افراسيانت - غزة - "القدس" دوت كوم - شكلت الاتهامات المصرية الجديدة لحركة حماس بالتورط في اغتيال النائب المصري السابق هشام بركات، مفاجأة لدى كثير من المتابعين لاسيما وانه تزامن مع ما تردد في الآونة الأخيرة على لسان أكثر من قيادي بالحركة بشأن "مؤشرات إيجابية" ازاء إمكانية عودة العلاقات مع مصر إلى طبيعتها بعد سنوات من القطيعة، بعد الخلافات بينهما على الكثير من القضايا السياسية والاتهامات المصرية للحركة بالتدخل في الشأن المصري الداخلي.
ونفت حماس الاتهامات التي وجهها لها وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار، مشددةً على أنها "لم تتدخل في الشأن الداخلي لمصر أو شؤون أي دولة عربية" وأن الاتهامات الموجه لها "باطلة وتأتي في توقيت مستغرب" مع الحديث عن انفراجة بالعلاقات بين الجانبين.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر مخيمر أبو سعدة، أن "هذه الاتهامات تأتي لتعقيد المشهد السياسي بين حماس ومصر في ظل الحديث الذي تردد في الآونة الأخيرة من قبل قيادات الحركة الفلسطينية على أن هناك انفراجة في العلاقات مع مصر وإمكانية توجه وفد للقاهرة، وهو الأمر المستبعد جدا بعد هذه الاتهامات".
وبحسب أبو سعدة فإن "المخرج الوحيد الذي لا خيار ثاني له أن تعلن حماس بشكل واضح فك الارتباط مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر كما فعلت الجماعة في الأردن". مشيرا إلى أن ذلك لن يضع حماس في موقف محرج أو يخرج من يلومها نتيجةً للظروف المعقدة حاليا.
وبين أن حماس قادرة على تطوير علاقاتها مع النظام المصري الحالي رغم أنه يعمل على محاربة جماعة الإخوان المسلمين التي تم تصنيفها "جماعة إرهابية" في القاهرة، مشيرا إلى الحقبة التاريخية من علاقات حماس مع النظام السوري الذي كان يحارب فيها فرع الجماعة ويعتقل قياداتها وعناصرها إلا أن حماس في المقابل كانت تتمتع بعلاقة استراتيجية وتعيش أفضل أيامها في دمشق.
ويوافق المحلل السياسي طلال عوكل على الرأي القائل بأنه يتوجب على حماس أن تتحول فعليا إلى "حركة إسلامية وطنية فلسطينية فقط، بإعلان فك الارتباط بجماعة الإخوان، وأن تتعاون مع مصر بشأن الوضع في سيناء بما تمتلكه من معلومات، وأن تمضي في ملف المصالحة قدما لتصبح جزءا من النظام السياسي الفلسطيني الرسمي الشرعي الذي يتعامل معه الوسط العربي والشرعي والدولي".
واعتبر عوكل الاتهامات المصرية بمثابة "مفاجأة غير سارة في ظل حالة التفاؤل بالحديث عن انفراجة بالعلاقة بين الجانبين" قبل أن تطيح تلك الاتهامات باجواء التفاؤل تلك، وقال: "أساس المشكلة يكمن في أن التصريحات المصرية صدرت عن جهة سياسية حكومية وليست مصدرا إعلاميا أمنيا أو مصدرا سياسيا، أي أنها تحمل بعدا سياسيا أمنيا يعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه من انغلاق في الأفق بالنسبة لقطاع غزة وإمكانية معالجة المشاكل القائمة".
واستبعد أن يحصل أي احتكاك عسكري بين حماس ومصر، مبينا أن "الأوضاع في غزة قد تتجه إلى استمرار إغلاق معبر رفح وتعرض المواطنين لضغوط أكثر، ما يضع حماس أمام واقع صعب للبحث عن حلول بدل المراوحة في علاقاتها تارةً مع قطر وأخرى مع تركيا، والبحث عن ممر بحري بعيدا عن القاهرة ثم محاولة الاقتراب منها"، مشيرا إلى أن الحركة "لا تملك ميزان قوى وأطر دولة تستطيع من خلالها التردد في تغيير علاقاتها، وأن عليها البحث لمعالجة الأوضاع بسرعة لتغيير الواقع".
من جانبه اشار المحلل السياسي مصطفى الصواف الى وجود "جهات مصرية متنفذة لا ترغب في تجدد العلاقات" عبر إطلاق "اتهامات مفبركة ضد حماس كما افتعل ذلك وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي بتوجيه الاتهامات للحركة بالوقوف خلف تفجيرات كنيسة القديسين وهو ما تبين لاحقا عدم صحته".
وقال "اعتقد أن ما أدلى به وزير الداخلية المصري أمس يمثل إهانة للأجهزة الأمنية المصرية وللنظام الحالي بوصفهم حماس كقوة عظمى تلعب بالساحة المصرية كما تريد وهذا ليس صحيحا، خاصةً وأن الكثير من الاتهامات وجهت لحماس خلال السنوات الخمس الماضية وفي النهاية لم يثبت بالدليل تورطها بأي منها"، مشيرا إلى أن الاتهامات "وجهت بتأثير أطراف خارجية لقطع الطريق على أي تحسن قد يطرأ على العلاقة بين الجانبين وإبقاء الحصار كما هو".
ورأى أن "استمرار الحصار وتشديد إغلاق معبر رفح والاستمرار في الإجراءات على الحدود ستشكل النتيجة الوحيدة للاتهامات في الوقت الحالي" لكنه لم يستبعد تحسن العلاقات بين مصر وحماس في المستقبل القريب استنادا الى قاعدة "السياسة مصالح"، وارتباط المصالح الأمنية والاقتصادية للجانبين ببعضهما البعض.