما حظرت السلطات السويدية دخول زعيم الحزب راسموس بالودان، إلى أراضيها لمدة عامين.


17 نوفمبر 2019
نظمت حركة "أوقفوا أسلمة النرويج" (سيان) مظاهرة وقامت خلالها برمي نسختين من القرآن في سلة قمامة، ثم أحرق لارس تورسن زعيم المنظمة نسخة أخرى، ما دفع عديد المحتجين الحاضرين حينها في الساحة إلى مهاجمته.


وقالت وسائل إعلام إن لاجئا سوريا ظهر وهو يجتاز السياج المحيط بالمتظاهرين ويركل لارس تورسن أثناء إضرامه النار في المصحف، قبل أن توقف الشرطة الشخصين.


8 يونيو 2019
عثرت السلطات الألمانية على حوالي 50 مصحفا ممزقا داخل مسجد "الرحمة" في وسط مدينة بريمن، أدان على إثرها المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا الواقعة بشدة وقال إن الفعلة تهدف إلى إحداث "دوامة من الكراهية والعنف ضد المسلمين ومساجدهم".


22 مارس 2019
أقدم بالودان على حرق نسخ من القرآن الكريم، بذريعة الاحتجاج على أداء صلاة الجمعة، أمام مبنى البرلمان الدنماركي.


وأدى مسلمون في الدانمارك، صلاة الجمعة، أمام مبنى البرلمان، للتعبير عن تنديدهم بمجزرة المسجدين في نيوزيلندا.


25 ديسمبر 2015
هاجمت مجموعة من المتظاهرين قاعة صلاة للمسلمين في حي شعبي بأجاكسيو في جزيرة كورسيكا جنوب فرنسا، وخربوها وأحرقوا مصاحف وكتبوا عبارات معادية للعرب، وذلك غداة إصابة عمال إطفاء وشرطي بجروح بهجوم ملثمين في المدينة.


ديسمبر 2015
أحرق رجل دنماركي يبلغ من العمر 42 عاما نسخة من المصحف الشريف في فناء منزله الخلفي ونشر مقطعا مصورا ينقل فعلته.


وبعد نحو عامين، وجهت إليه السلطات الدنماركية تهمة التجديف (الكفر) بسبب حرقه نسخة من القرآن، والتي يعاقب عليها القانون بالسجن 4 أشهر كأقصى حد.


لكن الادعاء العام قال إنه في حال إدانته بالتهمة الموجهة إليه سيتم تغريمه فقط.


27 ديسمبر 2014
اعتقلت الشرطة البريطانية شابا قام بتمزيق نسخة مترجمة للإنجليزية من القرآن الكريم ووضعها في التواليت ومن ثم حرقها، قبل أن تفرج السلطات عنه بكفالة، بحسب موقع "بيزنس إنسايدر".


28 ابريل 2012
قام القس الأمريكي تيري جونز بحرق نسخة من المصحف وبث المشهد عبر الأنترنت احتجاجا على اعتقال رجل الدين المسيحي يوسف نادرخاني في إيران.


22 مارس 2011
أشرف القس الأمريكي تيري جونز على حرق نسخة من المصحف في كنيسة صغيرة في فلوريدا، بعد تحميل المصحف الكريم مسؤولية وقوع عدد كبير من الجرائم.


وقد أدان الرئيس الأمريكي العمل الذي أثار ردود فعل عنيفة في حينه، منها هجوم على مقر للأمم المتحدة في أفغانستان خلف عددا من القتلى.


18 ابريل 2011
قضت محكمة بريطانية بسجن جندي سابق لمدة 70 يوما بسبب إضرامه النار في المصحف الشريف في مركز مدينة كارلايل بإنجلترا واعترف الجندي الذي يدعى أندرو رايان بارتكابه مضايقات ذات دوافع دينية وسرقة مصحف من إحدى المكتبات.


10 ابريل 2011
اعتقلت الشرطة ساين اوينز المرشح عن الحزب اليميني المتطرف "البريطاني الوطني"، بعدما أحرق نسخة من المصحف في حديقة منزله.


وظهر ساين اوينز في فيديو مصور وهو يصب الكيروسين على المصحف ويشعل فيه النار بحديقة منزله.


2005
شهدت عدة دول إسلامية وبريطانيا والهند مظاهرات كبيرة واحتجاجات على تقارير تفيد أن المصحف الشريف تعرض للتدنيس على أيدي محققين أميركيين في معتقل غوانتانامو في كوبا.


