افراسيانت - رام الله -"القدس" دوت كوم - قال محللون سياسيون، ان فرض الادارة الامريكية عقوبات مالية على السلطة الفلسطينية، يندرج في نطاق الابتزاز السياسي لموقف السلطة الرافض لمشروع "صفقة القرن"، ومحاولة لفصل قطاع غزة عن الضفة عبر سعي أميركي لتقديم مساعدات سخية للقطاع بعيدا عن السلطة، بينما يرى خبراء اقتصاد ان الخطوة الامريكية ورغم انها لن تؤثر على خزينة السلطة الفلسطينية، الا انها ستلحق ضررا بالاقتصاد الفلسطيني.
وكانت مصادر ذكرت لمراسل صحيفة "القدس" في واشنطن، ان الادارة الامريكية بدأت بتجميد المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية بشكل هادئ، وفقا لقانون "تايلور فورس"، الذي يقضي بوقف كافة المساعدات عن السلطة الفلسطينية، ما لم توقف السلطة الفلسطينية المخصصات التي تدفعها لأسر الشهداء والمعتقلين الفلسطينيين. واشترطت الادارة الامريكية اربعة شروط لعودة المساعدات وهي: "إنهاء هذه المدفوعات لـ /الإرهابيين/، وسحب القوانين (الفلسطينية) التي تسمح بدفع هذه المخصصات، واتخاذ خطوات موثوق بها لإنهاء /الإرهاب/ الفلسطيني، والإدانة العلنية والتحقيق في أعمال العنف هذه".
وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور نصر عبد الكريم، في حديث لـ "القدس" دوت كوم، ان تأثير تجميد المساعدات الامريكية على خزينة السلطة الفلسطينية سيكون محدودا، لكن سيكون له تداعيات كبيرة على الاقتصاد الفلسطيني ككل، موضحا ان الولايات المتحدة تقدم مساعدات سنوية تقدر بـ 250-300 مليون دولار، يذهب فقط 50-60 مليونا منها لدعم خزينة السلطة بشكل مباشر وتستفيد منها لتمويل نفقاتها، اما بقية الاموال فتذهب لدعم مشاريع اقتصادية عبر شركات امريكية او شركاء لهم ينفذونها في تطوير البنية التحتية، ومشاريع زراعية واقتصادية وصناعية ..".
واشار عبد الكريم الى ان السلطة اعتادت على حجب المساعدات الامريكية في أوقات سابقة، لذلك فان هذه الخطوة لن تحدث تاثيرا او تهددا ملموسا يؤثر على عدم وفاء السلطة بالتزماتها المالية، لكنها ستفقدها جزءا بسيطا بحاجة اليه.
ولفت الى ان حجب ما يقارب 250 مليون دولار عن الاقتصاد الفلسطيني كانت تضخ به بشكل سنوي، من شأنه ان يخلق اثراً ويراكم أزمة في الاقتصاد الضعيف، ومن شأنه ان يوقف مشاريع، لذلك سيكون أثر حجب المساعدات كبير على الاقتصاد الكلي.
ويرى عبد الكريم ان الهاجس والخوف الاكبر، يكمن في ان تتبع هذه الخطوة، خطوات مماثلة من قبل اسرائيل وبعض الدول الممولة، في ظل سعي الادارة الامريكية واسرائيل لفرض حل التسوية (صفقة القرن) الذي ترفضه السلطة، وبالتالي احتمالية ان تدفع السطة ثمن رفضها اقتصاديا، عبر حجب الاموال والدعم عنها.
واضاف، قد تكون هذه الخطوة في مرحلة متقدمة، وستخلق ازمة كبيرة للسلطة وللاقتصاد الفلسطيني، ما قد يحدث انهيار قطاعات اقتصادية، اضافة الى عدم قدرة السلطة على الوفاء بالتزماتها المالية.
بيد ان الخبير الاقتصادي عبد الكريم لا يعتقد بان هذا الخيار وارد الحدوث حاليا نظرا لوجد تقديرات امنية وسياسية قد تؤثر على المنطقة، ما يحول دون فرض حصار خانق على السلطة الفلسطيني ولكن في مرحلة متقدمة فانه من المحتمل ان يحدث مثل هذا الحصار والانهيار.
ويرى المحلل السياسي، الدكتور غسان الخطيب، ان تجميد الولايات المتحدة مساعداتها للفلسطينيين يأتي في اطار الانحياز الامريكي المبالغ فيه الى جانب اسرائيل من قبل الادارة الامريكية الحالية، وان ذلك يستخدم كسياسية عقابية ومحاولة لاستغلال حاجة الفلسطينيين للمساعدات من اجل ابتزازهم سياسيا.
ووصف هذا القرار بانه "موجع للفلسطينيين" خاصة وان الجزء الاكبر من المساعدات الامريكية تذهب لدعم وكالة غوث وتشغيل الاجئين الفلسطينيين"الاونروا".
ويرى ان مسألة تجميد المساعدات غير مرتبط بصفقة القرن، التي لا يرى لها اي اساس، باعتبار ان الولايات المتحدة انضمت الى اسرائيل في فرض الوقائع على الارض بشكل احادي الجانب، وان اعترافها بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة اليها يأتي في سياق فرض الوقائع على الارض الذي انتقلت اليه الادارة الامريكية كبديل للمفاوضات وكبديل عن طرح مشاريع تفاوضية.
من جانبه، يقول المحلل السياسي، عبد المجيد سويلم، بان "هذا الامر يأتي في سياق الهجمة التي تشنها الادارة الامريكية على الشعب الفلسطيني وقيادته، وهي محاولة لبدء برنامج متكامل لخنق السلطة الفلسطينية".
وقال سويلم في حديث لـ "القدس"، ان "هذا الامر متوقع عندما بدأ الحديث عن فرض عقوبات مالية، واغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وتخفيض حجم المساعدات عن "اونروا" بسبب موقف القيادة الفلسطينية الرافض لمشاريع التسوية غير المستجيبة للحقوق الفلسطينية، وبسبب انحياز الادارة الامريكية الى اليمين الاسرائيلي".
ويرى ان "فرض عقوبات مالية على السلطة في ظل الحديث عن مساعدات مالية سخية لقطاع غزة، يندرج في اطار شق الشعب الفلسطيني وفصل القطاع"، مشيرا الى ان "هذا المخطط لن يمر بسبب وعي الشعب الفلسطيني وعدم قدرة الولايات المتحدة على جر دول العالم، خاصة الاتحاد الاوروبي والصين، لفرض حصار على السلطة الفلسطينية".
واوضح سويلم ان "خطوة تجميد المساعدات ليست مرتبطة بتقديم السلطة مساعدات اجتماعية لاهالي اسرى وجرحى، بقدر ما هي محاولة لمقايضة الحقوق الفلسطينية بقضايا اقتصادية، والتعامل مع القضية الفلسطينية على انها مشكلة سكان وليس مشكلة دولة وتحرر واستقلال".