خوفًا من غضب روسيا: إسرائيل تُلغي باللحظة الأخيرة زيارة جنرالات وضبّاط سوريين مُنشّقين من المُعارضة لتل أبيب بهدف إيجاد قنوات اتصال وتنسيق بين الطرفين
افراسيانت - الناصرة - “رأي اليوم”- من زهير أندراوس - بات جليًّا وواضحًا أنّ المُساعدة العسكريّة الروسيّة لحليفتها الإستراتيجيّة، الدولة السوريّة وقائدها د. بشّار الأسد، قد أدّت إلى تغيير قواعد الاشتباك في المنطقة وإلى تغيير المُعادلات بين اللاعبين الدوليين والإقليميين، حتى إسرائيل، الدولة المارقة بامتياز والمُعربدة، أصبحت تحسب ألف حساب قبل أنْ تُقدم على أيّ خطوةٍ من شأنها أنْ تُغضب وتُزعج الدبّ الروسيّ: اليوم الجمعة، كشفت مصادر سياسيّة وأمنيّة، في تل أبيب، وُصفت بأنّها رفيعة المُستوى، كشفت النقاب عن أنّ حكومة بنيامين نتنياهو، قامت في اللحظة الأخيرة بإلغاء زيارة “غيرُ مسبوقةٍ” لعدد من جنرالات الجيش السوريّ السابقين، الذين انشّقوا عن الجيش العربيّ السوريّ وانضّموا إلى المُعارضة، وشدّدّت المصادر عينها.
كما أفادت صحيفة (يديعوت أحرونوت) في عددها الصادر اليوم، شدّدّت على أنّ قرار إلغاء الزيارة التي كانت مُقررة ومُرتبّة كان مرّده خشية وتوجّس صنّاع القرار في تل أبيب من أنّ خطوة من هذا القبيل قد تؤدّي إلى غضب موسكو، التي تدعم الجيش النظاميّ السوريّ، الأمر الذي قد يُلقي بظلاله السلبيّة على العلاقات بين البلدين، على حدّ تعبير المصادر.
وفي التفاصيل، قال مُراسل الصحيفة للشؤون السياسيّة، إيتمار آيخنر، إنّ الجنرالات المذكورين، قد تمّت دعوتهم من قبل “المركز الأورشليمي للشؤون العامّة والدوليّة، والذي كان يترأسّه حتى قبل فترة قصيرة، د. دوري غولد، المُقرّب جدًا من رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، الذي قام بتعيينه مديرًا عامًا لوزارة الخارجيّة الإسرائيليّة. وبحسب الخطّة فإنّ الجنرالات والضباط السوريين المُنشّقين كانوا سيُشاركون في ندوةٍ تستّمر عدّة أيّام في تل أبيب تحت عنوان: “الدراما السوريّة، تداعيات، تبعات واحتمالات”.
وساقت المصادر نفسها قائلةً إنّ الحديث يجري عن جنرالات وضباط كانوا قد انشّقوا عن الجيش العربيّ السوريّ خلال الأزمة التي اندلعت في بلاد الشام في شهر آذار (مارس) من العام 2011، وأنّهم يقومون منذ ذلك الحين بقيادة المعارك ضدّ الجيش العربيّ السوريّ من أماكن إقامتهم خارج سوريّة، وأردفت المصادر الإسرائيليّة قائلةً إنّه كان من المُقرر أنْ يُشارك الضباط والجنرالات السوريين في المؤتمر المذكور يوم الاثنين القادم، وذلك في فندق “عِنْبال”، الواقع في القدس الغربيّة، وذلك بهدف فتح قنوات اتصال وتنسيق وحوار بين إسرائيليين وبين محافل عسكريّة ومدنيّة سوريّة، بحسب المصادر في تل أبيب.
ولفتت المصادر عينها إلى أنّه بسبب حساسية الموضوع، فقد تمّ الاحتفاظ بأسماء الضباط والجنرالات السوريين بشكلٍ سريٍّ وعدم إفصاح المجال للكشف عن أسمائهم وأماكن إقامتهم في خارج البلاد، كما رأت المصادر أنّ نشر الأسماء كان سيدفع بعددٍ من قوى المعارضة السوريّة بممارسة الضغوطات عليهم لثنيهم عن زيارة الدولة العبريّة.
وأقرّت المصادر السياسيّة في تل أبيب أنّ الزيارة أُلغين بسبب المعارضة الرسميّة الإسرائيليّة. وتابعت الصحيفة العبريّة قائلةً، نقلاً عن المصادر نفسها، إنّه خلال تواجد الجنرال المتقاعد في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، يوسي كوبرفاسر، الذي كان مسؤولاً عن قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، خلال تواجده في العاصمة الفرنسيّة، باريس، والذي تمّ إرساله إلى باريس من قبل المعهد الذي نظمّ المؤتمر المذكور، لإتمام المعاملات الأخيرة لزيارة الجنرالات والضباط المُنشّقين السوريين، تبينّ أنّ محافل رفيعة جدًا في الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة تُعارض وبشدّةٍ بالغةٍ هذه الزيارة.
ونقلت (يديعوت أحرونوت) عن مصدر أمنيّ رفيع في تل أبيب قوله إنّه يتحتّم على إسرائيل انتهاج سياسة الحياد، وأنّه طالما بقي الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد في منصبه، فعليها ألّا تدعم هذا الطرف أو ذاك، وأنْ لا تأخذ موقفًا من الحرب الأهليّة الدائرة بسوريّة، على حدّ قول المصادر الإسرائيليّة.
وأوضحت الصحيفة أنّ موقف الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة من الزيارة كان أكثر حزمًا لجهة إلغاء الزيارة، حيث قاموا بإبلاغ المُنظّمين بأنّهم لن يمنحوا الزوّار من المُعارضة السوريّة وثائق دخول إلى الدولة العبريّة، وذلك على خلفية الزيارة المفاجئة للرئيس السوريّ إلى روسيا هذا الأسبوع واجتماعه مع قادة موسكو، وفي مُقدّمتهم الرئيس الروسيّ، فلاديمير بوتن. ونقلت الصحيفة عن المصادر الأمنيّة في تل أبيب قولها إنّ زيارة الضباط والجنرالات السوريين المُنشّقين عن الجيش النظاميّ من شأنها أنْ تُفسّر لدى موسكو بأنّها جاءت من باب التحدّي بالرئيس بوتن، وبالتفاهمات التي تمّ التوصّل إليها مؤخرًا بين تل أبيب وموسكو، خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو إلى العاصمة الروسيّة ولقائه بالرئيس بوتن، على حدّ تعبيرها.