افراسيانت - في أقل من 15 يوما، شهدت فرنسا والمانيا أربعة اعتداءات تبناها أو أوعز بها التيار الجهادي، وما زال من الصعب فهمها، في وقت تواجه اوروبا ازمة وجود.
سواء استخدموا شاحنة او ساطورا او قنبلة او سكاكين، فقد انصاع قتلة نيس وفورتزبروغ وانسباخ وسان اتيان دو روفريه، لنداءات تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" الذي يحض اتباعه على "قتل الكفار بأي وسيلة كانت".
هذا "الارهاب بالوكالة" كما وصفه مدعي باريس فرنسوا مولانس، والذي تزداد وتيرته بشكل خطير، ويقوم بتنفيذه اشخاص لديهم مواصفات مختلفة، يحمل خبراء على التحذير من ان يتحول الى "عدوى" تضرب بلدانا أخرى.
تأتي هذه الهجمات في حين تواجه اوروبا أزمات على مستوى تدفق اللاجئين وخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وحساسيات متعلقة بالهوية... وهي استهدفت البلدين اللذين يشكلان محرك القارة الاوروبية: المانيا التي استقبلت اكثر من مليون لاجىء يشكل السوريون القسم الاكبر منهم منذ 2015، وفرنسا التي تستضيف اكبر جالية مسلمة في اوروبا.
تقول ايميلي ونتربوثام الباحثة في معهد "رويال يونايتد سرفيسز" لدراسات الامن والدفاع ان "البيئة الحالية لا تساعد بتاتا. من الممكن ان يعزز المناخ السلبي الذي نشهده في اوروبا نزوع بعض الاشخاص الى العنف".
وتضيف "علينا ان نبقى حذرين لان الدوافع والظروف والملابسات المحيطة بكل من هذه الهجمات مختلفة جدا (...) لكن ثمة على ما يبدو ميلا متزايدا لاستخدام العنف لأي سبب كان".
من جهته، يعتبر طاهر عباس المتخصص بالحركات المتطرفة في المعهد نفسه ان "العدوى كلمة قوية (...) لكننا بلغنا بالتأكيد نقطة اللاعودة"، مشيرا الى ازمة المهاجرين، والصدمة التي احدثها "بريكست" والازمة الاقتصادية التي تعصف ببلدان القارة.
ويقول المحلل النفسي الفرنسي رولان غوري الذي بادر قبل سنوات الى توجيه نداء من أجل ضرب الفكر الليبرالي الجديد، "علينا ان نتمهل ونفكر ونحلل ونحاول ان نفهم كيف وصلنا الى هنا".
ويضيف ان "الديموقراطيات التي يستهدفها داعش تجسد الانوار والاخلاقيات والحريات، لكن لها ايضا وجهها القاتم، ديانة السوق والانانية والفردية المجنونة...".
وحتى لو ان بعض الاعتداءات نفذت بدافع ايديولوجي، أو أمر تنظيم الدولة الاسلامية بتنفيذها، يعرب الخبراء عن قلقهم ايضا من أن تحمل آخرين على الاقتداء بها.
ويذكر الدكتور مايكل جيتر الباحث في جامعة ويسترن بأستراليا، بأن "علماء النفس والسياسة يفكرون منذ فترة بعيدة في العلاقة" بين الارهاب والتغطية الاعلامية. وهو أجرى بحوثا حول هذا الموضوع من خلال دراسة الهجمات الارهابية التي وقعت في العالم منذ 1970 ويناهز عددها 60 الفا.
ويضيف "من خلال النتائج الاولية للبحوث التي أجريتها، يتبين وجود علاقة سببية بين التغطية الاعلامية الكبيرة واستفحال الارهاب".
ويوضح "اذا ما وضعت نفسك مكان منظمة ارهابية، فان الصدى الاعلامي الكبير هو بالضبط ما تسعى اليه".
ونبه الى ان "التغطية الكبيرة المخصصة لهذه الاعتداءات يمكن ان تشجع مقلدين" وهم افراد يعيدون القيام بأعمال عنيفة هي موضوع حديث الناس.
وبدأ هذا النقاش في فرنسا حيث توقف عدد كبير من وسائل الاعلام عن نشر صور منفذي الاعتداءات او اسمائهم، للحؤول دون الاشادة بهم وتجنبا للوقوع في الفخ الدعائي لتنظيم الدولة الاسلامية "داعش".