جاءت المظاهرات في وقت قالت فيه اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف إن معتقلين في قاعدة غوانتانامو الأميركية أكدوا لها وقوع بضع عمليات تدنيس للمصحف الشريف.


عربيا، أدانت واقعة حرق القرآن الأخيرة 14 دولة هي: دول مجلس التعاون الخليجي الستة (السعودية وقطر، والإمارات والكويت وسلطنة عمان والبحرين)، ومصر، والأردن، وفلسطين، والمغرب، ولبنان، والعراق والجزائر، وليبيا، في بيانات رسمية منفصلة.


ودوليا، صدرت إدانات شديدة من تركيا و ماليزيا، وباكستان وأفغانستان وإيران، لتلك الواقعة، في بيانات رسمية منفصلة.


قالت المفوضية الأوروبية إنه يتوجب على السلطات السويدية اتخاذ خطوات بشأن الحادثة، مؤكدة أنه "لا مكان للعنصرية وكراهية الأجانب والكراهية العرقية والدينية في الاتحاد الأوروبي"، وهو إقراربأن الحادثة هي عمل عنصري وينم عن كراهية الأجانب والتي يجب أن يحاسب عليها القانون.فما الذي حدث ؟


المدعي العام السويدي يقرر عدم فتح تحقيق في حرق القرآن ستوكهولم صور العالمى في السويد ، قرر المدعي العام أنه نظرًا لأن حرق القرآن جزء من حرية التعبير ، فلا داعي لإجراء تحقيق في فعل حرق القرآن خارج السفارة التركية في ستوكهولم في 21 يناير. قام راسموس بالودان ،

زعيم حزب الخط المتشدد اليميني المتطرف الدنماركي ، بحرق القرآن خارج السفارة التركية في ستوكهولم في 21 يناير. وفقًا لصحيفة Dagens Nyheter اليومية التي تتخذ من ستوكهولم مقراً لها ، قدم شخص من مدينة فاستيراس شكوى إلى الشرطة بعد فعل بالودان الفظيع. قرر المدعي فريدريك إنجبلاد ، المتخصص في جرائم الكراهية ،

بعد أسابيع قليلة من تقديم الطلب ، أنه لا توجد حاجة لفتح تحقيق في هذا الفعل. وجاء في القرار المؤرخ في 12 آذار / مارس أن الفعل موضوع الشكوى لا يشكل تحريضا ضد جماعة أو ضد أي جريمة أخرى. وأشار المدعي إنغبلاد إلى أن حرق القرآن يجب اعتباره حرية تعبير ، مضيفًا أن حرية التعبير هي أساس الاتفاقية الأوروبية والقانون السويدي.

حرق القرآن الكريم: ماذا يقول القانون الدولي؟


الادعاء بقانونية "حرق القرآن" يثير إشكالية أساسية جوهرها التمييز بين مفاهيم ثلاثة أساسية تفصل بينها حدود رفيعة جداً هي: حرية التعبير، وخطاب الكراهية، والتحريض على التمييز والعداء والعنف. صدامات بين الشرطة والمتظاهرين الغاضبين.


في معرض الاشتباك اللفظي بين السويد وتركيا، استعاد اليمينيون المتطرفون شعارات الإسلاموفوبيا، ودعوا إلى حرق القرآن كل يوم جمعة، حتى ترضخ تركيا وتوقّع على طلبَي السويد وفنلندا الانضمام إلى حلف "الناتو".


ويشير عدد من المسؤولين في الغرب إلى أن "حرق المصحف" هو فعل "قانوني" مسموح به بموجب حرية التعبير التي أقرّتها القوانين الأوروبية وكفلها القانون الدولي والمعاهدات الدولية ذات الصلة. لكن، الادعاء بقانونية هذا الفعل يثير إشكالية أساسية جوهرها التمييز بين مفاهيم ثلاثة أساسية تفصل بينها حدود رفيعة جداً هي: حرية التعبير، وخطاب الكراهية، والتحريض على التمييز والعداء والعنف.


1-حرية الرأي والتعبير


المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، كما دساتير عدد من الدول وقوانينها، تكفل كلها حرية الرأي والتعبير، وتنص: "لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير. يشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء من دون تدخل، والسعي للحصول على المعلومات والأفكار، وتلقيها ونقلها من خلال أي وسائط، وبغض النظر عن الحدود".


