47 جمهورياً يحذرون طهران من توقيع الاتفاق .. رسالة الكونغرس إلى إيران.. صفعة لأوباما
افراسيانت - نجاة شرف الدين - ما قبل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن وخطابه في الكونغرس، سيكون كما بعدها بالنسبة إلى الاتفاق النووي الإيراني، ولن يتغير شيء. هذا ما يُجمع عليه العديد من المراقبين والمحللين العارفين باستراتيجية الإدارة الأميركية في موضوع إيران، ولا سيما في ظل إصرار الرئيس الأميركي باراك أوباما على إنجازه.
هذا الموقف جعل الكونغرس يلجأ إلى وسائل ضغط أخرى، ومن بينها الرسالة المفتوحة التي وقعها 47 سيناتوراً جمهورياً في مجلس الشيوخ، والموجهة إلى إيران، وتدعوها إلى عدم التوقيع على اتفاق حول البرنامج النووي من دون الحصول على موافقة الكونغرس، لأن «أي شيء غير موقّع من الكونغرس مجرد اتفاق تنفيذي»، ويمكن تغييره أو إزالته بعد مغادرة أوباما.
تلك الرسالة، التي ترافقت مع حملة دعائية تلفزيونية في وسائل الإعلام، تحذر من الاتفاق وتحمل صوت نتنياهو قائلة: «أخبروا واشنطن.. لا اتفاق مع إيران من دون موافقة الكونغرس».
حملة الضغط المتزايدة خلال الأيام الأخيرة قبل المهلة المحددة في الثلاثين من آذار للتوقيع على الاتفاق المبدئي، وصفها النائب الديموقراطي السابق في الكونغرس، والذي شغل منصبه عن ولاية فرجينيا الغربية لثمانية وثلاثين عاماً، نيك رحال، بأنها «صفعة جديدة لأوباما بعد صفعة نتنياهو في الكونغرس».
وقال رحال إن «هذه اتفاقية وليست معاهدة، وبالتالي ليس ضرورياً الحصول على موافقة الكونغرس، وأنا شخصياً أعتقد أن هذه الرسالة مستوحاة من إيباك للضغط على أوباما»، معتبراً أنه «من الصعب على الكونغرس، وحتى رئيس جديد، ولو كان جمهورياً، أن يغيرها، اذ سيكون ذلك سخيفاً، كما أن ما يفعله أوباما يصب في مصلحة البلد، والعالم كله سيرى أن الاتفاق سيكون جيداً، وإلا فلن يوقعه أوباما».
وأضاف رحال أن «كسر فيتو الرئيس، يحتاج إلى 67 صوتاً في مجلس الشيوخ، وهذا غير متوافر حالياً».
موضوع الموافقة المسبقة من الكونغرس وفرض مشروع قرار في مجلس الشيوخ، استبعده أيضاً المستشار السابق في الخارجية الأميركية نائب رئيس معهد «ويلسون» الدولي آرون ميلر، الذي قال إن «الديموقراطيين لن يوافقوا على أي قرار قبل موعد 24 آذار» الموعد المحدد لفرض العقوبات.
الاتفاق الإيراني الذي لا يزال مضمونه بعيداً عن الإعلام، وهو ما يحرص عليه أوباما، طرح مزيداً من علامات الاستفهام حول تأثيراته المرتقبة على موازين القوى في المنطقة، والعلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، وعلى رأسهم السعودية.
هذا ما حاول وزير الخارجية جون كيري إيضاحه خلال زيارته إلى الرياض، حين قال إن «واشنطن لن تغيّر موقفها من مسائل أمنية أخرى متصلة بإيران مثل دعمها لـ(الرئيس السوري بشار) الأسد وسيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء».
ولم يشر كيري حينها إلى التطورات في العراق، خصوصاً في ظل معركة يقودها قائد «فيلق القدس» اللواء قاسم سليماني في تكريت، التي برأي ميلر موقف لا يمكن تفسيره، «لأننا نراقب من دون أن نفعل شيئاً، لا نتعاون لأننا لا نشارك على الأرض في المعارك ولكن لدينا أهدافا مشتركة مع إيران ضد داعش. فما الذي يمكن أن يقدمه كيري من تطمينات؟ من سيثق بتطميناتنا والسعودية منشغلة اليوم بالصراع السني الشيعي، ولو كنت سعوديا لم أكن لأثق بهذه التطمينات ولا أعتقد أن كيري قالها للسعوديين».
ميلر، وفي رده على سؤال عن إمكانية تغيير ميزان القوى بعد التوقيع على الاتفاق، اعتبر أن إيران وتركيا دولتان لديهما مؤسسات عسكرية واقتصادية كما إسرائيل، «إلا أنهما تسيطران على منطقتهما، أي لبنان عبر حزب الله وسوريا مع ما بقي من نظام الأسد واليمن والبحرين بدرجة أقل، ولو أنهما تحاولان الاستفادة من الواقع، ويضاف إليهما إذا حصل الاتفاق والذي سيبدأ بتخفيف العقوبات أو إزالتها، سنرى انعكاس ذلك بشكل طبيعي إلى الحد الذي يمكن أن تصل إليه».
محاولة التوازن في موقف الإدارة الأميركية بين العمل مع الحلفاء الخليجيين لمواجهة ما يسمونه «النفوذ الإيراني» وتوقيع الاتفاق على البرنامج النووي، رأى فيها رحال سياسة تطمينية من جانب أوباما، المُصر على منع إيران من امتلاك سلاح نووي.
وقال رحال إنه «لن يكون هناك توقيع إذا لم يكن هناك تأكيدات بأن السلاح النووي غير موجود، وهذا ما يريده حلفاؤنا في المنطقة وكل من يريد السلام، ما عدا الجمهوريين في الكونغرس الذين مع الأسف يثقون بزعماء من الخارج، (في إشارة إلى خطاب نتنياهو في الكونغرس)، ولا يثقون برئيسهم المسؤول عن السياسة الخارجية».
رحال الذي تمنى حصول الاتفاق، برغم أن نسبته لا تزال خمسين في المئة، أبدى قلقه من «توسع النفوذ الإيراني»، إلا أنه أضاف «أنا واثق أن هذه الإدارة ستصل إلى اتفاق يمكن العمل معه لإنهاء البرنامج النووي وننهي حالة الستاتيكو القائمة وحالة عدم الاستقرار الحالية».
بعد التطمينات التي قدمها أوباما لحلفائه، وعلى رأسهم إسرائيل ودول الخليج، بأنه لن يكون هناك سلاح نووي إيراني، وبعد الكلام الذي أكده في مقابلته مع محطة «سي بي أس» بأنه لن يوقع أي اتفاق مع إيران إذا لم يكن جيداً واستعداده لترك المحادثات، يبدو أن أوباما ماض في إنجاز الاتفاق مهما علت أصوات الكونغرس.
والرسالة التي ربما لن تكون الأخيرة لمجلس الشيوخ للضغط على أوباما، لن يكون لها تأثير فعلي سوى استمرار الحرب المفتوحة بين الكونغرس والرئيس، والتي لن تؤدي سوى إلى مزيد من العرقلة والتعطيل لعمل أوباما خلال السنتين المتبقيتين من ولايته الثانية.