افراسيانت - حلمي موسى - أوصل الرئيس الأميركي باراك أوباما سجاله مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للذروة في اليومين الأخيرين حينما وجه رسالة الى احد أبرز جمعيات اللوبي الصهيوني (إيباك)، مفادها: كفوا عن نشر الأكاذيب حول الاتفاق النووي الإيراني. واضطر نتنياهو لتعديل رسالته الى أعضاء الكونغرس من الديموقراطيين حينما قال لهم إنه لا يقول لهم كيـف عليهـم أن يصـوتـوا علـى الاتفاق.
وفيما كشفت «هآرتس» النقاب عن أن لقيادة الاستخبارات الإسرائيلية تقييماً إيجابياً تجاه الاتفاق تخفيه خشية رد فعل نتنياهو، قال السفير الأميركي في تل أبيب دان شابيرو إن على إسرائيل الاستعداد لمرحلة ما بعد إقرار الاتفاق.
ورأت مراسلة «يديعوت» من واشنطن أورلي أزولاي، أن تهديد أوباما كان حاداً وواضحاً. وفي اللقاء الذي أجراه مؤخراً مع نشطاء اللوبي الصهيوني (إيباك) أوصل لهم رسالة حازمة: أنتم ملزمون بالكف عن نشر الأكاذيب عن الاتفاق النووي مع إيران، ويجب عليكم وقف الحملة الدعائية ضده.
وقالت أزولاي إن اللقاء بين الطرفين أظهر بكل الشدة الشرخين اللذين أنتجهما الاتفاق مع إيران، أولهما بين الإدارة وإسرائيل والثاني في صفوف يهود أميركا. إذ صار على يهود أميركا أن يحددوا اليوم ولاءهم: للرئيس الأميركي الذي يحاول بكل قوته تحقيق الاتفاق، أو لدولة إسرائيل التي يقود رئيس حكومتها حملة إقناع متعددة الضغوط على أعضاء الكونغرس للتصويت ضد أوباما.
وقال إيف فوكسمان، الذي ترأس لسنوات طويلة جماعة «الرابطة ضد التشهير»: «لو جاء لي يهودي وسألني ما العمل بشأن الولاء المزدوج، لقلت له الأمر جد بسيط: نحن أميركيون وينبغي أن نفكر في ما هو في صالح أميركا. هذا الاتفاق سيئ لأميركا. وبالصدفة هو أيضا سيئ لإسرائيل. وهذا لا يعني أننا توقفنا عن دعم أوباما».
وتمارس «إيباك» ضغوطاً على أعضاء الكونغرس للتصويت ضد الاتفاق. وكان أوباما في طريق عودته من أفريقيا علم أن اللوبي اليهودي موَّل لـ700 من نشطائه في أرجاء أميركا رحلة ومنامة في واشنطن لغزو مكاتب أعضاء الكونغرس ولإقناعهم بالتصويت ضد الاتفاق. وعلى الفور أمر أوباما بإرسال طاقم من مؤيديه إلى الفندق الذي يقيم فيه هؤلاء لعرض مزايا الاتفاق عليهم.
وأشارت «يديعوت» إلى أن الخلاف بين الإدارة الأميركية وحكومة إسرائيل يزعزع الطائفة اليهودية منذ أشهر. وقال غريغ روزنباوم، رئيس لجنة اليهود الديموقراطيين إن «هذا قاد إلى شرخ داخل الطائفة. جزء مع وجزء ضد. وطرف يصرخ على الآخر. والأمر خرج عن السيطرة».
وسمع روزنباوم ورفاقه أثناء اللقاء مع أوباما شروحات عميقة حول مزايا الاتفاق النووي وأهمية إقراره. وقال لهم أوباما: «إذا لم يقر الاتفاق، فسوف يتهمون أميركا بأنه يستحيل الوثوق بها. وستواصل إيران نشاطها النووي وحينها ستزداد الضغوط لتنفيذ عمل عسكري ضدها. وطهران لن ترد بمهاجمة واشنطن لكنها ستوجه صواريخ حزب الله إلى تل أبيب، وسيضربون دولاً عربية مجاورة، كما سيحاولون إرسال زوارق مفخخة نحو حاملات طائراتنا في المنطقة».
وروزنباوم ليس الوحيد بين يهود أميركا وأعضاء اللوبي الصهيوني الذي ينتقد نتنياهو وإدارته للحملة التي تشنها ضد أوباما. وقد كرر كثير من اليهود موقفهم بأن نتنياهو أساء إلى يهود أميركا ووضعهم في موضع حرج لأن من يؤيد منهم الاتفاق سيعرض وكأنه عميل لإسرائيل.
وكان السفير الإسرائيلي في تل أبيب دان شابيرو قد دعا الإسرائيليين في مقابلة إذاعية إلى البدء، برغم الخلافات، بحوار ديبلوماسي حول ما بعد الاتفاق. وأشار إلى أن نتنياهو لا يزال يرفض مناقشة عواقب الاتفاق على إسرائيل وأن على الطرفين إدراك أنهما على خلاف وأن ليس بوسع أحدهما إقناع الآخر. وأضاف: «عرضنا على رئيس الحكومة الشروع بمحادثات بشأن كيفية زيادة التعاون الأمني بعد الصفقة مع إيران، والبحث في المعلومات الاستخبارية التي نحتاجها، والاتفاق على الخطوات العسكرية المطلوبة في السنوات العشر المقبلة، وكيف يمكن وقف نقل الأسلحة لحزب الله والبحث في احتياجات إسرائيل العسكرية في مواجهة خطر الصواريخ».
وفي رد كان الأطول في المقابلة التي أجرتها شبكة «سي ان ان» مع أوباما وكانت حول تدخل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في السياسة الداخلية الأميركية قال: «لا أتذكر تدخلاً كهذا في السياسة الأميركية.. إن منظومة العلاقات بين أميركا وإسرائيل عميقة جداً وتتجلى في سياستي. وأنا ملتزم بأمن إسرائيل وكررت موقفي هذا مراراً. وأنا أتعامل بجدية مع الأمر ولذلك في ولايتي توثق التعاون العسكري والاستخباري بيننا وبين إسرائيل أكثر من أي وقت مضى». وأضاف أن نتنياهو مخطئ في تعاطيه مع الاتفاق النووي وتساءل: «ما هو السبيل الأفضل لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي؟ لقد كررت مطالبتي لنتنياهو وآخرين أن يعرضوا خطة منطقية ومعقولة تحقق هذا الهدف، وإلى الآن لم أتلق جواباً».
ومن جهة أخرى استعرض نتنياهو في لقاء مع 22 عضو ديموقراطي في الكونغرس يزورون إسرائيل حالياً موقفه من الاتفاق النووي. وقال لهم إنه لا ينوي التوصية بكيفية تصويتهم على الاتفاق. وقد نظم اللوبي الصهيوني رحلة هذه المجموعة من أعضاء الكونغرس إلى إسرائيل على أمل إقناعهم بالتصويت ضد الاتفاق بعد حوالي شهر.
• نشر بالتزامن مع صحيفة السفير