وتضع المادة 19 من العهد الدولي فقرة (3) قيوداً على تلك الحرية، فتنص:


 - تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك، يجوز إخضاعها لبعض القيود، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون، وأن تكون ضرورية:


(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم.


(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.


2- خطاب الكراهية


عرّفت الأمم المتحدة خطاب الكراهية بأنه "أي نوع من الاتصال في الكلام أو الكتابة أو السلوك، يهاجم أو يستخدم لغة تحقيرية أو تمييزية بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس مَن هم، وبعبارة أخرى، على أساس دينهم أو عرقهم أو جنسيتهم أو عرقهم أو لونهم أو نسبهم أو جنسهم أو أي عامل هوية آخر".


وبالرغم من ذلك التعريف الذي أوردته الأمم المتحدة، لم يتم الاتفاق – لغاية الآن - على تعريف عالمي لخطاب الكراهية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. وما زالت النقاشات حول هذا التعريف في الإطارين الحقوقي والدستوري مستمرة، خاصة بسبب ارتباط هذا المفهوم بحرية الرأي والتعبير وخشية ناشطي حقوق الإنسان من أن يتحوّل هذا المفهوم إلى وسيلة لقمع حرية الرأي والتعبير المكفولة في إعلانات ومواثيق حقوق الإنسان، وأن تستخدمه الدول لقمع المعارضة والتخلص من المعارضين.


ولأجل ذلك، قامت الأمم المتحدة بمحاولة لوضع سمات معينة يمكن من خلالها التمييز بين حرية الرأي وبين خطاب الكراهية وهي:


1- الكلام الذي يحض على الكراهية هو "تمييزي" (متحيز أو متعصب أو غير متسامح) أو "ازدرائي" (متحيز أو ازدراء أو مهين) لفرد أو مجموعة.


2- خطاب الكراهية هو الكلام الذي يحضّ على كراهية أفراد أو مجموعة بسبب هويتهم، وبما في ذلك: "الدين، والعرق، والجنسية، واللون، والنسب، والجنس"،  وأيضاً خصائص مثل اللغة، والأصل الاقتصادي أو الاجتماعي، والإعاقة، الحالة الصحية، أو التوجه الجنسي، وأمور أخرى كثيرة.


3- يمكن نقل الكلام التحريضي من خلال أي شكل من أشكال التعبير، بما في ذلك الصور والرسوم المتحركة والإيماءات والرموز إلخ...


4- خطاب الكراهية لا يمكن توجيهه إلا إلى الأفراد أو مجموعات الأفراد بصفتهم "الجماعية". ولا يشمل الانتقاد الذي يوجه إلى الدول وسياساتها أو رموزها أو مسؤوليها العامين، ولا حتى الانتقاد الذي يوجّه إلى الزعماء الدينيين أو انتقاد مبادئ العقيدة.


3- خطاب الكراهية الذي يتضمن التحريض على التمييز أو العداء أو العنف


وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.


 تنص المادة 20 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ما يلي: "يحظر القانون أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف".


الفارق الرئيسي والجوهري بين هذا المبدأ المحظور وبين ما سبقه، هو فعل "التحريض". إن مجرد "التعبير" أو "المناصرة" لخطاب موجه ضد مجموعة، لا يتضمن تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف، يدخل في المنطقة الرمادية للقانون الدولي لحقوق الإنسان ومن الصعب تجريمه.


أما حين يتضمن الخطاب تحريضاً واضحاً أو مضمراً (النية الجرمية) أو في حال "تسبب بتأجيج العنف" فإن القانون الدولي يحظّره ويدعو الدول إلى اتخاذ الإجراءات لمنعه، وعادة ما قامت المحاكم بتجريمه (انظر قضية روس ضد كندا، حيث تمّ طرد مدرس بسبب أقواله المعادية للسامية، ورأت المحكمة أن كتاباته ومنشوراته "خلقت بيئة مسمومة"، لذا لا تعدّ من حرية الرأي والتعبير ويعدّ محرضاً على التمييز والعداء).


بالنتيجة، إن حرق القرآن هو عمل يتضمن التحريض على التمييز والعداء والكراهية، وبالطبع العنف بدليل أنه تسبب في مرات عديدة بعنف متبادل وخلق بيئة معادية للمسلمين بصفتهم الجماعية كمسلمين، ويتضمن عنصرية دينية واضحة، وبالتالي هو عمل محظور في القانون الدولي، ولا يمكن الادعاء بحرية الرأي والتعبير لقوننته واعتباره عملاً مشروعاً.

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology