حتى التطبيع مع إسرائيل لن يجدي سوريا ولبنان نفعاً.. إلا بحل مع الفلسطينيين

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - جاكي خوري - بعد سنوات على القتال والعداء المتبادل، فالحوار الذي يجري مؤخراً بين سوريا وإسرائيل قد يعتبر إنجازاً. كثيرون يغريهم تخيل اتفاق بين الدولتين، وربما حتى تطبيع العلاقات. ولكن حتى لو تم التوقيع على اتفاق أمني، فالطريق إلى السلام الحقيقي بين العدوين اللدودين ستكون طويلة ومعقدة.


يحاول الرئيس السوري أحمد الشرع، طرح نفسه كمن يعمل باستراتيجية جديدة أمام إسرائيل مقارنة مع سلفه. في حين أن الرئيس الجديد معني بالظهور كحليف للغرب وليس كإرهابي دولي، إلا أن الامتحان الحقيقي عنده سيكون إذا ما كان هذا الاتفاق سيؤدي إلى استقرار أمني وإعادة بناء اقتصاد بلاده واعتراف دول المنطقة به. إذا كان الجواب نعم، فسيحصل على شرعية لإقامة علاقات مع إسرائيل.


سيكون هذا وقت الامتحان للشرع. فهل يتجرأ على فعل ما لم يتجرأ على فعله سلفه حافظ الأسد والابن بشار: التنازل عن هضبة الجولان. وهو إعلان يعتبر خطاً أحمر في سوريا.


إضافة إلى ذلك، يطرح سؤال آخر لا يرتبط بسوريا فحسب، بل بلبنان أيضاً: هل يمكن أن تسير الدولتان نحو التطبيع مع إسرائيل بدون الانشغال بالقضية الفلسطينية؟

يبدو أن الجواب يكمن لدى زعماء السعودية، الذين إضافة إلى تركيا، أصبحوا من يقررون النغمة في الساحة السياسية – الاقتصادية في الشرق الأوسط. وإذا اختارت الرياض تشجيع عملية التطبيع مع إسرائيل بدون الدفع قدماً بالدولة الفلسطينية، فسيكون المعنى مختلفاً جداً عما إذا بقيت لامبالية بالعملية أو عارضتها بشكل علني.


في الوقت نفسه، الساحة اللبنانية تتعقد، والأحداث الأخيرة في سوريا وعلى رأسها الشعور بعدم الاستقرار في أوساط الدروز والعلويين، تعزز شعوراً بالتهديد في أوساط الشيعة في لبنان، و”حزب الله” يزيد لهجته الهجومية. من ناحيته، فإن أي تنازل عن سلاحه الذي بحوزته يعتبر بمثابة مد الرقبة لقطعها. ويرى في التفكك العسكري أو السياسي حكماً بالموت على الطائفة الشيعية في لبنان.


إن عدم الاستقرار في سوريا ولبنان ربما يؤثر أيضاً على احتمالية المضي باتفاق مع إسرائيل. هذا الاتفاق لا يعتبر اختباراً سياسياً خارجياً فحسب، بل ربما يشكل تهديداً داخلياً على شرعية النظام. في السابق، دفعت إسرائيل نحو عقد اتفاق منفصل مع الرئيس اللبناني بشير الجميل، الذي انتخب بدعم منها، رغم أن خصمه كان في حينه م.ت.ف وليس حزب الله.

لم يتجرأ الجميل على التوقيع على اتفاق منفصل، وفي نهاية المطاف تم اغتياله. هذا المثال التاريخي يدوي جيداً. وجوزيف عون في لبنان وأحمد الشرع في سوريا، يواجهان تحديات داخلية تجعل بقاءهما على كفة الميزان. السلام مع إسرائيل قد يضمن الاستقرار الخارجي، لكنه عملية داخلية خطيرة.


تتوقع إسرائيل في هذه الأثناء الحصول على شيء واحد فقط، وهو الأمن. الجمهور في إسرائيل، حتى في ظل خطاب إقليمي جديد، ما زال يتبنى المعادلة القديمة: الاتفاق بدون التنازل عن أراض. وسواء بالنسبة لسوريا أو لبنان، إسرائيل تطمح إلى الحفاظ على الحدود الحالية، وفي الوقت نفسه الاستمتاع بالاعتراف المتبادل.


لكن سؤال هل ستضمن إسرائيل الهدوء والأمن لمواطنيها بدون إعادة الأراضي أو الاهتمام بالقضية الفلسطينية؟

سؤال بقي مفتوحاً. على أي حال، السطر الأخير واضح. فما دام عدم الاستقرار الداخلي يسود سوريا ولبنان وما دامت القضية الفلسطينية خارج المعادلة، فسيعتبر الاتفاق الأمني مع إسرائيل دائماً خطوة متهالكة، قد تؤدي إلى انهيار النظام في سوريا أو في لبنان، وربما حتى موت زعمائهما.

 

©2025 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology