افراسيانت - واشنطن - "القدس" دوت كوم - سعيد عريقات - اظهر استطلاع للرأي أنه وبينما يعمل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإحياء عملية السلام وانهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ينقسم الرأي العام الأميركي بشأن حل هذه المعضلة المزمنة.
وبين استطلاع للرأي العام أجري اثناء زيارة الرئيس ترامب للشرق الأوسط، وأشرف عليه الأكاديمي البروفسور شبلي تلحمي من جامعة ميريلاند (الباحث الخبير باستطلاعات الرأي في معهد بروكينغز للأبحاث بواشنطن) أن الأمريكيين منقسمون بالتساوي تقريبا بين تاييدهم لـ "حل الدولة الواحدة و حل الدولتين"وما إذا كانوا يريدون ان ينتهج الرئيس ترامب سياسة دبلوماسية متوازنة في الشرق الأوسط أم لا.
ويظهر الاستطلاع انه "في حال استعصاء حل الدولتين، فإن ثلثي الأميركيين يفضلون أن تكون إسرائيل ديمقراطية، ينعم المواطنون فيها (اليهود والعرب) بالمساواة التامة حتى لو كان هذا يعني أن تكون إسرائيل دولة يهودية".
وكما هو الحال في مختلف القضايا تقريبا، فإن الانتماءات الحزبية العميقة (جمهورية، وديمقراطية، ومستقلة) تنعكس أيضاً على بعض جوانب الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ولكن ليس بشكل مطلق، حيث أن معظم الجمهوريين (57 في المئة) يريدون لترامب أن ينحاز لإسرائيل، وعلى النقيض فإن نحو 70 في المئة من الديمقراطيين والمستقلين لا يريدون له أن يميل نحو أي من الجانبين (ان يكون متوازنا).
ولكن، من اللافت للنظر أن الاستطلاع أظهر أن أغلبية الجمهوريين والديمقراطيين (وكذلك المستقلين) يؤيدون "الديمقراطية الإسرائيلية" على يهوديتها إذا لم يعد حل الدولتين ممكناً.
وبالنسبة للدول العربية، فإن الأردن حظي بافضل تاييد او وجهة نظر لدى الاميركيين وبلغت 64٪ ، مقابل 55٪ لمصر و 47٪ للمملكة العربية السعودية.
وبالمقابل فان 72 في المئة من الأميركيين ينظرون لإسرائيل نظرة مؤيدة (يذكر أن المملكة العربية السعودية مدرجة كأفضل حليف للولايات المتحدة بين الدول العربية، 35٪ ربما لأن ترامب كان في زيارة للسعودية أثناء الاستطلاع ، تليها الأردن 20٪ ومصر والإمارات العربية المتحدة 11٪ لكل منهما).
وتتفوق أولوية إنهاء النزاع السوري على أولوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بين الأميركيين، ، ربما لأنهم يرونه مرتبطا مباشرة بأولويتهم العليا في هزيمة داعش.
ووجد الاستطلاع أنه وبعد خمسة أسابيع من الضربة الأميركية لقاعدة الشعيرات التابعة للقوات الجوية السورية، رداً على إدعاءات أفادت بأن نظام الرئيس السوري بشار الأسد (يوم 6 نيسان الماضي) "استخدم أسلحة كيميائية ضد شعبه"، فإن الأميركيين لا يرون إلا تغييرا طفيفا في النزاع السوري: عموما، قال 72٪ من المستطلعين أنه لم يحدث أي تغيير، بما في ذلك 64٪ من الجمهوريين و 77 فى المائة من الديمقراطيين و 79 فى المائة من المستقلين فيما قال 15 في المائة فقط انها (الأوضاع في سوريا) تغيرت نحو الأفضل، بما في ذلك 28 في المائة من الجمهوريين و 5 فئ المائة من الديمقراطيين و 7 في المائة من المستقلين. وبالإضافة إلى ذلك، قال 12 في المائة أن الضربات الأميركية غيرت الصراع السوري إلى الأسوأ، بما في ذلك 6 في المائة من الجمهوريين و 17 في المائة من الديموقراطيين و 11 فى المائة من المستقلين.
