افراسيانت - جنين - "القدس" دوت كوم - تقرير علي سمودي - اشتهرت قرية زبدة الجديدة ، عبر التاريخ ، بالثروة الحيوانية وتميز سكانها في انتاج الأجبان وتصنيع الزبدة التي نسب اليها الاسم ، لكن في ظل الاحتلال والاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري والمضايقات المستمرة من مصادرة الاراضي واغلاق المراعي والتضييق على الرعاة ، تعرضت هذه المهنة للتراجع والانهيار ، وفقد الأهالي أحد اهم موارد الدخل الذي استعاضوا عنه بتصنيع وتجارة الفحم ، لكن تدخلات الاحتلال أدت للقضاء على هذا المورد ، بينما ورغم جهود المجلس القروي ، ما زالت القرية تفتقر للكثير من مقومات الحياة خاصة المياه والمدارس والنفايات وعدم توفر مراكز صحية.
نبذة تاريخية
ضمن سياسة الدمج للهيئات المحلية التي نفذتها وزارة الحكم المحلي ، أصبحت خربة مسعودة المجاورة تتبع لمجلس قروي زبدة الجديدة التي تمتد على مساحة 30 ألف دونم ، وقد صادر الاحتلال منها 1500 دونم من الاراضي الزراعية.
ويقول رئيس المجلس وجيه زيد " تأسست القرية منذ سنوات بعيدة جداً ، وعمرها أجدادنا وآباؤنا واقاموا فيها قبل الانتداب البريطاني على فلسطين ، لكن بسبب ظروف الحياة الصعبة ، لجأت بعض العائلات للهجرة بحثاً عن حياة أفضل ".
ويضيف " ذاعت شهرة قريتنا بسبب اعتماد الناس بمعيشتهم على الثروة الحيوانية ، فقبل 20 عاماً فقط ، امتلك سكان زبدة وأم دار أكثر من 10 آلاف رأس غنم ، وحالياً بسبب الجدار والمضايقات لا يوجد سوى 500 رأس ماشية "، ويكمل " منذ أن خلقنا وطوال حياتنا نشأنا وكبرنا والقرية تحمل نفس الاسم ، عشنا حياة مستقرة وجميلة من خيرات الارض التي اشتهرت بزراعة التبغ واللوزيات وأشجار الزيتون وتجارة الماشية ومنتجاتها من الالبان والزبدة ، ثم صناعة الفحم ".
وذكر زيد ، أن القرية تضم آثارا قديمة منها المسجد العمري ، ومقامات دينية واسلامية أبرزها مقامات الشيخ نصر والشيخ صبر والشيخ مصطفى والتي تعتبر معالم اسلامية تروي تاريخ المنطقة وجذورها التاريخية العريقة ، كما تضم مغر كبيرة استخدمت لعصر الزيتون وآبار صغيرة وفرت المياه للقرية واراضيها ، ويوجد في القرية منطقة تسمى " قصر الشيخ "، وهو قديم جداً وما زال موقعه وأثاره موجودة حتى اليوم ، ويوجد في القرية شجر زيتون " رومي "، ويزيد عمر بعض الاشجار عن 1500 عام .
تجمع المنظار
وتتبع قرية زبدة الجديدة ، خربة " المنظار "، والتي أصبحت تقع داخل جدار الفصل العنصري ، ويقول زيد " يقيم أهالي المنظار في تجمعين صغيرين ، ويعتاشون من تربية الماشية ، وتدهورت أوضاعهم كثيراً بعد اقامة الجدار العنصري ".
زبدة والاحتلال
صادر الاحتلال ، 1500 دونم من أراضي قرية زبدة الجديدة ، التي يقع بالقرب منها الشارع الالتفافي المؤدي لمستوطنات "دوثان " و"حرميش "،ويفيد رئيس المجلس " أن الاحتلال يقف خلف تدمير تجارة الثروة الحيوانية ،بسبب المضايقات التي تعرض لها أصحاب المواشي حيث منعهم من رعايتها بعد اغلاق الاحراش والمراعي على امتداد الشارع الالتفافي الرئيسي للمستوطنات "، ويضيف " سياسات الاحتلال ، حولت غالبية السكان لعمال في الداخل وضاقت بهم سبل العيش مما أرغم البعض على الهجرة " ، وأكمل " جدار الفصل العنصري ، سبب استخدمه الاحتلال لمصادرة الاراضي المزروعة بالزيتون ومراعي الاغنام" .
التعليم والبطالة
رغم ذلك ، يفخر رئيس مجلس زبدة الجديدة ، بنسبة التعليم بين شبابها وارتفاع عدد حملة الشهادات الجامعية ، ويقول " في ظل ظروف الحياة الصعبة ، وحرمان الأجيال السابقة من التعليم ، برز اهتمام الاهالي بتعليم ابنائهم ، ورغم أن قريتنا صغيرة ، لكن نسبة الشباب المتعلم وحملة الشهادات العليا كبيرة ، ولدينا نسبة كبيرة من الحاصلين على الثانوية أو شهادات الجامعة ، لكن غالبيتهم عاطلين عن العمل "، ويضيف " نسبة البطالة عالية جداً ، وللأسف في ظل ظروف الحياة الصعبة ، يضطر الخريجون للعمل في الدخان أو في المهن المختلفة في اسرائيل اذا توفرت فرص عمل ، فلا توجد فرص عمل دائمة وآمنة " ، منوهاً إلى أن نسبة العائلات في المنطقة التي تعمل في الدخان 45 % ، والفحم 20 % ، والباقي موظفون أو عمال .
