افراسيانت - رأى محللون مصريون أن التقرير البريطاني حول الحرب على العراقو أثبت أنه كان هناك تصميم لتدمير الدولة العربية، وكشف بوضوح الوجه العدواني والاستعماري لبريطانيا وأمريكا اللتين شنتا حربا بعد أن رددتا مزاعم كاذبة عن وجود أسلحة دمار شامل في بغداد.
وأعلنت لجنة التحقيق البريطانية "الأربعاء" الماضي تقريرها عن الحرب على العراق في عام 2003، ووجه جون شيلكوت رئيس اللجنة انتقادات قاسية لرئيس الوزراء الأسبق توني بلير، معتبرا أن الحرب لم تكن آنذاك حتمية، وأنها حدثت قبل استنفاد كل الحلول الدبلوماسية.
وقال شيلكوت إن بلير وعد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش بالوقوف إلى جانبه في العراق "مهما حدث".
ورأى أن بريطانيا استندت للمشاركة في الحرب إلى معلومات استخباراتية لم يتم التحقق منها بشكل كاف، وأن خططها لفترة ما بعد الحرب لم تكن مناسبة على الاطلاق.
وفي هذا الصدد، قال السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري الأسبق، إن التقرير البريطاني أثبت أنه كان هناك تصميم من قبل أمريكا وبريطانيا على تدمير العراق.
وأضاف العرابي، وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان حاليا، إن التقرير البريطاني صدر بعد "تدمير هائل وخراب هائل في العراق، ومعالجة الأمر الآن شبه مستحيل".
وتابع أن كثيرا من دول المنطقة من بينها السعودية كانت قد قدمت النصائح لأمريكا وبريطانيا بعدم غزو العراق، كما أن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك نصح أمريكا بنفس الأمر.
وعن إمكانية استغلال التقرير في المطالبة بمحاكمة بلير، قال العرابي" لا اعتقد أن هناك نوايا للجوء لمحاكمات دولية".
من جهته، رأى الدكتور جمال سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس أن التقرير أثبت الوجه العدواني والاستعماري لأمريكا وبريطانيا، لكنه أيضا يثبت أن المجتمع الأوروبي يحاسب المخطئ، ولا يحجب الحقائق، ولا يتستر على الأخطاء.
وقال سلامة، إن دولة العراق يمكنها استغلال التقرير في المطالبة بتعويضات عن آثار الحرب.
لكنه استبعد محاكمة بلير جنائيا، مشيرا إلى أن قرار الحرب "سياسي وليس جنائي"، وبالتالي فإن أقصى قرار قد يتخذه البرلمان البريطاني بسبب هذا التقرير هو سحب الثقة من المسؤول عن الحرب.
وأضاف أن "بلير ترك منصبه كرئيس للوزراء منذ سنوات، وبالتالي فإن التقرير لن يكون له تأثير على الأرض".
وأشار إلى أن التقرير صدر بعد فوات الآوان، ولن يغير شيئا بالنسبة للعراق، لأنه لم يتحدث عن ارتكاب جرائم حرب بل تحدث عن خطأ في اتخاذ قرار الحرب، وبالتالي العراق لا يستطيع أن يستغل التقرير في المطالبة بمحاكمة بلير، وإذا أرادت بغداد الذهاب للمحكمة الجنائية الدولية فعليها أن تثبت أن بريطانيا ارتكبت جرائم حرب في أراضيها.
وواصل، "لو كانت العراق دولة قوية تشهد استقرارا وبها كتلة سياسية متماسكة ربما كان يمكنها الاستفادة من التقرير، لكنها مشغولة بمشاكلها الداخلية، وتجاوزت مرحلة الحرب إلى مرحلة الصراع الداخلي".
بدوره قال الخبير العسكري اللواء متقاعد طلعت مسلم إنه يمكن الخروج بدروس مستفادة من هذا التقرير لتجنب الحروب.
وأشار إلى أن التقرير لم يأت بجديد، حيث كان واضحا أن بريطانيا وأمريكا لم تستنفدا الطرق الدبلوماسية مع الرئيس الأسبق صدام حسين قبل شن الحرب، كما لم تستطيعا إثبات امتلاكه أسلحة دمار شامل.
واعتبر أن "بلير تصرف كتابع للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، وليس كرئيس وزراء دولة تبحث عن مصالحها وتراعى مبادئ عامة".
ورأى أن " التقرير تحصيل حاصل بالنسبة للعراق، فقد انتهت الحرب منذ سنوات وتغيرت الظروف، ولا يمكن الاستناد اليه للمطالبة بمحاكمة بلير أمام المحكمة الجنائية الدولية".
وختم " لكن على العراق أن يبحث سبل الاستفادة من التقرير قانونيا أو اقتصاديا".
من جهتها، طالبت لجنة الشؤون العربية بالبرلمان المصري بـ" تقديم كافة المسؤولين عن غزو العراق وعلى رأسهم جورج بوش وبلير للمحكمة الجنائية الدولية باعتبارهم مجرمي حرب".
وقالت في بيان، " إن ما آلت إليه الأحداث عقب هذه الحرب يستوجب سرعة التحرك من الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي باعتبارهما معنيين بالسلم والأمن الدوليين لتكليف لجنة دولية بحصر كافة الخسائر الاقتصادية والسياسية التي تكبدها العراق منذ الغزو، وإلزام أمريكا وبريطانيا بدفع كافة التعويضات المناسبة".
وأكدت "ضرورة تقديم الدعم المادي والعسكري واللوجستي للعراق في حربه ضد الإرهاب وتقديم كل العون اللازم للجيش والشرطة العراقية لعودة الأمن والاستقرار ولم شمل الوطن الممزق".
وطالبت اللجنة كذلك الجامعة العربية بإدراج نتائج تقرير لجنة التحقيق البريطانية على جدول أعمال القمة العربية المقررة بعد أيام في موريتانيا، للتأكيد على دعم العراق، والحفاظ على وحدة أراضيه في مواجهة المخططات الاستعمارية والإرهابية على حد سواء.
وانتقدت "صمت أمريكا بلد الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان على مجرم الحرب الأول جورج دبليو بوش الذي قاد هذا الغزو بمزاعم كاذبة عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق".
ونوهت بـ" الجرائم البشعة التي وقعت في العراق منذ الغزو الغاشم، الذي أسفر عن أكثر من مليون شهيد، وملايين المصابين والنازحين واللاجئين على مرأى ومسمع العالم، وكان بداية الحرب الطائفية في العراق، ثم ظهور التنظيمات الإرهابية كداعش وغيرها، التي غذتها ومولتها وسلحتها أجهزة المخابرات الغربية وحلفاؤها لينتشر الإرهاب كالسرطان في جسد الأمة العربية كلها".
واعتبرت اللجنة أن " كل ذلك بغرض تمزيق الأمة العربية، وتحويلها إلى دويلات واهنة ضعيفة وفقيرة لصالح الكيان الصهيوني المتحالف مع الإمبريالية الدولية، متزامنا مع حملات شعواء ضد المسلمين لوصمهم جميعا بالإرهاب".
وختمت إن " هذا التقرير جاء كاشفا للمؤامرات المستمرة التي تحاك ضد الوطن العربي والشرق الأوسط لتحقيق الأطماع الغربية في الاستيلاء على هذه الأوطان، ونهب ثرواتها".