افراسيانت - أعربت الإدارة الأمريكية عن قلقها حيال عرض بريطانيا لأن تكون أحد الأعضاء المؤسسين لبنك التنمية المدعوم من الصين.
بذلك تكون بريطانيا هي أول دولة بين الاقتصادات الغربية الكبرى التي تتقدم للحصول على عضوية البنك الآسيوي لاستثمارات البُنى التحتية.
وأثارت الولايات المتحدة تساؤلات حول التزام البنك بالمعايير الدولية للحوكمة.
قال المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن "هناك أوقات سوف تختلف فيها طرق تعاملنا مع الأمور"، في إشارة إلى الانتقادات التي نادرا ما توجهها الولايات المتحدة إلى بريطانيا.
ومن المقرر أن يمول البنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية، الذي تأسس بمشاركة 21 دولة تتقدمها الصين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مشروعات الطاقة والنقل والبُنى التحتية.
وتصر بريطانيا على أنها سوف تطالب البنك بالالتزام لإجراءات الرقابة المصرفية.
يقول المتحدث باسم كاميرون "نعتقد أنه مطالبة البنك بذلك تصب في الصالح العام البريطاني."
تصرف غريب
قالت بيبا مالمغرين، المتسشارة الاقتصادية للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، لبي بي سي إن "الانتقادات الأمريكية للخطة البريطانية كانت غير متوقعة."
وأضافت أنه "من الغريب أن تنتقد الولايات المتحدة بريطانيا علنا. كما أن تركيز الولايات المتحدة على الشؤون الداخلية ربما كان السبب وراء عدم تكوين رؤية أمريكية واضحة للتحرك البريطاني."
رغم ذلك، أكد المتحدث باسم رئيس وزراء بريطانيا أن وزير المالية البريطاني جورج أوسبورن ناقش إجراء التقدم لعضوية بريطانيا في البنك الأسيوي مع نظيره الأمريكي قبل الإعلان عن هذا التحرك.
قال أوسبورن، في بيان صادر عن وزارة المالية، إن "انضمام بريطانيا إلى البنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية في مرحلة التأسيس سوف يوفر فرصة نادرة لكل من بريطانيا وآسيا للاستثمار وتحقيق النمو معا."
جدير بالذكر أن عضوية بريطانيا في البنك الأسيوي تعتبر فرصة واعدة تبشر بالمزيد من الفرص أمام الشركات البريطانية للاستثمار في أسرع أسواق العالم نموا.
ولكن الولايات المتحدة ترى أن الجهود الصينية في هذا الشأن لا تتجاوز كونها خدعة تستهدف النيل من تحكم الولايات المتحدة في النظام المصرفي العالمي. كما أقنعت الولايات المتحدة حلفاءها الإقليميين بالابتعاد عن هذا المشروع من بينهم أٍتراليا وكورياالجنوبية واليابان.
واستجابة لهذا التحرك، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي باتريك فينتريل إن "أي مؤسسة مصرفية متعددة الأطراف ينبغي أن تنصاع للمعايير الخاصة بالبنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية."
وأضاف أنه "بناء على ما توصلنا إليه أثناء مناقشات كثيرة، حول ما إذا كان البنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية سيلتزم بالمعايير الدولية، خاصة فيما يتعلق بالإدارة، والضوابط الوقائية البيئية والاجتماعية."
قالت ليندا يويه، مراسلة بي بي سي لشؤون الأعمال، إنه "أمر ينطوي على كثير من التعقيد، فبينما ينتقد الجانب الأمريكي التحرك البريطاني، ترحب الصين بطلب بريطانيا."
وأضافت أنه ربما يكون تحركا نفعيا، لكن في نهاية الأمر، لن يستطيع أحد إرضاء الجانبين.
ورجحت ليندا أن يكون انضمام بريطانيا بداية لسلسلة من القرارات التي قد تتخذها دول أخرى لدعم مكانتها الاقتصادية وإحداث توازن في العلاقات الاقتصادية بين الاقتصادات الخارقة الناشئة في آسيا وغيرها من القوى الاقتصادية التقليدية.