واستنتج الاستطلاع أن ترامب يواجه عقبات دبلوماسية هائلة في السعي لتحقيق السلام الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة وأن كثيرين في الحكومة الإسرائيلية يعارضون علنا حل الدولتين أو وقف الاستيطان في الضفة الغربية، ولا يزال "الفلسطينيون منقسمون بشدة والعالم العربي مشغولا بصراعاته الداخلية وكذلك تحديات احتواء نفوذ إيران ومواجهة داعش والقاعدة".
واظهر الاستطلاع أن "هناك قضايا يتعين على ترامب مواجهتها فى الداخل ليتمكن من النجاح" وهي التالية.
اولا: في الوقت الذي يعتقد فيه الأميركيون أن السلام الإسرائيلي - الفلسطيني مهم، إلا أنهم يرون مواجهة داعش ومعالجة الصراع السوري كأولويات أعلى. ولتبرير ما يحتاجه الرئيس وطواقمه لبذل الجهود القصوى للتوسط في عملية السلام في الشرق الأوسط، يستنتج الاستطلاع انه يتوجب على الرئيس أن يقنع الأميركيين مجددا بأن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يستحق الوقت والاهتمام، وهذا بدأ فعليا من خلال ما قاله ترامب في بيت لحم بأن "السلام الفلسطيني الإسرائيلي سيحقق السلام الأوسع في الشرق الأوسط ويساعد على هزيمة داعش"؛ ولكن الجمهور الأميركي لا يزال متشككا، وكذلك رئيس وزراء إسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعتقد أنه "لا وجود لمثل هذه العلاقة الإستراتيجية بين السلام وهزيمة الإرهاب" بحسب الاستطلاع.
ثانيا: يشكل الانقسام الحزبي الأميركي (جمهوري / ديمقراطي) تحديا لترامب، ففي حين أن 60 في المئة من الأميركيين عموما يريدون ترامب أن يكون متوازناً في جهوده الدبلوماسية (نحو الفلسطينيين وإسرائيل)، فإن قاعدة ترامب الحزبية (57 في المئة من الجمهوريين، 61 في المئة من الذين انتخبوا ترامب ، 62 في المئة من الذين يشاهدون فوكس نيوز ، و 65 في المئة من الجمهوريين المسيحيين الإنجيليين) يريدون منه أن ينحاز الى جانب إسرائيل.
يشار إلى أنه في استطلاعات الرأي السابقة التي أجراها مركز استطلاع الرأي في جامعة ميريلاند (ونشرت الشهر الماضي)، فان الجمهوريين يقولون أيضا بأنهم معجبون برئيس وزراء إسرائيل أكثر من أي زعيم وطني أو عالمي آخر غير ترامب نفسه.
ثالثا: ركز ترامب في خطابه في الرياض وإسرائيل بشكل كبير على ان إيران التي قد تكون أولويية هذه البلدان، إلا أن الجمهور الأميركي بحسب الاستطلاع لا يصنف إيران على قمة أولوياته، مع العلم أن ذلك من الممكن أن يتغير إذا استمر ترامب في تسليط الأضواء على إيران، ولكن في الوقت الراهن، فان الاميركيين يشعرون بأنهم يستلمون إشارات متناقضة، فهم يضعون محاربة داعش كأولوية أعلى من إيران، وفي سوريا فان إيران هي عدو داعش؛ فيما يصنف حلفاء ترامب (السعودية وإسرائيل) إيران كأولوية أعلى من داعش، وهي رسالة يبدو أن ترامب تبناها في خطاباته في الشرق الأوسط.
رابعا: بينما أيدت أغلبية طفيفة من الأميركيين الضربات على سوريا (بما في ذلك الأغلبية الساحقة من الجمهوريين)، الا انه وبعد أسابيع قليلة، فإن الجمهور الأميركي لا يرى نتائج إيجابية لذلك (ولا للتدخل المباشر في سوريا) .
وأخيرا، من اللافت أن الحصول على صفقات تجارية مواتية لا يعتبر أولوية قصوى للأميركيين في الشرق الأوسط.
يشار إلى أن ترامب شدد في الرياض، على "خلق الوظائف كمحور لرسالته" ولكن بين القضايا المطروحة، فإن الأميركيين يرتبون داعش وسوريا وإسرائيل وفلسطين وإيران كأولويات أعلى.
وجاء هذا الاستطلاع نتيجة لدراسة استقصائية للبالغين في الولايات المتحدة أجرتها جامعة ميريلاند، "مركز القضايا الحرجة من 19-22 أيار ، وشمل عينة وطنية (عبر البلاد) استطلعت 2616 شخصا.