افراسيانت - تسعى ميليشيا فجر ليبيا إلى تشكيل حرس وطني لحماية الحكومة الجديدة التي يتمّ تشكيلها حتى يكون بديلا عن الجيش وذلك في إطار ضرب المؤسسة العسكرية الليبية بقيادة اللواء خليفة حفتر.
العرب الجمعي قاسمي - أطاحت خلافات حادة حول كيفية تقسيم غنيمة تشكيل “حرس وطني” ليبي بين المليشيات الليبية التي تتقاسم النفوذ في العاصمة طرابلس وضواحيها بالإضافة إلى مدينة مصراتة الساحلية، باجتماعات إسطنبول التي جرت بين قيادات تلك الميليشيات، والمبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون، وعدد من المسؤولين الدوليين لبحث مُخرجات المسار الأمني لحماية حكومة الوفاق الوطني التي أعلنها ليون في الصخيرات المغربية.
وبينما رسمت تلك الاجتماعات التي رعاها جهاز المخابرات التركي المعروف اختصارا باسم “ميت”، ملامح ما يُخطط له المبعوث الأممي برناردينو ليون في سياق خضوعه للأجندة التركية والقطرية في ليبيا، تعالت الأصوات في الشرق الليبي المُحذرة من الاقتراب من مؤسسة الجيش بقيادة الفريق أول ركن خليفة حفتر باعتبارها خطا أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه.
وفشلت تلك الاجتماعات في التوصل إلى صيغة ضمن المسار الأمني، تقوم على تشكيل “حرس وطني ليبي” يضم أفراد الميليشيات التي توصف بالمتطرفة ليُصبح تحت مظلته وشريكة له.
وأكدت مصادر ليبية، لـ”العرب”، إن سببين يقفان خلف هذا الفشل، أولهما تزايد الشرخ بين جناحي ميليشيات فجر ليبيا، أي جناح طرابلس ومصراتة على وقع الخلافات السياسية حول حكومة الوفاق الوطني.
أما السبب الثاني والجوهري، فهو يتعلق بكيفية تقاسم غنيمة تشكيل “الحرس الوطني” التي يدعو إليه الإسلام السياسي، وخاصة جناح خالد الشريف من الجماعة الليبية المقاتلة التي تمسكت بمشروع تشكيل حرس وطني، لتنتهي تلك الاجتماعات بالفشل حيث غادر عدد من قادة الميليشيات إسطنبول باتجاه الدوحة، فيما عاد البعض الآخر إلى العاصمة طرابلس ومصراتة، بينما بقي عدد آخر في تركيا.
وشارك في تلك الاجتماعات التي انفردت “العرب” بالكشف عنها في عددها الصادر في السادس من الشهر الجاري تحت عنوان “تركيا تجمع ليون بقادة ميليشيا فجر ليبيا لتأمين حكومة الوفاق”، عدد من قادة الميليشيات منهم عبدالرؤوف كاره (كتيبة الإسناد)، وعبدالغني الككلي المعروف باسم إغنيوة (رئيس المجلس العسكري بوسليم)، وخالد الشريف (الجماعة الليبية المُقاتلة)، وبعض القيادات العسكرية الأخرى من كتيبة الحلبوص، ولواء المحجوب المنضوية جميعها في مليشيـات فجـر ليبيـا بـالعاصمـة طرابلس.
وعرض خالد الشريف هذا المشروع على المشاركين في اجتماعات إسطنبول، ودافع عنه بشراسة، لافتا إلى أن هذا “الحرس الوطني” سيتألف في مرحلة أولى من نحو 10 ألاف فرد، من عناصر الميليشيات المتطرفة، تُسند له مهمة تأمين العاصمة طرابلس وضواحيها بما يُسهل عمل ومهمة حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.
وتستهدف الميليشيات طرابلس ومصراتة من وراء هذا المشروع ترسيخ سطوتها على العاصمة طرابلس، إلى جانب إنهاء الجيش الليبي بقيادة حفتر، باعتبار أن هذا الحرس سيتحول تدريجيا إلى جيش نظامي، وهو هدف تسعى إليه تركيا التي سعى جهاز مخابراتها “ميت” إلى تمرير هذا المشروع دون جدوى بعد أن استفحل الخلاف بين قادة الميليشيات ارتباطا بملايين الدولارات التي سترصد لتمويل تشكيل مثل هذا الحرس.
وحسب البرلماني الليبي أبوبكر بعيرة، فإن اجتماعات إسطنبول ولدت ميتة، ولم يستبعد في اتصال هاتفي مع “العرب”، أن تكون مسألة تقاسم الغنائم وراء هذا الفشل، حيث قال “ربما أن هذه المسألة هي التي أفشلت تلك الاجتماعات”. ولفت إلى أن مشروع تشكيل “حرس وطني” يتبناه تيار الإسلام السياسي، ويدافع عنه، وهو مشروع مرفوض قطعيا من بقية القوى الليبية.
وكشف أن أطرافا دولية ضغطت في وقت سابق على فرقاء الحوار الليبي باتجاه القبول بفكرة تولي الميليشيات تأمين العاصمة طرابلس، وحماية الحكومة المرتقبة، وهو أمر تمّ رفضه لأنه “ليس هناك عاقل يمكن أن يقبل بهذا الطرح”.
واعتبر أبوبكر بعيرة في تصريحه لـ”العرب”، أن هذا الفشل الذريع كان متوقعا، مشيرا في المقابل إلى أن زيارة ليون إلى القاهرة تهدف إلى الضغط على قوى الشرق الليبي لتتراجع عن موقفها الرافض لتشكيلة حكومة الوفاق الوطني بالصيغة التي عرضها.
ويتضمن مشروع تشكيل هذا الحرس، ضمّ أفراد الميليشيات وتجهيزهم وتدريبهم، حيث أبدت أطراف إقليمية ودولية اهتماما كبيرا بهذا المشروع لاعتبارات مُتعددة منها حجم الأموال التي سترصد لهذا المشروع، والتي ستُستقطع من الأموال الليبية المُجمدة في بعض العواصم الغربية.
ويُقدر الخبراء حجم تلك الأموال بمئات الملايين من الدولارات على أساس أن المشروع يتضمن تسليح تشكيلات هذا الحرس الوطني بأسلحة خفيفة ومتوسطة ومدرعات حديثة، بالإضافة إلى دعمه بعشر طائرات مروحية، إلى جانب تكلفة التدريب والتكوين.