أفراسيانت - بنهاية عام 2014 انتهت رسميا 13 عاما من تواجد قوات الناتو على أرض أفغانستان، لكن مسلسل العنف في هذا البلد لم يتوقف، وإن نجح أبناؤه في محطات، وادعت واشنطن أنه لم يعد بؤرة للإرهاب.
عام 2014 لم يكن استثناء في حجم العنف بأفغانستان
الصراعات الداخلية والحرب الأهلية عنوان لمرحلة طويلة من عمر هذا البلد، والتفحيرات الانتحارية باتت أمرا "روتينيا"، إذ لا يكاد يمر أسبوع دون سقوط قتلى وجرحى جراء هذه التفجيرات التي لا تقصي أحدا، مدنيا كان أم عسكريا، مواطنا أم أجنبيا، رجلا أم امراة، طفلا أم كهلا.
ويؤكده تقرير بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان أن العام 2014 شهد، مقارنة مع العام 2013، زيادة بنسبة 33 % في عدد القتلى والجرحى من الأطفال و12% في مقابله من النساء.
ففي هذا العام قتل في أفغانستان 3 آلاف و188 مدنيًا جراء الاشتباكات والعمليات الانتحارية والعبوات الناسفة، فضلا عن إصابة نحو سبعة آلاف.
من مختلف الأعمار والأجناس ، وتتحمل حركة "طالبان" المسؤولية الكبرى عن مقتل 75% من المدنيين.
وقد حذرت البعثة من تجاوز عدد الضحايا من المدنيين 10 آلاف شخص بنهاية العام 2014، ما يجعل منه أكثر الأعوام دموية منذ بدأت في إصدار تقاريرها في 2009.
من ناحية أخرى ارتفع عدد قتلى الجنود الأفغان إلى أكثر من 4600 خلال هذا العام لتصبح الزيادة 6.5 في المئة مقارنة بالعام الماضي الذي سجل مقتل 4350 جنديا.
الأمم المتحدة: 2014 عام مدمر لملايين الأطفال ودموي للمدنيين في أفغانستان
وفي نفس السياق أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) مطلع ديسمبر/كانون الأول 2014 عاما مدمرا للأطفال.
أطفال محاصرون.. وأخرون مشردون في مناطق الحروب كالعراق وجنوب السودان وسوريا والأراضي الفلسطينية وأوكرانيا وجمهورية إفريقيا الوسطى أصبحوا طي النسيان، ما دفع "يونيسيف" إلى التحرك لمحاولة تصحيح الوضع ولفت انتباه وسائل الإعلام إلى العدد الهائل لهؤلاء الأبرياء.
ويعتبر الأطفال الأفغان من جملة 230 مليون طفل يعيشون في دول ومناطق متأثرة بالصراعات المسلحة على مستوى العالم.
وفي إطار الاهتمام الروسي بالقضية الأفغانية تم مؤخرا إبرام اتفاق مع صندوق الأمم المتحدة للطفولة "یونیسيف" لمساعدة إیران على استضافة لاجئین أفغان على أراضيها، وقد خصصت روسيا ملیونین وستمائة آلاف دولار للصندوق في إطار دعمها لتنفیذ الخدمات الاجتماعیة للأطفال الأفغان في إیران.
الانتخابات الرئاسية الافغانية 2014
في خضم هذا العنف نجحت أفغانستان، بشق الأنفس، في عبور محطة هامة من حياتها السياسية، إذ أنهى أبناؤها في 12 سبتمبر/إيلول من هذا العام غمار تجربة "ديمقراطية" لا تنسجم ربما والحياة الأمنية المضطربة التي تخيم على البلاد، فنجحوا في اختيار رئيس جديد للبلاد في شخص أشرف غني، خلفا لحامد كرزاي.
الطريق إلى كرسي الرئاسة لم يكن سلسلا أمام رئيس أفغانستان الجديد، فرغم فوزه بنتائج جولة الإعادة التي أجريت في أبريل/نيسان رفض خصمه العنيد عبد الله عبد الله الاعتراف بنتائجها وطالب بإعادة فرز الأصوات، لتضطر لجنة الانتخابات للتدقيق من جديد في 8 ملايين بطاقة بعد وساطة من وزير الخارجية الأمريكية جون كيري انتهت بتوقيع الخصمين اتفاقية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وقضت بتعيين أشرف غني رئيسا للبلاد، وعبد الله عبد الله رئيسا تنفيذيا مساعدا.
انسحاب قوات الحلف الأطلسي من أفغانستان
في اليوم الأخير من العام 2014 انتهت رسميا المهمة القتالية لقوات الحلف الأطلسي في 31 ديسمبر/ كانون الأول مع بقاء نحو 12500 جندي في أفغانستان لتدريب ودعم قوات الأمن الأفغانية، استنادا لاتفاقية صادق عليه البرلمان الأفغاني.
عشية أعياد الميلاد أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن مهمة قوات التحالف انتهت في أفغانستان وقال:" لقد تواجدنا بدون توقف في حالة حرب على مدار 13 عاما"، معربا عن قناعته بأن الحملة العسكرية الأمريكية خلقت لدى الأفغانيين "فرصة لإعادة بناء بلدهم"، واعتبر أن أفغانستان "لم تعد مصدرا للعمليات الإرهابية".
كذلك تدرس الحكومة الألمانية إبقاء حوالي 850 جنديا من قواتها في أفغانستان في حين تسعى إيطاليا إلى إرسال 750 جنديا إلى هذا البلد.
"داعش" يتسرب إلى أفغانستان
ادعاءات أوباما بأن "أفغانستان" لم تعد مصدرا للإرهاب" تحمل، بالنظر إلى الواقع الراهن لهذا البلد "مبالغة كبيرة"، خاصة في ظل الأرقام الكبيرة لأعداد القتلى الذين سقطوا إثر تفجيرات وهجمات لمقاتلي حركة "طالبان" المصنّفة منظمة إرهابية في قيود واشنطن والأمم المتحدة إلى جانب منظمات إرهابية متحالفة معها، فكرا على الأقل، كتنظيم "داعش"، الذي بدأ مناصروه يظهرون ويتسربون إلى الأرضي الأفغانية برأي القيادة الروسية.
وهو خطر يحتاج برأي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى "اتخاذ تدابير استباقية" للحيلولة دون امتداده إلى أفغانستان.
الوضع القلق في أفغانستان وإمكانية توسع "داعش" داخله قد يخلق مشكلات أمنية لطاجكستان، حليف روسيا في المنطقة، يضاف إلى مشكلة تهريب المخدرات التي زاد انتاجها في هذا البلد تحت نظر قوات التحالف الدولي.
إمكانية انتقال "الإرهاب والمخدرات" من أفغانستان إلى طاجكستان ولاحقا إلى روسيا فأوروبا دعا الرئيس بوتين إلى مطالبة منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي عقدت في موسكو نهاية العام، إلى إيلاء أهمية للحدود الأفغانية مع طاجكستان ومنح مساعدات مادية للأخيرة لرفع مستوى تأهيل القوى العسكرية.