وأكدت أن تلك الخطوة من جانب البريطانيين سوف تحقق فوائد اقتصادية جمة مقابل خسائر سياسية متناهية الصغر.
وأشارت أيضا إلى أنه لا زال هناك وقت طويل حتى تتكشف نتائج ذلك التحرك، ساعتها يمكن الحصول على تقييم واضح للأمر برمته.
اجتمعت 21 دولة أواخر العام الماضي لتوقيع مذكرة تفاهم لتأسيسي البنك الأسيوي، من بينها تيالاند، والهند وسنغافورة.
ولكن بحلول نوفمبر/تشرين الثاني، أبدى رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت دعما فاترا للبنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية مؤكدا على أهمية توافر الشفافية في جميع الإجراءات الخاصة بالبنك.
واتفق باراك أوباما مع أبوت فيما ذهب إليه من ضرورة تحري الشفافية في جميع الأمور المتعلقة بالبنك المدعوم من الصين، في لقاءه مع أبوت على هامش قمة بكين العام الماضي.
وأضاف أوباما أنه من الضروري أن يكون البنك قابلا للمسائلة وأن يكون متعدد الأطراف بالفعل.
قال الرئيس الأمريكي إن "هناك قواعد ملزمة لابد من اتباعها، وهي القواعد التي يفرضها البنك الدولي وصندوق النقد وبنك التنمية الأسيوي وغيرها من القواعد اليت تفرضها المؤسسات الدولية ذات الصلة."
الانفراد بالإدارة
نشرت صحيفة فاينانشال تايمز يوم الخميس الماضي تقريرا يشير إلى أن هناك حالة من الاستياء في أروقة البيت الأبيض تجاه التحرك البريطاني.
ونسب التقرير إلى مصدر مسؤول بالإدارة الأمريكية، اشترط عدم ذكر اسمه، قوله أن "القرار البريطاني اتخذ دون استشارة الولايات المتحدة."
وأضاف المسؤول الأمريكي: "نحن قلقون إزاء الاتجاه إلى التوافق الكامل مع الصين من قبل بعض الدول.
أعلن رئيس البنك الدولي جيم يونغ دعمه للبنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية في مؤتمر صحفي انعقد أخيرا.
قال يونغ إن "هناك حاجة إى المزيد من الإنفاق على البُنى التحتية، وذلك من وجهة نظري. وأرحب ببدء البنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية عمله فعليا."
كان الأعضاء المؤسسين للبنك الأسيوي قد اتفقوا على أن تكون المعايير الأساسية لتحديد هيكل رأس المال الخاص بالبنك سوف يكون المعدل النسبي للناتج المحلي الإجمالي.
ويرى خبراء مصرفيون أنه عند الأخذ في الاعتبار القيمة الاسمية لرأس المال، سوف تستحوذ الصين على 67 في المئة من إجمالي أسهم البنك الجديد.
يُذكر أن هيكلة رأس المال ببنك التنمية الأسيوي تختلف تماما عن الطريقة التي اختراها مؤسسو البنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية التي تشبه هيكلة البنك الدولي إلى حدٍ كبيرٍ منذ تأسيسه عام 1966.
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة واليابان تمتلكان الأكبر من رؤوس أموال البنك الدولي، ما يضمن عدم انفراد دولة بعينها بالتحكم في البنك.
يقول دايفيد كو، الخبير الاقتصادي لبي بي سي إن "بريطانيا عليها أن تتحرى الدقة فيما يتعلق بعدم قدرة أي من الدول المؤسسة للبنك الأسيوي على الانفراد بالتحكم في إدارة البنك قبل أن توقع اتفاقية العضوية."
وأضاف أنه "بإمكان بريطانيا التفاوض بشأن حقها في الاعتراض على قرارات إدارة البنك الأسيوي، إلا أن فرص الحصول على حقوق خاصة بهذا الصدد ضعيفة."
وحول المنافسة المتوقعة بين البنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية من جهة، والبنك الدولي، وبنك التنمية الأسيوي، قال كو إن "هناك الكثير من مشروعات البُنى التحتية التي تنتظر التمويل من تلك الجهات، ولا تكفي مصادر التمويل الحالية جميع متطلبات التمويل الخاصة بتلك المشروعات."