افراسيانت - رام الله - "القدس" دوت كوم - يحل عيد الفطر هذا العام في ظل اجواء عربية قاتمة السواد ووسط تفاقم الازمات العربية الدامية في كل من سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، ومصر، وفي ظل صراع خليجي محتدم ومفتوح على كل الاحتمالات، بينما تتوارى القضية الفلسطينية خلف تلك الصراعات ويتراجع حضورها على كل المستويات.
المؤكد ان لاشيء يبعث على الامل في مشهد العيد عند العرب، والمؤكد ايضا كما تقول المعطيات انه وسط كل تلك الصراعات والازمات يجري الحديث "عن اعداد طبخة سياسية لانهاء قضية العرب/ فلسطين، لكن لا احد يعرف بعد مكونات هذه الطبخة التي يعدها الرئيس الاميركي دونالد ترامب ومساعديه وان كانت ستفضي الى دولة كتلك التي يناضل من اجلها الفلسطينيون او انه سيفرض عليهم دولة وفق مواصفات ومتطلبات حليفه الاسرائيلي".
يرسم المحلل السياسي اكرم عطالله في حديث لـ "القدس" دوت كوم صورة قاتمة للاوضاع في الوطن العربي، مشيرا الى ان الحالة العربية تشهدا مزيدا من التشرذم والتراجع والارتباك.
وقال ان الازمة الخليجية الراهنة تعكس نفسها على التحالفات في المنطقة، وهناك حالة من التشائم فيما يخص اليمن، وليبيا، وكذلك الحال بالنسبة للعراق وسوريا اللتان حسمتا أمرهما بالتحالف مع ايران وهو ما يزيد من حالة التشرذم ويعزز حالة الاصطفاف التي تشهدها المنطقة.
فلسطينيا، لا يرى عطالله ان الحال افضل، مشيرا الى ان وصول مساعدي ترامب في العشر الاواخر من شهر رمضان الى المنطقة حاملين معهم رزمة تكشف ملامح الحل الذي يريده ترامب لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وهو الحل الذي يستند كما تقول التسريبات الى روية رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، فيما يظل قطاع غزة ورغم ما يقال عن تفاهمات مصرية حمساوية دحلانية وإدخال الاف اللترات من السولار غارقا في العتمة والحيرة وسؤال المصير المجهول.
ويرى عطالله ان المنطقة بعد العيد مقبلة على مشهد اكثر تشاؤما، فالمنطقة ملبدة بالغيوم السوداء التي تثيرها وتغذيها الصراعات الداخلية والاقليمية والتحالفات الجديدة التي بدأت تتشكل على وقع هذه الازمات.
ولم يختلف الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب في حديث لـ "القدس" مع عطالله في وصف المشهد العربي الفلسطيني.
وقال حبيب "هناك مشهد سوداوي ودموي بالغ التعقيد، حيث تشهد الساحات العربية مزيدا من الازمات والصراعات وإرقة الدماء، بينما تتلاشى قضية العرب فلسطين ويتراجع مستوي الاهتمام بها بسبب قضايا اخرى خلافية ونتيجة التغلغل الاجنبي في البلدان العربية، واستمرار الانظمة العربية الحاكمة في مواجهة شعوبها، وانعدام حرية التعبير ونتيجة التقاطعات والتحالفات الجديدة، ما جعل اسرائيل الاكثر قدرة على رسم خريطة وسياسة المنطقة".
وبشأن الوضع في فلسطين، يقول حبيب، "ان الانقسام الفلسطيني انتقل من حالة الانقسام الى حالة الانفصال ومعه تبددت كل الامال في وقف هذا النزيف، فيما تشهد الارض المحتلة مزيدا من اعمال المصادرة والاستيطان".
وتابع "تبددت ايضا اي امكانية في ان تؤدي العملية التفاوضية المرتقبة الى دولة بعد ان وصل ترامب الى البيت الابيض وسمعنا ما قاله مساعدوه (جيسون غرينبلات، وجاريد كوشنر) للرئيس محمود عباس، وما يطرحونه ينسجم تماما مع الرؤية الاسرائيلية للسلام، وهو ما قد يحول دون استئناف المفاوضات المتوقفة، خصوصا وان الجانب الفلسيطني لا يمكن له القبول بالشروط الاميركية".
بدوره، قال المحلل السياسي، مهند عبد الحميد: "ما يجرى شيء محزن، وهذه من المرات القلائل التي نرى فيها ان الدول العربية تسعى لتحقيق مصالحها بعيدا عن مصلحة الشعب الفلسطيني .. هناك محاولة لتحييد القضية الفلسطينية مقابل تصعيد الخطر الايراني، ومحاربة الارهاب، وهو ما نتج عنه اشكال جديدة من التحالفات التي اصبحت اسرائيل جزءا منها".
واشار الى "ان اسرائيل لم تعد أصل المشكلة بالنسبة للكثيرين بل يجرى التنسيق معها بذريعة مواجهة الخطر الايراني والارهاب، ليكون المدخل للحل مع الدول العربية على حساب حل قضية الاحتلال الاسرائيلي".
واضاف " الاخطر ان هناك مسعى عربي جديد لمصادرة القرار والموقف الفلسطيني، وما يجرى الان في قطاع غزة من تلميع لمحمد دحلان واستخدامه كحل ومخرج للازمة في قطاع غزة شيء مؤلم ومخيف وينذر بعواقب خطيرة، حيث يتم فرض جهات محسوبة على دول عربية لتكون صاحبة القرار بشأن القضية الفلسطينية من خلال فرض ادواتها".