افراسيانت - عمر عبد الستار - طالب النائب عن ائتلاف "دولة القانون" علي الفياض القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بالإسراع في تحرير الفلوجة قبل تحرير الموصل.
وقال النائب عن "التحالف الوطني" علي المرشدي إن تحرير مدينة الفلوجة هو مفتاح تحرير الموصل؛ لأنه يجعل معنويات "داعش" وقدراته العسكرية، تتراجع بشكل كبير.
كما وصف زعيم "عصائب الحق" قيس الخزعلي في تصريح صحافي مدينة الفلوجة بالغدة السرطانية، التي يجب استئصالها، قبل البدء بعمليات تحرير الموصل.
من جانبه، رأى رئيس كتلة "الصادقون" النيابية النائب حسن سالم أن تحرير قضاء الفلوجة، أكبر أقضية محافظة الأنبار، من "داعش"، سيقضي على 80% من الإرهاب في العراق. وقال سالم إن مدينة الفلوجة هي الخاصرة الأمنية لبغداد، وتشكل تهديدا حقيقيا، وخطرا على العاصمة؛ مشيراً إلى أن الأولوية في التحرير يجب أن تكون للفلوجة وما تبقى من محافظة الأنبار؛ ودعا العبادي ووزير الدفاع خالد العبيدي ووزير الداخلية محمد الغبان إلى الانتباه لهذا الأمر، والبدء بتحرير الفلوجة قبل الموصل.
في هذه الأثناء، أعلنت قيادة العمليات المشتركة عن البدء بعمليات تحرير الفلوجة، وألقت الطائرات العراقية على المدينة ألوف المنشورات التحذيرية، التي طلبت من الأهالي الاستعداد لمرحلة ما بعد "داعش". وذكر قائد عمليات الأنبار اللواء الركن قاسم المحلاوي أن دفاعات التنظيم الإرهابي انهارت في مدينة الفلوجة. كما أعلن "الحشد الشعبي" اقترابه من الفلوجة، تمهيدا لتطهيرها.
وبعد أسبوعين من الحديث المتصاعد عن تطويق الفلوجة، وقطع الإمدادات عنها بالكامل، وعن انطلاق انتفاضة شعبية داخل المدينة، فاجأ "داعش" قوات الأمن العراقية، المتمركزة على تخوم الفلوجة بانتظار اقتحامها، بهجوم مباغت على قضاء أبو غريب، وتمكن خلاله من السيطرة على منطقة السايلو. ذلك، في وقت تبنى فيه التنظيم أيضاً هجومين انتحاريين في مدينة الصدر، أكبر معاقل "التيار الصدري" في بغداد. كما شن هجوما استهدف مجلس عزاء في المقدادية؛ ما أسفر عن مقتل عدد من قادة "الحشد الشعبي". وقد أدى كل ذلك إلى تفاقم الاضطرابات السياسية، واحتمال انسحاب العبادي من كتلة "دولة القانون"، وتشكيل كتلة "وطن" البرلمانية العابرة للمحاصصة.
ووسط هذه الفوضى السياسية والأمنية، التي تعيشها بغداد، أعلن ممثل الرئيس الأمريكي في التحالف الدولي بريت ماكغيرك أن معركة تحرير الموصل بدأت فعلياً عبر التحضيرات في معسكر مخمور، وقطع الطريق بين الرقة والموصل؛ مشيراً من ناحية أخرى إلى أن الجدول الزمني لانطلاق معارك تحرير مناطق حوض الفرات، وخاصة مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار، لم يوضع بعد.
فهل جاءت ضربة حجر ممثل الرئيس الأميركي خبطَ عشواء؟ أم أن فوضى بغداد السياسية والأمنية كانت مناسبة جداً لتوقيت إعلان السيد بريت ماكغيرك؟ ولماذا يصر "الحشد الشعبي" على تحرير الفلوجة قبل نينوى؟ وما هو سر توقيت هجوم "داعش" على أبو غريب في هذا الوقت؟
وواضح، أن هناك إرادتين تتصارعان في معركة الحرب على "داعش" في العراق، ليس بشأن أولوية تحرير أي مدينة قبل الأخرى فحسب، بل حول كيفية محاربة التنظيم؟ ومن يحاربه؟
ولعل من المؤكد، أنه لو لم يكن "الحشد الشعبي" موجودا في المعادلة، لما كانت هناك أي مشكلة في أن تتحرر الفلوجة قبل نينوى أو العكس؛ لكن وجود "الحشد" في معادلة الحرب على "داعش" عقَّد المسألة، وأضاف إليها أبعاداً سياسية تتطلب حلحلة، ربما قبل تحرير المدينتين.
ويبدو أن هذا ما سيحصل؛ خاصةً، وقد تم منع "الحشد" من المشاركة في تحرير سنجار، وهو أحد أقضية محافظة نينوى، في سبتمبر/أيلول الماضي. كما تم تحرير الرمادي، مركز محافظة الأنبار، في يناير/كانون الثاني من دون مشاركة قوات الحشد الشعبي.
من هنا يتضح أن الأمر ليس في تقديم تحرير نينوى على الفلوجة أو العكس، بقدر ما هو في توظيف الحرب على "داعش" في الصراع السياسي، الدائر في العراق اليوم، ليس منذ سقوط نينوى بل قبل ذلك أيضاً؛ صراع سياسي يتمحور على دور وشكل وطبيعة النظام السياسي في العراق.
ومن فوضى هذا الصراع السياسي بين الأطراف محليا وإقليميا ودوليا، انبثق "داعش"؛ ولن يختفي إلا بزوال أسباب الفوضى السياسية بين الأطراف العراقية، التي ستبقى، ما دامت المصالحة الوطنية، بما يشمل تقديم التنازلات بين الأطراف، غائبة عن الميدان.
ومن هنا، ربما اتجه العبادي إلى تجهيز طاقم سياسي عراقي جديد خارج عباءة المحاصصة السياسية، وإلى إبعاد "الحشد الشعبي" عن توظيف محاربة "داعش" سياسياً.. وإلا، فإن الفشل في ذلك، أو التردد، سيؤخر تحرير المدينتين إلى حين تمكُّن العبادي من إيجاد حل لمعضلة التوظيف السياسي للحرب على "داعش" بين الأطراف العراقية.