بعد 4 سنوات من الانتظار أكد تقرير لجنة من مجلس الشيوخ الأمريكي تورط وكالة الاستخبارات الأمريكية في ممارسة التعذيب ضد معتقلين بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.
افراسيانت - التقرير الذي نشر جزء منه أمام العموم كشف بشكل لا يدعو للشك تورط الإدارة الأمريكية في تعذيب المعتقلين بشكل كبير، كما أن تقنيات التعذيب المستخدمة لم تكن فعالة ولم تف بالغرض في معظم الأحيان.
إدانة رسمية من الكونغرس الأمريكي
التقرير الذي صاغته لجنة مستقلة أكد أن الوكالة لجأت إلى أساليب أكثر عنفا مما هو معروف، وأن النتائج لم تكن فعالة، ولم تأت بمعلومات استخبارية قيمة.
هذا واعترف مدير الوكالة جون برينان بارتكاب إدارته أخطاء خلال التحقيق مع معنيين بالإرهاب، كما أشار التقرير إلى أن الأساليب كانت عنيفة وغير فعالة مع معتقلين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وأن التعذيب لم يخلص إلى نتائج إيجابية بل كان له أثر عكسي.
التقرير الذي استغرق أكثر من 4 سنوات من البحث والعمل بميزانية تقارب الـ40 مليون دولار، أشار إلى أن التعذيب، أو كما تطلق الوكالة عليه "تقنيات الاستجواب" لم يساعد في الحصول على معلومات مؤكدة بوجود تهديدات إرهابية، بل إن المعلومات التي ساعدت على إيجاد بن لادن جاءت عبر استخبارات تقليدية.
الوكالة كما جاء في التقرير كذبت بشأن نجاعة برامجها، مشيرا إلى أن الأساليب التي استخدمت كانت أكثر عنفا وأن عدد المعتقلين تجاوز بكثير العدد المعلن عنه.
التقرير أشار إلى تورط دول أجنبية في عمليات التعذيب من بينها 13 دولة عربية.
13 دولة عربية ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في التعذيب
تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي تغاضى عن ذكر أسماء المعتقلات السرية ومواقعها في العالم، غير أن عددا من المعلومات التي قدمها تتقاطع كثيرا مع تقرير منظمة " أوبن سوسايتي" العام الماضي والذي أشار إلى تعاون 54 دولة من بينها 13 دولة عربية.
وأشار التقرير إلى أن مصر ساهمت في اعتقال مشتبه بهم لصالح وكالة الاستخبارات الأمريكية، كما سمحت باستخدام مطاراتها من أجل استقبال معتقلين أو نقلهم لمعتقلات خاصة بـ"السي أي إيه" للتحقيق معهم.
الأردن، حسب تقرير المنظمة، استنطق بـ"شكل عنيف" مواطنين باكستانيين لصالح " سي إي إيه" من الفترة الممتدة ما بين 2001 و2005، كما أشار تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي إلى أن "جهات خارجية" قامت بتعذيب معتقلين بشكل عنيف في الفترة نفسها.
وذكر تقرير المنظمة أن سوريا استنطقت معتقلين لصالح " سي آي إيه" بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في سجن أطلق عليه اسم "المقبرة" نظرا للازدحام الشديد وظروف الاستنطاق الصعبة التي عانى منها المعتقلون.
وأفاد التقرير أن المغرب والعراق تعدان الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتين استضفن سجون تابعة لـ "سي آي أيه" على أراضيهما، وقد تتضمن التقرير قائمة الأفراد الذين أرسلتهم "سي آي أيه".
كما أكد التقرير أن المغرب استقبل على أراضيه معتقلين لـ "سي أي إيه"، وهما معتقل تمارة في جنوب الرباط، ومعتقل عين العودة بالقرب من الرباط والذي يشير التقرير أن المغرب بنته وبمساعدات أمريكية.
إدانة حقوقية واسعة
طالبت منظمة العفو الدولية الولايات المتحدة الأمريكية بمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب "انتهاكات"، نفذت أثناء استجواب عدد من المشتبه بهم في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
وأضافت المنظمة في بيان لها أن تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي حول أساليب وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي أي إيه" "في استجواب المعتقلين بمثابة رسالة تذكير بفشل الولايات المتحدة في محاسبة المسؤولين، الذين صرحوا بالتعذيب ونفذوه، من العقاب إزاء العديد من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان التي ارتكبت باسم الأمن القومي".
وطالبت المنظمة الدولية، بمحاسبة المسؤولين عن استخدام "سي أي إيه" لبرنامج الاستجواب، الذي اتبع أساليب التعذيب أبرزها، الإيهام بالغرق، والصفع، والتهديد بالكهرباء، والحرمان من النوم، والتهديدات بالاعتداءات الجنسية، والإذلال.
وقالت إريكا غيفارا روساس مديرة برنامج الأمريكيتين في منظمة العفو، في بيان المنظمة، إن "هذا التقرير يقدم تفاصيل، لانتهاكات لحقوق الإنسان وافقت عليها أعلى السلطات فى الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر/ آيلول 2001".
وأضافت أنه بالرغم من وجود الكثير من الأدلة لسنوات بشأن تلك الانتهاكات، لم يتعرض أحد ممن سمحوا بها أو منفذيها للمحاسبة.
وأشارت إلى أن "المعلومات السرية الواردة في الملخص، مع محدوديتها، هي تذكير للعالم بالفشل الكامل للولايات المتحدة لإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها الذين صرحوا بالتعذيب ونفذوه".
وطالبت روساس "الولايات المتحدة بالكشف عن الحقيقة الكاملة لانتهاكات حقوق الإنسان، ومساءلة المخطئين، وتحقيق العدالة للضحايا".
ولفتت المنظمة الدولية إلى أن "وكالة الاستخبارات المركزية وسلطات أمريكية أخرى، لم تقم بممارسة هذه الانتهاكات وحدها، لكن حدث ذلك بمشاركة عدد من الشركاء في جميع أنحاء العالم، للمساعدة في تسهيل عمليات ترحيل المعتقلين والتعذيب والاعتقال القسري لهؤلاء الذين يشتبه بتورطهم في الإرهاب".