مشاكل ومعاناة
منذ تشكيل مجلس قروي زبدة الجديدة ، بذلت جهودًا كبيرة لتطويرها والنهوض بها ، ورغم ما حققه من انجازات في عدة مجالات ، يؤكد رئيس المجلس زيد ، أن القرية تعاني من عدة مشاكل كبيرة وفي مقدمتها المياه ، ويقول " مشكلة المياه عامة في غالبية بلدات وقرى يعبد ، وطوال العام هناك انقطاع ونقص ، فالمياه تصل الينا لمدة 3 أيام كل 3 شهور فقط ، مما يضطرنا لشراء الصهاريج باهظة الثمن "، ويضيف " المشكلة الثانية ، أن خطوط شبكة المياه من البلاستيك ، مما يعرضها للتلف بشكل دائم ويجعلها بحاجة لصيانة تكلف مصاريف باهظة ومرهقة لنا ".
وذكر زيد ، أن القرية تعاني من عدم توفر عيادة طبية ، وفي حال وجود حالة طارئة يجب نقلها لعيادة يعبد أو مستشفى جنين ، منوهاً إلى أن وزارة الصحة ، كانت في السابق تنظم عيادات متنقلة بواقع مرتين اسبوعياً لكنها أصبحت تقام لمدة 3 ساعات خلال يوم واحد في الاسبوع .
وطالب رئيس المجلس ، بتوسعة الشارع الرئيسي بين القرية وبرطعة حيث تقع مدرسة زبدة الثانوية للبنات ، موضحاً أنه بسبب ضيق الشارع ، تواجه الطالبات مشكلة كبيرة بسبب مرور المركبات ، والحل توسعة الشارع واضافة رصيف للمشاة خوفا على ارواح الطلبة .
واشتكى زيد ، من مشكلة تراكم النفايات في الشوارع وأمام المنازل ، بسبب قيام السيارة المتخصصة بنقلها بالحضور مرة واحدة كل أسبوع للقرية ، كما أشار لافتقار القرية للنوادي الرياضية والشبابية وأماكن للترفيه ومنتزهات عامة .
المفاحم والاحتلال
شهدت قرية زبدة الجديدة ، انتعاشا كبيرا بعد بناء وتأسيس ورش تصنيع الفحم فيها ، والتي وفرت مصدر دخل جديد وعمل دائم للايدي العاملة ، ويقول زيد " قبل 15 عاماً ، اقيمت المفاحم على الشارع الرئيسي الرابط مابين زبدة ويعبد ، وتحولت لاهم مصدر اقتصادي للمنطقة باكملها ، وتوفرت حياة كريمة للجميع ، التجار والعمال وحتى الاراضي الزراعية المجاورة "، ويضيف " بذرائع وحجج واهية ، شرع الاحتلال بالتضييق على اصحاب المفاحم ، التي حققت شهرة واسعة وانتشرت في كافة الاسواق لتميزها وجودتها ومواصفاتها العالمية ، وفوجئنا بحرب شرسة من الاحتلال حول التلوث والحفاظ على البيئة "، ويكمل " تكررت محاولات الاحتلال للقضاء على تجارة الفحم ، مداهمات ومصادرة ومنع بيع وتصدير واغلاق الورش ومحاولات لخداع وتضليل التجار والعمال ببدائل اثبتت فشلها وكشفت ان الهدف تدمير هذا القطاع كجزء من الحصار والحرب ضد الاقتصاد الفلسطيني ".
وذكر زيد ، أن الهجمة الاسرائيلية وصلت ذروتها في شهر أيار من العام الجاري ، باقتحام ما تبقى من ورش تصنيع الفحم وهدمها ، ويقول " كافح وناضل اصحاب المفاحم وعمالها للحفاظ على مورد رزقهم وحمايته ،ودحض مزاعم الاحتلال الذي اقتحم الورش المتبقية ، فهدمها وحرق كميات الحطب مما كبد المواطنين خسائر مادية فادحة ".
صمود وتطوير
رئيس المجلس وجيه زيد ، المولود في زبدة عام 1969 ، يقول " في هذه الاراضي الجميلة ، عشنا وكبرنا وتعلمنا وتحدينا كل الظروف الصعبة ، انها الروح والحياة والعائلة التي لا يمكن أن نتخلى عنها ، لذلك ، نؤدي دورنا وواجبنا بشكل مستمر لخدمتها وتطويرها كأفراد وعناصر قبل أن نكون في مهامنا الرسمية "، ويضيف " قريتي هي النفس الذي نستنشقه ، والهواء النقي فيها له نكهة اخرى، ولدينا عزم وتصميم على خدمتها قبل أن أكون رئيس مجلس ، فدوماً سعينا ولن نتوقف في سبيل البناء والتطوير والتعمير والحداثة ، وبشكل مستمر ، نتواصل مع كافة الجهات المعنية لمنحها المشاريع والدعم الذي يعزز صمود سكانها ويكفل لهم حياة أفضل في ربوع وطنهم ".
خربة مسعود
تتبع خربة مسعود ، لقرية زبدة الجديدة ، وكما يوضح زيد ، فانها عبارة عن 3 تجمعات كل واحد منها يبعد عن الثاني 500 متر ، التجمع الاول يقطنه حوالي مئة نسمة ، والثاني 20 نسمة والثالث يضم عائلة واحدة ، ويقول " نسعى للنهوض بهذا التجمع وحل مشاكله وفي مقدمتها المياه ، فقبل سنوات ، لم يكن يتوفر فيها كهرباء مما اضطر غالبية الاهالي للهجرة الى برطعة وقفين بحثاً عن الوظائف و الخدمات المعيشية واليومية "، واضاف " نتمنى الحصول على دعم من الحكومة ورئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله ، لنستمر في الصمود والثبات وحماية ارضنا ".