افراسيانت - حلمي موسى - في وقت واحد تقريباً جرى تسريب أمر وثيقة تفاهمات اسحق مولخو وحسين آغا، والإعلان عن أن الرئيس الأميركي باراك أوباما ينوي استغلال العامين المتبقيين له في الرئاسة لحث عملية «السلام» بين إسرائيل والفلسطينيين.
وبرغم أن تسريب وثيقة «اتفاق السلام»، والتي تتحدث عن انسحاب إسرائيلي إلى حدود العام 1967 وتقسيم القدس، قد تم لصحيفة «يديعوت أحرونوت» من دون نسبته إلى أي جهة، فإن كلام «هآرتس» عن دفع مسيرة السلام جاء بوضوح على لسان مسؤولين أميركيين.
وكان لنشر هذه الوثيقة ردود فعل قاسية من اليمين الإسرائيلي، حيث بادر زعيم «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت إلى الإعلان عن أن نتنياهو تنازل عن القدس وعن «أرض إسرائيل»، محذراً من أنه «في العامين القريبين ستمارس ضغوط شديدة لم يسبق لها مثيل على إسرائيل لتسليم يهودا والسامرة إلى العرب لإقامة دولة فلسطينية». (تفاصيل صفحة 12)
وفي كل الأحوال، من المستبعد جداً ألا يكون للأمرين صلة بالانتخابات الإسرائيلية، التي يواجه فيها بنيامين نتنياهو واليمين تحديات جدّية.
وأشارت «هآرتس» إلى أن القرار النهائي بشأن الخطوات التي ينبغي تنفيذها، وتوقيت ذلك، لن يتم قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 آذار الحالي.
وقال مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض لـ «هآرتس»: «إننا نرغب في رؤية تركيبة الحكومة الجديدة في إسرائيل ومقاربتها للموضوع. ولكن في العام ونصف العام المتبقيين لأوباما في البيت الأبيض سنكون ملزمين بمعالجة هذا الموضوع، لأنّ الوقت يعمل في غير صالحنا».
ومن المؤكد أن كلاماً من هذا القبيل يثير غضب الحكومة الإسرائيلية ورئيسها نتنياهو، الذي ذهب إلى واشنطن للتصادم مع أوباما وإدارته بشأن إيران.
وفي نظر الكثيرين، فإنّ هذا هو جانب من الرد الذي تعده إدارة أوباما للتعامل مع «عدم لياقات» نتنياهو تجاهها.
ومعروف أن لا شيء يزيد حنق نتنياهو، ويخرجه عن طوره، أكثر من الحديث عن «السلام»، خصوصاً في زمن الانتخابات التي يحلق فيها على سحب التخويف من النووي والإرهاب والحرب المقبلة.
وأشارت «هآرتس» إلى أن معظم انتباه البيت الأبيض متجه هذه الأيام نحو إبرام الاتفاق النووي مع إيران وحل أزمة أوكرانيا ومحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش».
لكن ذلك لا يمنع إدارة أوباما، وفق عدد من كبار المسؤولين فيها، من التشديد على أن المسألة الفلسطينية موجودة طوال الوقت على طاولة الرئيس ووزير خارجيته جون كيري.
وليس صدفة أن كيري يبدي بشكل متزايد في الأيام الأخيرة قلقاً على مصير السلطة الفلسطينية، بعد تدهور العلاقات بينها وبين إسرائيل.
ويرسم المسؤولون الأميركيون صورة لأزمة تزداد تفاقماً في كل يوم، منذ انفجار المحادثات بين الطرفين قبل عام تقريباً، وفي ظل الجمود السياسي العميق والحرب الأخيرة على غزة، والتطورات في الأمم المتحدة، وانضمام الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية، ورد إسرائيل بوقف إيصال أموال الضرائب.
كما تنظر الولايات المتحدة بخطورة إلى تهديدات السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، والنية لتقديم شكاوى ضد تل أبيب إلى المحكمة الجنائية الدولية مطلع نيسان المقبل، عند سريان عضويتهم فيها، وبسبب تدهور الوضع الاقتصادي في مناطق السلطة. وأشار مسؤولون أميركيون، على وجه الخصوص، إلى الخشية من انهيار السلطة اقتصادياً بعد شهور قليلة، جراء عدم تحويل إسرائيل أموال الضرائب الفلسطينية.
وفي نظر الأميركيين فإن انهياراً كهذا قد يخلق أزمة شديدة الخطورة، فضلا عن فوضى أمنية وربما اندلاع صدام.
وكان كيري تباحث هاتفياً، الأسبوع الماضي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونتنياهو، خصوصاً حول إيجاد حل لأزمة أموال الضرائب.
وتحادث كيري مع وزراء خارجية عرب، طالباً منهم تقديم مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية لمنع انهيارها.
وتحدثت «هآرتس» عن أن إدارة أوباما تسعى حالياً لكبح الخطوات الفلسطينية في المحكمة الجنائية من جهة، ومنع انهيار السلطة من جهة أخرى. ولكن على المدى المتوسط، فإنّ الإدارة الاميركية تعمل على بلورة مبادرة ديبلوماسية في الشأن الفلسطيني قبل انتهاء ولاية أوباما.
وقال مسؤول أميركي «نحن نرغب في إيجاد اللحظة الصائبة للقيام بمحاولة إضافية للدفع باتجاه خطوة ما في الموضوع الإسرائيلي - الفلسطيني. أنا لا أؤمن أننا لن نحاول فعل ذلك قبل العام 2016».
وشددت «هآرتس» على أن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية لم يقررا بعد، لا كيف سيتصرفون، ولا متى سيطرحون مبادرتهم.
وفي نظرهم، فإن أموراً كثيرة ستظهر بعد اتضاح نتائج الانتخابات، ومعرفة تركيبة الحكومة الإسرائيلية الجديدة وسياستها.
ويقول مسؤولون أميركيون إن محاولة أخرى لاستئناف المفاوضات على التسوية الدائمة ستحدث، برغم الإدراك أن الظروف لن تكون مناسبة جداً.
ومع ذلك، فإن ثمة خطوات سياسية كثيرة يمكن للأميركيين الإقدام عليها لكسر الوضع القائم. وأحد الأفكار، التي تطرح في المداولات الداخلية، هي عرض فكرة أميركية جديدة لحل النزاع عبر الأسرة الدولية. وتتضمن الفكرة مبادئ اتفاق إطار، سبق لكيري أن بلوره مع الطرفين في نهاية العام 2013 ومطلع 2014، ولم يعلن. وتضمن اتفاق الإطار بنوداً، مثل إدارة المفاوضات على أساس خطوط 67، مع تبادل أراض واعتراف بإسرائيل كـ «دولة قومية للشعب اليهودي» والقدس عاصمة للدولتين وترتيبات أمنية على غور الأردن، وجدول زمني لانسحاب القوات الإسرائيلية من الضفة الغربية.