الخليل - افراسيانت - في ظل الامتداد العمراني والسكني رأسيا وعموديا، ومع زيادة التطور في عدد المنشئات الصناعية في محافظة الخليل، يشكل انعدام قطاع الصرف الصحي في قرى ومدن جبل الخليل خطرا حقيقيا تزداد حدته مع مرور الوقت على واقع السكان في ظل انعدام رؤية مستقبلية لحلول تنهي هذه المشكلة.
49 مدينة وقرية يسكنها أكثر من نصف مليون شخص تخلو من شبكات الصرف الصحي، بينما تنتشر الحفر الامتصاصية داخل الأرض لتصريف المياه العادمة .
مشكلة يتساءل المواطنون فيها عن أسباب انعدام هذا القطاع في مدن تمتلك تطورا وإمكانيات تستطيع من خلالها إيجاد الحلول لهذا القطاع الذي يعاني إهمالا على المستوى الرسمي والحكومي.
مدير دائرة المياه والصحة والصرف الصحي في بلدية دورا المهندس صلاح السيخ أكد أن بلدية دورا عملت خلال السنوات السابقة في البحث عن حلول لإنهاء هذه المشكلة واعدت في العام 1999-2000 دراسة عن طريق شركة (Carl Bro Group Limited)، وفي العام 2006 تم تنفيذ جزء من هذه الشبكة التي امتدت من وسط المدينة بطول إجمالي 8 كيلو متر وانتهت بواد أبوالجمرة.
وأضاف أن البلدية حاولت إكمال هذا المشروع من خلال ربطه عبر مخيم الفوار بسيل المياه العادمة التي تصب به شبكات الصرف الصحي الخاصة بالخليل والذي يمر من أراضي مدينة يطا باتجاه أراضي الداخل عام 1948، لكن سلطات الاحتلال رفضت هذا المشروع بسبب قطعه للشارع الفاصل بين مدينة دورا ومخيم الفوار والواقع تحت سلطة الاحتلال ، وبالتالي لم يتم استخدام هذه الشبكة لعدم وجود مكان تصب فيه المياه العادمة.
وأشار المهندس السيخ الى أن المشكلة الرئيسة تكمن في عدم القدرة على إنشاء وحدة معالجة للمياه العادمة ذات التكلفة العالية والتي تحتاج إلى تمويل من عدد من الجهات المانحة، بالإضافة إلى قرار إقليمي على مستوى المنطقة بأكملها.
ويضيف أن 2 مليون يورو تكفي لإنشاء وحدة معالجة لألف متر مكعب من المياه العادمة، وبهذه المحطة يمكن استخدام هذه المياه بعد معالجتها ، للزراعة باستثناء البقوليات، لننهي بذلك مشكلة نقص المياه التي تعاني منه المدينة.
وأكد أن البلدية عملت خلال السنوات السابقة على توفير قطعة ارض لإنشاء هذا المشروع وحصلت على ترخيص له من سلطة المياه إضافة إلى ترخيص لشبكات صرف صحي للمنازل والمدينة، وتقدمت بعدة طلبات للجهات الرسمية والمؤسسات المانحة من أجل الحصول على تمويل دون جدوى.
من جهته أكد عضو مجلس بلدية الخليل المهندس نادر البيطار أن مشكلة انعدام قطاع الصرف الصحي في جبل الخليل يرجع للطبيعة الطبوغرافية لتلك المدن والقرى، حيث تقع على سلسلة جبال ، وبالتالي تتفاوت مناسيب المنشئات السكنية المبنية في تلك المناطق، على عكس مدينة الخليل التي بنيت تاريخيا بين أربعة جبال ساعدت في إنشاء سيل طبيعي تصب فيه شبكات الصرف الصحي الخاص بالمدينة يسير باتجاه الأراضي الجنوبية والداخل المحتل.
ويكمل أن المشكلة الأخرى تكمن في تعامل الناس مع حلول البلدية لهذه المشكلة، حيث تعمل البلدية على توزيع محطات للترحيل أو ضخ المياه العادمة من تلك المناطق إلى الشبكة الرئيسة ، وذلك بالبحث عن قطة ارض وشرائها لإنشاء هذه المحطات التي تقابل برفض مطلق من المجاورين لها بسبب الرائحة وغيرها ، وبالتالي أصبحت ثقافة الناس في هذا الاتجاه عائقا آخر وتحديا لوجود شبكات للصرف الصحي .
ويشير المهندس البيطار الى أن القوانين التي تعمل عليها البلديات في هذا الخصوص لا تدفع باتجاه وجود مستقبل لشبكات صرف صحي، حيث تشترط بعض البلديات وربما اغلبها بناء حفرة امتصاص للمياه العادمة داخل المنازل من اجل الحصول على الترخيص .
هذه المشكلة بدأت تطفو بمخاطرها على واقع الحياة المعيشية للسكان ، حيث يؤكد المهندس صلاح أن الحفر الامتصاصية للمياه العادمة المنتشرة في كافة أرجاء ومناطق مدينة دورا والجنوب الفلسطيني بشكل عام أصبحت خطرا كبيرا على السكان والبيئة في هذه المناطق، حيث سجلت حالات لتلوث عدد من آبار المياه الجوفية التي كانت تستخدم للشرب ، ووصل بعض حالات التلوث لهذه الآبار درجة عدم صلاحيتها للزراعة.
ويضف المهندس صلاح أن التكاليف الباهظة للتخلص من المياه العادمة في تلك الحفر بعد امتلائها دفع ببعض الناس إلى إهمالها وتركها تفيض على الأراضي الزراعية والشوارع مما يشكل خطرا حقيقيا على حياة المواطنين بانتشار بعض الأمراض المتعلقة بالتلوث الزراعي والهوائي، إضافة إلى قيام العاملين على صهاريج نقل هذه المياه من البيوت بتصريفها في الأراضي الزراعية في المناطق البعيدة الأمر الذي يشكل كارثة على المزروعات والتربة في هذه المناطق.