افراسيانت - نقلت وسائل الاعلام امس الاول تقارير حول قيام المستوطنين بإحراق عشرات الدونمات الزراعية قرب قبلان جنوب نابلس، وهو ما يشكل حلقة من سلسلة جرائم المستوطنين المتواصلة ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، وعلى نحو خاص مزروعاتهم القريبة من المستوطنات بهدف ابعاد الفلسطينيين عن أراضيهم تمهيدا للسيطرة عليها وضمها للمستوطنات. والسؤال الذي يطرح هنا هو: الى متى ستتواصل مثل هذه الجرائم التي يرتكبها الفلسطينيون والتي راح ضحيتها الكثير من الشهداء اطفالا ونساء ورجالا كما جرت في جريمتي احراق عائلة دوابشة واحراق الشهيد الفتى محمد ابو خضير وغيرها من الجرائم التي استهدفت مدنيين فلسطينيين فقط لكونهم فلسطينيين ؟!
إن ما يجب ان يقال هنا اولا ان الحكومة الاسرائيلية التي تمول وتسلح وتحمي هؤلاء المستوطنين هي المسؤولة عن مثل هذه الجرائم التي تطوي ملفاتها دون ان تقوم الحكومة الاسرائيلية بأية اجراءات حقيقية وجادة لملاحقة ومعاقبة مرتكبيها الاّ في حالات استثنائية نادرة، ومن بين مئات بل آلاف الجرائم كهذه لم تلاحق السلطات الاسرائيلية الاّ عددا محدودا جدا وفي حالات محدودة على الرغم من ان الجيش الاسرائيلي وافراد قوات الامن الاسرائيلية يشاهدون منفذي هذه الاعتداءات والجرائم لدى وقوعها بما في ذلك الاعتداءات على مدنيين فلسطينيين دون ان يحركوا ساكنا.
كما ان ما يجب ان يقال ان غض الحكومة الاسرائيلية الطرف عن هذه الجرائم وتصديقها روايات المستوطنين رغم كذبها شجع هؤلاء المستوطنين على ارتكاب المزيد من الجرائم. وبالأمس، استشهدت فتاة فلسطينية بنيران القوات الاسرائيلية بعد ان اصطدمت سيارتها بسيارة مستوطنين وفق وسائل الاعلام التي اشار بعضها الى ان ما حدث هو حادث سير فيما بررت سلطات الاحتلال اطلاق النار على السيارة التي قادتها الفتاة مما ادى الى استشهادها بأنها اعتزمت تنفيذ محاولة دهس وهي الرواية الرسمية الاسرائيلية التي تتكرر وتبرر فيها اسرائيل الاعدامات الميدانية للفلسطينيين رغم ان القوات الاسرائيلية كان بامكانها اعتقال الفتاة بعد حادث الاصطدام الاّ انه يبدو ان المستوطنين والمتطرفين اليهود اعتادوا على الصاق اية تهمة بأي فلسطيني في محاولة لتبرير ما سيتعرض له هذا الفلسطيني من قتل او تنكيل .. الخ.
ومن الواضح ان الجرائم اليومية التي يرتكبها المستوطنون ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم اضافة الى انحياز الحكومة الاسرائيلية لهؤلاء المستوطنين وحمايتهم انما يعني زيادة عوامل التوتر والاحباط والدفع باتجاه التصعيد في الوقت الذي تدعي فيه الحكومة الاسرائيلية انها معنية باستتباب الهدوء والاستقرار.
واذا كانت اسرائيل الرسمية تتعامل بهذا القدر من الاستهتار بحياة الفلسطينيين وكرامتهم فان عليها ان تدرك ان لجوء الجانب الفلسطيني الى المنظمات والمحاكم الدولية لملاحقة مرتكبي هذه الجرائم ليس "فرية دم" كما ادعى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بل هو وسيلة بحثا عن العدالة، فلا يعقل ان تتواصل مثل هذه الجرائم بما في ذلك جرائم التحريض ضد الفلسطينيين ودعوات بعض الحاخامات التي تبيح قتل الفلسطينيين او تسميمهم ...الخ دون حساب او عقاب.
واخيرا، فقد حان الوقت كي يقف المجتمع الدولي موقفا حازما وجادا في التحقيق بهذه الجرائم وملاحقة ومحاسبة مرتكبيها عدا عن تحميل الحكومة الاسرائيلية المسؤولية الكاملة عنها، المسؤولة عن امن المدنيين بموجب القانون الدولي، في المناطق التي تخضع لاحتلالها، هذا اذا لم نتحدث عن انتهاك اسرائيل الفظ للقانون الدولي في كل ما يتعلق بالاستيطان والمستوطنين.