افراسيانت - بحلول اليوم السبت، تكون قد مرت خمس سنوات على استقلال جنوب السودان، ولكن ليس هناك ما يستحق الاحتفال. فاتفاق السلام الذي يفترض ان ينهي الحرب الاهلية المدمرة لا يزال هشا والبلاد على شفا المجاعة.
وقتل عشرات الالاف معظمهم من المدنيين منذ نهاية 2013 واندلاع الحرب الاهلية التي اجتاحت الدولة الفتية ودمرت اقتصادها، ما دفع الحكومة الى الغاء الاحتفال للمرة الاولى.
ودعت مجموعة الازمات الدولية (انترناشونال كرايزيس غروب) التي تهتم بالازمات في العالم، الدول الراعية لاتفاق السلام الى التحرك "بشكل عاجل" من اجل انقاذ الاتفاق والحيلولة دون ان تغرق البلاد مجددا في نزاع اوسع.
ووقع اشتباك مساء الخميس في جوبا بين وحدة المتمردين السابقين المتمركزة في العاصمة وجنود من الجيش الشعبي الموالي لسلفا كير اسفر عن مقتل خمسة جنود، وهو ما يؤكد هشاشة اتفاق السلام الموقع صيف 2015.
ونجم عن المعارك ازمة انسانية واسعة مع اضطرار مليوني شخص على الهرب من قراهم. وبات نحو خمسة ملايين اي اكثر من ثلث السكان يعتمدون تماما على المساعدات الغذائية الطارئة.
وقال المحامي المختص بحقوق الانسان ديفيد دنق ان "ظروف الحياة لم تكن يوما بمثل هذا السوء في جنوب السودان"، متحدثا عن تضخم خارج عن السيطرة واستمرار المعارك وعن الجوع وعن تعمق الريبة بين اطراف النزاع.
واضاف "اخشى انه اذا لم يتم تقويم الوضع بسرعة ان نغرق مجددا في نزاع بمثل قسوة الحرب التي استمرت 22 عاما" مع السودان، قبل نيل جنوب السودان استقلاله.
وارتفعت اسعار البضائع والخدمات بشكل كبير منذ الاستقلال في 2011 مع بلوغ التضخم حاليا 300% وتراجع قيمة العملة بنسبة 90% هذه السنة.
وقال الاقتصادي لدى مركز "ايبوني سنتر" للابحاث في جوبا ان "عدم توفر المال لدى الحكومة للاحتفال بالاستقلال دليل على عمق المشكلات الاقتصادية".
وبعد الحرب الاهلية الاولى 1983- 2005، حصل جنوب السودان على استقلاله من الخرطوم في 9 تموز/يوليو 2011 اثر استفتاء.
وبعد سنتين في نهاية 2013، اندلعت حرب اهلية جديدة. وانفجر النزاع داخل الجيش الذي يشهد انقسامات سياسية واتنية يغذيها التنافس بين الرئيس سلفا كير ونائبه رياك مشار.
وعاد مشار في نيسان/ابريل الى جوبا تطبيقا لاتفاق السلام الموقع في آب/اغسطس 2015 وشكل مع كير حكومة وحدة وطنية ولكن المعارك استمرت على الارض.
وتقول بابكر ياوا البالغة من العمر 31 عاما والتي فرت الشهر الماضي من منطقة كاجو-كيجي المجاورة لاوغندا نتيجة المعارك، لوكالة فرانس برس "نحن نعاني هنا، لا طعام ولا مكان نختبىء فيه".
وتضيف المرأة وهي ام لثلاثة اطفال، "ما نريده هو ان ينهي الرئيس سلفا كير ورياك مشار الحرب".
في حزيران/يونيو، ارغمت المعارك في مدينة واو نحو 88 الفا من السكان على الفرار، وتجمع 20 الفا منهم بالقرب من قاعدة الامم المتحدة بحثا عن ملجأ. وتحولت واو الى ثاني اكبر مدن البلاد بعد ان دمرت الحرب اجزاء كبيرة من ملكال وبور وبنتيو.
وقالت مجموعة الازمات الدولية "هناك تجاهل لاتفاق السلام، واطراف النزاع السابق يعدون العدة لخوض نزاع واسع".
وذكر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون مؤخرا بمشاعر "الاعتزاز والبهجة والامل" التي كانت تملأ سكان البلاد قبل خمس سنوات.
ولكن في ختام زيارته الاخيرة الى جوبا في شباط/فبراير، لم يسعه ان يتحدث الا عن "خذلان الأمل (من قبل) اولئك الذين وضعوا السلطة والمكاسب فوق (مصلحة) شعبهم"، متحدثا عن "الانتهاكات الكثيفة لحقوق الانسان وعن فساد هائل".
وتؤكد المنظمات الانسانية الناشطة في البلاد ان الانهيار الاقتصادي يهدد فرص تطبيق اتفاق السلام.
ويقول المسؤول عن جنوب السودان في منظمة "اوكسفام" البريطانية غير الحكومية زلاتكو جيجيتش "في غياب اصلاحات اقتصادية ستستمر معاناة السكان وستكون عملية السلام الضعيفة اصلا في خطر".
لكن دنق يؤكد انه "من الصعب ان يكون هناك بين اهالي جنوب السودان من هو نادم على نيل الاستقلال رغم كل ما هو حاصل".
ويضيف "بات من الواضح الان حتى في غياب دور للخرطوم هنا، ان امامنا مشكلات داخلية خاصة بنا علينا التصدي لها".