افراسيانت - حلمي موسى - السفير - في الذكرى السنوية الأولى للحرب على غزة، لا يركز الإسرائيليون على استعداداتهم لحرب جديدة هناك بقدر ما يركزون على الاستعدادات لمواجهة احتمالات الحرب مع لبنان.
وقد أشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخراً إلى تكثيف التدريبات البرية والجوية على أنماط قريبة من طبيعة لبنان الجغرافية والسكانية. ورغم الحديث عن الإفادة من عِبَر الحرب على غزة، إلا أن قادة إسرائيليين لا يخفون حقيقة جهلهم بما ستكون عليه الحرب المقبلة في الجبهة الشمالية.
وتتسم الاستعدادات الإسرائيلية بأهمية فائقة، في ظل الحديث عن تراجع الميزانيات المخصصة للجيش، ما قاد إلى وضع خطط لإغلاق العديد من الوحدات والألوية في الجيش.
ونقل موقع «والا» الإخباري عن قائد عسكري رفيع المستوى قوله إنه بسبب تقليص الميزانيات أثير مؤخراً احتمال إغلاق سرب طائرات في سلاح الجو وفوجين من سلاح المدفعية ولواء مدرع. ويأتي التفكير بإغلاق هذه الوحدات بسبب العجز في ميزانية الدفاع، والذي قاد إلى إغلاق العديد من الأسراب والوحدات، وتقليص كبير في عديد القوات الاحتياطية.
وكان الجيش قرر إغلاق عدد من الكتائب التي لها تاريخ قتالي كبير لكن تسليحها قديم، وهو ما أثار غضب قادة هذه الوحدات. واضطر رئيس الأركان لتشكيل طواقم أركانية، برئاسة جنرالات، لإعادة النظر في تشكيلات الجيش ومفاهيمه في عدة ميادين. وبين المسائل المطلوب فحصها نظرية تفعيل الجيش وبنيته التنظيمية وحجم وحداته وقوام شعبه وقيادات الجبهات والأذرع.
ومعروف أنه في إطار إعادة النظر هذه جرى مؤخرا الإعلان عن توحيد كل الكتائب الخاصة البرية، مثل «سييرت متكال» و «إيغوز»، في لواء قوات خاصة (كوماندوس) جديد. كما أن رئيس الأركان الجنرال غادي آيزنكوت قرر تقليص قوام الضباط من رتبة رائد فما فوق بنسبة معينة، وتقليص عديد الجنرالات العاملين بثلاثة، وإنشاء ذراع السايبر وإغلاق كتيبة «حيرف» التي كانت مخصصة للجنود الدروز.
وفي إطار الاستعدادات وسع الجيش الإسرائيلي من التدريبات على إنزال الإمدادات في عمق أراضي العدو، بعد تسع سنوات من آخر مرة جرى فيها استخدام هذا الأسلوب في حرب لبنان الثانية.
ويتحدثون في الجيش الإسرائيلي عن أن هذه التدريبات تنبع من الإقرار باحتمال وقوع مواجهة أخرى في الشمال، ما يستدعي تعزيز قدرات الإنزال الجوي للمعدات بالمظلات في الميدان. وأشار مراسلون عسكريون إلى أن الجيش يعزز التدريبات على التعاون والتنسيق بين كل من سلاح الجو وشعبة الإمداد والقوات البرية.
ونقل موقع «NRG» الإخباري عن قائد وحدة الإمداد في سلاح الجو الإسرائيلي المقدم عومر قوله «دائماً وأبداً انشغلنا بأمر الإمداد المحمول جواً، لكننا في العام الأخير بلغنا الذروة في عملية مديدة من أجل تحسين الأداء». وأضاف أن المواجهة الأخيرة مع لبنان عززت الحاجة لتدريبات كهذه، بعدما لم تصل كل الشحنات إلى أهدافها.
ومعروف أن إنزال العتاد جواً يتم في الجيش الإسرائيلي باستخدام طائرات نقل كبيرة تحمل شحنات يتم إسقاطها للجنود، وهي تحوي أموراً من العتاد العسكري إلى الأغذية والأدوية. ومن أجل تعزيز قدرات سلاح الجو الإسرائيلي في هذا المجال جرى مؤخرا استيعاب طائرات «هيركوليس جي» الضخمة، التي أسميت في إسرائيل بطائرة «شمشون»، وهي ذات قدرة إنزال دقيقة. وقد أشار المقدم عومر إلى أن «الجاهزية دوماً عالية، لكن كانت تنقص الرغبة في التدريبات. وخلال العملية فهموا جميعا أهمية الاستثمار في هذا المجال». وفي هذا الإطار أجريت قبل بضعة أسابيع مناورة لإنزال عتاد للواء المظليين. وخلال العام القريب يعمل الجيش الإسرائيلي على زيادة عدد المناورات والتدريبات بهذا الشكل مع القوات التي يفترض أنها ستشارك في القتال في عمق أراضي العدو، وتحتاج لإسناد في تلقي أعتدة بعد أيام قتال طويلة.
وعدا تدريبات الألوية والتدريبات المشتركة فإن برنامجاً خاصاً أعد في دورات قادة الكتائب والألوية للتدرب على التعامل مع احتمالات الإنزال الجوي. ويشرح المقدم عومر نظرية التدريبات الجديدة بقوله «يبدو أنه في الحرب المقبلة سيكون من الصعب الوصول إلى مناطق معينة براً. ونحن لا نعلم كيف ستكون الحرب المقبلة، لكن من المهم أن نصل إليها مستعدين لكل الاحتمالات، ولا يكفي أن نعرف كيف نلقي بالأعتدة من الجو، بل من الضروري أن يعرف الطرف الآخر، القوات المقاتلة، كيف تستقبل الشحنات».
وخلال الأسبوع الحالي جرت عملية تدرب واسعة في إحدى قواعد سلاح الجو الإسرائيلي في الجنوب على أساليب وقدرات الإنزال الجوي، وعلى إيجاد حلول أخرى لنقل الأعتدة إلى عمق الأراضي التي يجري القتال عليها. وأشار عومر إلى «أننا بلغنا مرحلة فيها اندماج وتنسيق، والخطر في الشمال يضاعف هذه الحاجة، وخلافاً للماضي نحن اليوم نجيد فعل ذلك بطريقة أحسن من الماضي».
تجدر الإشارة إلى أن عدة صحف إسرائيلية كانت قد نشرت أنباء عن امتعاض مستوطنين في مناطق قريبة من صفد من قيام الجيش الإسرائيلي بالتدرب في بيوتهم من دون إذن منهم. وقالوا إن الجيش، في تدريباته، اقتحم بيوتهم وانتهك خصوصياتهم وألحق أضرارا حتى بممتلكاتهم. ومعروف أن التدريبات هذه كانت على احتلال مناطق مأهولة في محاولة لإجراء التدريبات في أجواء أقرب ما تكون إلى الحقيقة. وكثيرا ما أجرى الجيش تدريباته في قرى عربية وفي مدن يهودية.