افراسيانت - القدس - المنــار المقدسية - أحيانا تكون الكلمات والمواقف والخطوات من جانب هذه القيادة أو تلك سرية الى أن تحين لحظة الطرح في هذا المحفل أو ذاك، أو مخاطبة الشعب بها، مع التشديد على عدم التسريب، والتسريب يأتي عادة من أهل البيت، أي من داخل دائرة صنع القرار. والسبب في ذلك هو أن ما ينتظر الاعلان عنه، يتعلق بقضايا مصيرية، ويتناول أمرا جلل، ستكون له تداعياته ونتائجه وتأثيراته، وعادة، تتهيأ للرد عليه قوى معادية ومتربصة أو دخيلة.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقبل مغادرته الى الامم المتحدة، قيل أنه سيفجر "قنبلة" من على المنبر الدولي، وبدأت التكهنات تنطلق، والمتابعون لأحداث المنطقة بدأوا يدلون "بدلائهم"، لكن منهم وجهة نظره وتخميناته، فتتلقف الجهة المضادة والطرف المقابل ما يطرح من تكهنات وتوقعات، وتقوم ببناء ردود عليها، في اتجاهات وميادين مختلفة، منتظرة الاعلان عنها، واستخدامها "لحظة التفجير".
الرئيس محمود عباس غادر الى نيويورك،يلفه الاحباط، وخطورة انعدام الأفق السياسي، وانهيار عملية السلام بفعل السياسات الاسرائيلية، وتجاذبات داخلية، وفي ذات الوقت يغادر مثقلا بـ "النصائح" و "الاستشارات" وفي الطريق الى حيث مبنى الهيئة الدولية "يعرج" على هذه العاصمة أو تلك، وطبيعي أن يسأل عن سر ما يحمله، وفي أي الاتجاهات ستنطلق "شظايا" القتبلة التي يحملها معه، وهناك عواصم تحذره، وأخرى تنصحه بتفجير خفيف تحاشيا للخسائر، وعواصم تجدد الوعود التي لم تتوقف لحظة منذ بدء العملية السلمية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وفي المحطة الاخيرة، وما قبل القاء القنبلة، يلتقي الرئيس عباس مع رعاة عملية السلام، الذين سيطلعون على كامل محتويات ومكونات القنبلة الفلسطينية، فتبدا عملية نزع فتيل هذه القنبلة أون على الأقل التخفيف من شدة انفجارها، ولتحقيق ذلك، من جانب الأمريكان هناك وسائل عديدة ترغيبا وترهيبا، وواشنطن صاحبة باع طويل في هذا المجال.
ومع صغود الرئيس الى المنصة، يكون اسم القنبلة، أوصافا وتأثيرا ونوعا وحتى صنعا قد تغير تماما، ولعل أهم عوامل تخفيف شدة الانفجار والسيطرة على صمام الأمان، هو وعود مجددة مقرونة بقسم أمريكي بأن المفاوضات سوف تستأنف، بجدول زمني جاهز، ونتائج متفق عليها بين عواصم التأثير بما فيها اسرائيل والنظام السعودي، دون اطلاع فلسطيني على ما يجري اعداده، فهو طرف "متلقي" لا أكثر، له فقط حق المناشدة والصراخ.. ومن ثم قبول عملية تمرير ما يجري طبخه، وهناك، دول عربية لها علاقة بذلك، فهي تمتلك من حميمية العلاقات مع تل أبيب ما يؤهلها لعب دور في حمل الفلسطيني على القبول بما سيطرح، وهو رد معروف من جانب هذه الدول للمواقف المشتركة من ملفات المنطقة بينها وبين اسرائيل.
وعودة الى القنبلة الفلسطينية ـ التي لم تعد كذلك تسمية ومفعولا ـ وبعد "التشذيب والتهذيب" ستكون جدول شرح للمعاناة، والمطالب والتهديد بالاستقالة، واعادة طرح شروط المصالحة، وعرض نماذج للأفعال الشنيعة التي تقوم بها اسرائيل ضد المواطنين الفلسطينيين.
هناك التزامات دولية، وملاحق سرية، وبنود تفاهم تم القبول بها على امتداد مسيرة التفاوض الطويلة، دون تجاهل المثل القائل بأن "القوي عايب"، وبالتالي، لن تكون هناك مفاجآت في خطاب الرئيس عباس في الامم المتحدة، كما يطرح ويتوقع ويتكهن البعض، ربما فقط، اعلان عباس عن نيته الاستقالة، وأن يكون العالم شاهدا على خطورة الوضع في الساحة الفلسطينية سبب هذه الاستقالة، بمعنى "اللهم اني بلغت"..
ان الوضع المتردي في الساحة الفلسطينية، وتعميق الانقسام، وسياسة القمع الاسرائليية، والضغوط الاوروبية والتهديدات الأمريكية، والخراب في الساحة العربية، عوامل كافية لنزع فتيل قنبلة الرئيس محمود عباس، و "نقطة أول السطر"!! وبعد انفضاض دورة الجمعية العامة للامم المتحدة، سنعود لنشاهد فصول التكالب على المواقع والمناصب.
بعد العودة الى أرض الوطن، ستثار من جديد المواضيع اياها، وستتعالى الأصوات المطالبة بعقد مؤسسات منظمة التحرير والاطار القيادي، وآخرون سرفعون يافطات انهاء الانقسام، لكن، الحقائق ضائعة، والانحدار يستمر.. نحو الهاوية، والصدقية انعدمت والخيوط الاستخبارية من كل الالوان "خردقت" الساحة الفلسطينية، "انه العجب العجاب" والكل مدان، الفصائل والقوى والتيارات والحركات، أما الشعب فسمته سمح لعديمي الصدقية في كل الجهات بالاستمرار في سياسات الافتراء والكذب والتغييب والاستغفال والتضليل.
في الأيام القادمة، سيخرجون علينا بـ "لعبة" جديدة، و "كذبة" آخر تعليقة، لاشغالنا والهائنا، وتتوارى كل القضايا ومعها "المراجل" و "التهديدات" و "البطولات الفارغة" و "الهيلمان"!!