افراسيانت - محمد الأحمد - للمرة الثالثة تعلن الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية عن بدء معركة تحرير تعز.
واستعدادا لهذه المعركة شرعت قوات التحالف في تدريب أكثر من أربعة آلاف جندي، لكن الواضح ان تعز أضحت ورقة مساومة من قبل الحوثيين والرئيس السابق وبالمثل لم تتحول إلى معركة حسم من الجانب الحكومي.
منذ ما بعد تحرير عدن ولحج من سيطرة الحوثيين وقوات الرئيس السابق توجهت الأنظار صوب تعز لأنها المحافظة المجاورة وطريق التقدم نحو مناطق الوسط وصولا إلى صنعاء، لكن قوات التحالف غيرت خططها بدون مقدمات وقررت عدم مواصلة تقدمها إلى حين ترتيب الأوضاع في عدن ولحج على إثر الحضور القوي لعناصر القاعدة، وكانت دولة الإمارات اللاعب الرئيسي على الساحة اليمنية بعد السعودية الأكثر وضوحا في موقفها الرافض لأي معركة في تعز مادامت الجماعات المسلحة الموالية لتجمع الإصلاح الإسلامي هي الأكثر حضورا في المدينة.
الإمارات التي بررت موقفها بأن أي حسم للمواجهة في تعز سيجعلها في قبضة الإسلاميين وسوف تزدهر جماعات القاعدة ضغطت باتجاه عزل محافظ عدن بسبب انتمائه لحزب الإصلاح وطالبت أيضا بتجهيز قوات نظامية تتولى مهمة تحرير تعز وفعلا تم إعداد ثلاثة ألوية شملت أفرادا من قوات الجيش التي انقسمت عقب استيلاء الحوثيين وقوات صالح على العاصمة وعدد من المحافظات وآخرين تم تجنيدهم لهذا الغرض.
قبل الجولة الأخيرة من المفاوضات التي عقدت الشهر الماضي كانت قوات التحالف والحكومة اليمنية أطلقا عملية تحرير تعز من محورين أحدهما غربي عبر مضيق باب المندب مرورا بميناء المخا وصولا إلى المدينة، والثاني بهدف التضليل كان من جهة الشرق عبر محافظة لحج مرورا بمنطقة كرش وصولا إلى الراهده، لكن الخطة فشلت وقتل خلالها قائد القوات الخاصة السعودية في اليمن وضابط كبير في الجيش الإماراتي.
ووفق حديث خاص مع وزير في الحكومة اليمنية فإن الخبرة العسكرية للرئيس السابق أفشلت هذه الخطة لأنه أدرك صعوبة تقدم القوات من الجهة الشرقية بسبب التضاريس الصعبة والمعقدة وأن الهجوم الأساسي سيكون عبر الجبهة الغربية ولهذا دفع بعدد كبير من قواته إلى هذه الجبهه ومنع تقدم قوات التحالف وقوات الحكومة اليمنية وتمكن فعلا من إفشال هذه الخطة العسكرية.
إلا أن الرئيس السابق والحوثيين يستخدمون الأوضاع المأساوية في تعز والمعتقلين كورقتين في المفاوضات مع الجانب الحكومي وحصلا فعلا على مكاسب سياسية من هذا الاستخدام مستمرين في إرسال المزيد من التعزيزات المسلحة إلى المحافظة فيما اتجه التحالف نحو فتح جبهة جديدة في محافظة حجة وصعدت قوات الحكومة من هجماتها على مواقع الحوثيين وصالح في محافظة ريف صنعاء وأطراف محافظة مأرب بهدف تشتيت قوات هؤلاء مع استكمال تجهيز قوات الجيش الجديدة التي ستتولى معركة تعز.
وفي ظل التوجه الدولي نحو تغيير موعد المحادثات القادمة إلى نهاية الشهر الجاري بدلا من منتصفه كما اتفق من قبل فإن المؤشرات تدل على أن تعز ستظل ورقة مساومة حيث يركز المبعوث الدولي على إجراءات لبناء الثقة تساعد في إنجاح الجولة القادمة من المحادثات من خلال رفع الحصار عن المدينة وضمان الإفراج عن المعتقلين لدى الحوثيين ....
ونظرًا للمدة الزمنية المتبقية حتى موعد الجولة القادمة من المحادثات فإن العملية العسكرية التي تستعد لها الحكومة والتحالف لايبدو أنها ستنجز خلال هذه المدة ما عجزت عن فعله خلال الأشهر الثلاثة الماضية، هذا إذا استبعدنا التضاريس الصعبة التي ستدور فيها المعركة وحجم الضحايا الذين سيسقطون جراء معركة تحرير المدينة التي يقطنها اليوم مائة وخمسون ألفا بعد أن نزح نصف سكانها تقريبا.