افراسيانت - محمد الأحمد - ليست المرة الأولى التي يوجد فيها كبير المفاوضين الحوثيين في السعودية، ولن تكون الأخيرة، لأن الجانبين أرادا الانتقال من موقع المواجهة إلى دائرة الاتفاق على إنهاء الحرب في اليمن.
وتكمن أهمية زيارة محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثي ورئيس فريقها التفاوضي إلى السعودية، في هذا التوقيت، في أنها أتت بعد رفع جلسات محادثات السلام في الكويت إلى ما بعد عيد الفطر، خاصة وأن المبعوث الدولي الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ، موجود أيضاً في السعودية، التي تستضيف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته منذ بداية الحرب وانتقال عمل اللجنة المشرفة على وقف إطلاق النار إلى جنوب المملكة.
وخلافاً للأصوات العالية، التي تطالب باجتياح صنعاء والحسم العسكري، فإن ما يدور خلف الكواليس يرسم سناريو نهاية الحرب وآلية إعادة إحياء العملية السياسية وسحب المسلحين وجمع الأسلحة وإدماج المليشيات، والأهم من ذلك إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وهو ما ظهر من تصريحات قادةِ جماعة الحوثي ومن قيادات حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح، التي بشرت بإنجاز اتفاق شامل عند استئناف المفاوضات منتصف الشهر الجاري.
وباستثناء وفد الحكومة اليمنية الذي ظهر متخبطاً في مواقفه من خريطة الطريق التي اقترحها المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، فإن السعودية التي تقود الحرب ضد الحوثيين، ومعها الدول الكبرى، تساند مقترحات الأمم المتحدة وترى أنها المخرج الوحيد لإنهاء القتال واستئناف العملية السياسية واستعادة الأمن والاستقرار والتفرغ لمواجهة أخطار التنظيمات الإرهابية التي غذّتها الحرب ومكنتها من التوسع في اليمن.
الوفد الحكومي وقّع خطاب ضمانات وجه لوزير الخارجية الكويتي والمبعوث الدولي، ولكنه وبعد يومين من مغادرة الكويت تراجع عن مضامين ذلك الخطاب، وقال إنه لم يقبل بخريطة الطريق الأممية وأنه متمسك بشروطه لوقف الحرب، بل واتهم المبعوث الدولي بقول ما لم يقل.
هذه المواقف المعارضة لخريطة الطريق ونتائج محادثات الكويت تعكس حجم ممانعة الطرف الحكومي للقبول بمشاركته الآخرين في السلطة التي يجني مغانمها وحيداً، وتعكس ايضا خشية هؤلاء المسؤولين من فقدان مناصبهم والامتيازات المالية الضخمة التي يحصلون عليها الآن في حال تم القبول بتشكيل حكومة جديدة سيكون للحوثيين وحزب الرئيس اليمني السابق نصف مقاعدها، وهو أمر وفق مراقبين يفسر أسرار مرونة الحوثيين وحليفهم وقبولهم بما قدمه المبعوث الدولي، وتمسك الجانب الحكومي بشروطه التعجيزية.
ولهذا، فإن نتائج اللقاءات التي يجريها كبير المفاوضين الحوثيين والمبعوث الدولي في السعودية من شأنها أن تحدد مصير التسوية في اليمن، إذ بإمكانها أن تجعل الجولة القادمة من المحادثات في الكويت خاتمة للصراع وبداية مرحلة سياسية جديدة، لأن المملكة هي التي تتولى قيادة تحالف الحرب ضد الحوثيين، وهي، وفق محللين كثيرين، التي تنفق على الحكومة اليمنية وبالمجمل هي صاحبة القرار في استمرار الحرب من عدمه.
الزيارة الأولى لكبير المفاوضين الحوثيين إلى السعودية في بداية أبريل / نيسان الماضي أثمرت اتفاقاً لوقف شامل للقتال في كافة الجبهات وتشكيل لجان رقابة ميدانية من الأطراف المتحاربة في كل المحافظات، وما تبع ذلك من اتفاقات محلية أدت إلى الإفراج عن مئات من الأسرى والمعتقلين بعيداً عن الجانب الحكومي؛ ما يعني أن مجموعة الرئيس السابق، وكذا حكومة الرئيس هادي، ليسا طرفين فاعلين في استمرار القتال أو وقف الحرب، وأن السعودية والحوثيين هما الطرفان الفاعلان، وأي تفاهمات بينهما هي التي ستفرض نفسها على الجميع.