افراسيانت - شهدت العاصمة الليبية طرابلس مواجهات بين فصيلين مسلحين، استُخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والخفيفة، وأدت إلى سقوط قتلى وجرحى من المسلحين.
وقالت وسائل إعلام محلية إن الاشتباكات اندلعت في منطقة أبو سليم بعد تعرض أحد منتسبي "قوات الردع والتدخل" لهجوم مباغت من قبل مجموعة مسلحة لم تحدد هويتها؛ ما أدى إلى سقوط عشرة قتلى وخمسة عشر جريحا، وفقا لمصادر طبية.
قتال في طرابلس
وفي حين تسعى الحكومة المنبثقة عن اتفاق الصخيرات لبسط نفوذها على كامل التراب الليبي، تبقى العاصمة طرابلس إحدى نقاط التوتر الحساسة. وهو ما جعل جهات ليبية تطالب حكومة الوفاق بالبدء بتأمين العاصمة قبل محاولة استعادة مدن البلاد، التي تسيطر عليها المجموعات الإرهابية.
وقبل أيام قليلة، كانت العاصمة الليبية على وشك الانزلاق نحو حرب أهلية طاحنة إثر سقوط أربعين مدنيا قتلى في أحداث دامية شهدتها منطقة القُربولي - إحدى الضواحي الشرقية لمدينة طرابلس.
وبدأت الاشتباكات الضارية بين أهالي المنطقة ومسلحين، ينتمون إلى مليشيات من مدينة مصراتة، يسيطرون على مواقع عسكرية في القربولي، وموالين لحكومة الوفاق الوطني.
واتهمت الحكومة المؤقتة في شرق ليبيا حكومة الوفاق الوطني بالتغاضي عن الجرائم التي ترتكبها المليشيات الموالية لها؛ داعية إلى إجراء تحقيق دولي في أحداث القربولي.
هذا، بينما دعا المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني إلى ضبط النفس وسحب المسلحين كافة إلى خارج الحدود الإدارية للمدينة، مؤكدا العزم على "تشكيل لجنة وزارية للتحقيق في هذه الجريمة".
هدوء حذر
ونجحت حكومة الوفاق الوطني في تهدئة الوضع عبر التوصل إلى اتفاق حول تسوية الخلافات بين مسلحي مصراته وسكان منطقة القربولي، وذلك خلال اجتماع عقد ظهر السبت (25 يونيو/حزيران)، وضم ممثلين عن وزارة الداخلية في حكومة الوفاق ومدير أمن القربولي وبلدية مصراتة.
وأورد موقع "بوابة الوسط" الليبي أن الاتفاق تضمَّن مواصلة التهدئة، والتعهد بعدم اللجوء إلى استخدام السلاح، وإطلاق سراح المحتجزين من الطرفين بشكل فوري، وفتح الطريق الساحلي وضمان الحركة فيه.
كما نص الاتفاق على إعادة تنظيم عمل الوحدات الأمنية وضبطه، والتنسيق بين طرابلس ومصراتة بشأن التشكيلات التي يتم تكليفها بمهمة تأمين المنطقة وتسهيل مهماتها.
لكن انشغال الحكومة الوليدة بمحاربة "داعش" في غرب ليبيا، وعدم سحب الأسلحة من أيدي المجموعات المنتشرة في طرابلس ومحيطها؛ يجعل التسوية على قدر كبير من الهشاشة.
وقد أقر آمر غرفة عمليات طرابلس العقيد إدريس مادي بأن مهمة تأمين طرابلس لا تزال صعبة بحكم طبيعة وكثرة التحديات التي تواجهها القوات النظامية، وعدم استتباب الوضع السياسي في مجمل ليبيا.
أول اجتماع للحكومة
وعلى وقع التصعيد الأمني غير المسبوق في منطقة طرابلس الكبرى، عقدت حكومة الوفاق الوطني أول اجتماع رسمي لها منذ وصولها إلى طرابلس قبل نحو ثلاثة أشهر. وتركَّز الاجتماع حول استعراض التحديات، التي تواجهها الحكومة، مع إعطاء الأولوية للخدمات الأساسية على الرغم من أن الليبيين في غالبيتهم يتساءلون عن مدى قدرة حكومة الوفاق على السيطرة على الوضع في طرابلس.
على أن التحدي الأبرز الذي تواجهه حكومة الوفاق في طرابلس هو وجود تشكيلات مناهضة لها، بل وتهددها بالقتال من حين إلى آخر. وإن تصريحات الشيخ الصادق الغرياني من طرابلس قبل أيام، حول ضرورة التخلي عن دعم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، تنذر باحتمال أن تتخذ الأوضاع في ليبيا منحى تصعيديا قد لا يكون في مصلحة حكومة السراج، وخاصة أن حسم الأمور السياسية والعسكرية في البلاد يمر حتما عبر العاصمة.
ويطلق الغرياني، الذي يُعدُّ مرجعا دينيا لبعض المجموعات المسلحة في ليبيا، فتاوي من حين إلى آخر يصف فيها أعضاء الحكومتين المتنازعتين في ليبيا بأنهم مجرد عملاء ومرتزقة يجب محاربتهم. هذه الفتاوى والتصريحات تصدر عن الغرياني من داخل طرابلس، وعبر أثير بعض القنوات الموالية للإسلامويين الراديكاليين، التي تبث من طرابلس، مثل قناة "التناصح".
هذا، وإن تكرار الحوادث الأمنية في العاصمة، وتعقيد الوضع السياسي بها في ظل عدم بسط حكومة الوفاق الوطني سيطرة عليها بشكل كامل، يثير شكوكا حول قدرة حكومة السراج على إعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، التي لا تبدو بحاجة إلى شيء أكثر من حاجتها إلى الهدوء.
سيد المختار – بالتزامن مع ىRT