افراسيانت - كيفورك ألماسيان - كشف تقرير نشرته صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه زونتاغ تساينونغ» الألمانية، عن توجه حزب «البديل من أجل ألمانيا» إلى الضغط من أجل حظر المآذن والأذان والنقاب.
وقالت بيتريكس فون شتروك نائبة رئيس الحزب إن "الإسلام في حد ذاته فكر سياسي لا يتوافق مع الدستور الألماني." وأضافت شتروك "نحن نؤيد حظر بناء المآذن ورفع الأذان والنقاب." ونقلت الصحيفة الألمانية عن ألكسندر جوالاند، نائب رئيس الحزب وزعيم كتلته البرلمانية في ولاية براندنبورغ أن "الإسلام ليس دينا مثل المسيحية الكاثوليكية أو البروتستانتية، بل هو مرتبط ثقافيا دائما بالسيطرة على الدولة." لذلك فإن "أسلمة ألمانيا تمثل خطراً يجب أخذه بعين الاعتبار".
يُذكر أن حزب البديل المعارض هزم «الحزب الديمقراطي الاشتراكي» (SPD) في انتخابات المجالس في ثلاث ولايات ألمانية، مستفيدا من القلق الشعبي المتزايد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين الذين وصل أكثر من مليون منهم العام الماضي، ومن أحداث التحرش الجنسي في مدينة كولونيا، وتصاعد خطر الإرهاب في أوروبا.
من جهته، وجه الائتلاف الألماني الحاكم، المؤلف من حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» (CDU) المنتمية إليه المستشارة أنغيلا ميركل و«الحزب الديمقراطي الاشتراكي» (SPD)، انتقادات حادة لحزب البديل المعارض، وأكدوا أن توجهاته الأخيرة مناهضة للإسلام.
وصرح مفوض الكتلة البرلمانية لحزب الـCDU لشؤون الكنائس والمؤسسات الدينية فرانتس يوزيف يونغ لصحيفة «دي فيلت» الألمانية بأن "حزب البديل من أجل ألمانيا" يزداد تطرفاً.. وأن "مواقفه تجاه الإسلام تنبع من تفكير متطرف واضح لا يتفق مع الدستور". وأضاف يونغ أن حزب البديل "يشوه جزافا عقيدة بأكملها، ويسعى لتقويض الحرية الدينية عبر حظر المآذن".
في موازاة ذلك، أكدت مفوضة الـSPD لشؤون الكنائس والمؤسسات الدينية كريستين غريزه أن مواقف الـAfD من الإسلام مخالفة للدستور. وقالت غريزه للصحيفة إن "البديل من أجل ألمانيا" يصدر أحكاماً مسبقة بطريقة عالية الخطورة لا أساس لها من الصحة. وأكدت أن "هناك بالطبع إسلام معتدل، يؤمن به أكثر من 90 في المئة من المسلمين المقيمين هنا"، مضيفة أنه لا يجوز سحب وجود بعض المجموعات المتطرفة على دين بأكمله.
في المقابل، أدلى ماركوس فرونماير رئيس رابطة الشباب في حزب البديل AfD بتصريح خاص إلى موقع "RT" قال فيه إن هذه التقارير المتداولة لا تمثل برنامج الحزب بل هي آراء بعض أعضائه. وأكد فرونماير أن مناقشة لبرنامج الحزب ستُجرى في نهاية هذا الشهر في مدينة شتوتغارت، بحضور زعمائه.
وأضاف فرونماير أن "ألمانيا دولة علمانية وحزب الـAfD يريدها أن تبقى دولة علمانية"، لكن الأحزاب الحاكمة مثل الـCDU وحتى «حزب الخضر»، تناقش بجدية تخصيص كوتا للمسلمين تحت شعار "التنوع". والـAfD ضد هذا النوع من الحصص. وبحسب فرونماير، فإن النقاش الأخير حول الإسلام في ألمانيا "موجه أكثر ضد هذا المشروع السياسي" وليس ضد المجتمع الإسلامي ككل، لأن الدستور الألماني يضمن حرية الأديان والـAfD لا يريد تغيير ذلك.
ويختتم فرونماير تصريحه قائلاً: "علينا معالجة مسألة التطرف الإسلامي من منظور مختلف. مثلاً على الحكومة الألمانية الكف عن دعم المتطرفين في الداخل والخارج، وخاصة في سوريا.. وعليها التوقف عن دعوتهم إلى ألمانيا تحت ذريعة اللجوء الإنساني.. يجب عليها أن تتوقف عن ذلك فورا".
في السياق نفسه، يقول مانويل أوكسنرايتر، مدير «المركز الألماني للدراسات الأوراسية» إن النقاش حول الإسلام في ألمانيا هو نتيجة للهجرة الجماعية غير الشرعية إلى البلاد، حيث أصبح انتقاد الإسلام متنفساً للاحتجاج على سياسة الباب المفتوح للاجئين. ففي ألمانيا لا يمكن لأحد انتقاد الآثار السلبية للهجرة الجماعية إلى البلاد أو حتى مناقشتها، وإلا سيتم تصنيفك بـ"النازي" أو "الفاشي"، بحسب أوكسنرايتر.
ويضيف أوكسنرايتر بأن لألمانيا علاقات ودية مع دول تدعم الإرهاب مثل تركيا والمملكة العربية السعودية. كما أن للوهابيين والسلفيين موطئ قدم في البلاد، ويديرون مؤسسات رسمية مثل «المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا». ورئيس هذا المجلس هو أيمن مزيك (والده من سوريا)، وهو مؤيد شرس للجماعات الإرهابية في سوريا.
وفي الحقيقة، يمكن اعتبار هذا المجلس ذراعا طويلة لـ"جماعة الإخوان المسلمين" في ألمانيا. كما أن لـ«مؤسسة الملك فهد» السعودية الداعمة للمنهج السلفي الوهابي مرافق خاصة في ألمانيا، ولا أحد يجرؤ على الاعتراض، وفق تعبير أوكسنرايتر.
بناءً على ما سبق، فإن الرأي العام الألماني لم يعد يفرق بين الإسلام والوهابية والسلفية، بحسب رؤية مدير «المركز الألماني للدراسات الأوراسية»..
ويضيف أن الدعم الحكومي وتبييض صورة المتطرفين الإسلامويين في ألمانيا تحت شعار "التعددية الثقافية"، دفع بالشعب الألماني إلى اتخاذ موقف نقدي تجاه الإسلام بشكل عام.
بالتالي، فإن النقاش الذي دار مؤخراً داخل أروقة حزب الـAfD يمثل بالضبط هذه المشاعر الشعبية. فالمشكلة ليست في عدم تسامح بعض أعضاء الـAfD تجاه الإسلام، بل في السياسات الخاطئة لحكومة برلين التي أدت إلى إنتاج هذه المشاعر السلبية تجاه الإسلام.