افراسيانت - "القدس" دوت كوم - يرى محللون سياسيون أن عوامل تعثّر المصالحة تتساوى مع عوامل نجاحها، بالاستناد إلى تسارع المتغيّرات الإقليمية التي ستضيّق دائرة التحالفات الفلسطينية، بالتزامن مع ضغوط أمريكية وابتزازات إسرائيلية للسلطة الفلسطينية، قد تجعل قضية المصالحة مرهونة بمدى إمكانية انخراط الكل الفلسطيني بعملية التسوية المرتقبة.
ويرى مراقبون أنّ ما يشكل الخطر الأكبر على المصالحة هو شروع الولايات المتحدة بتوجيه رسالة قوية للمجتمعين في القاهرة اليوم، من خلال إغلاق مكاتب المنظمة والتلويح بإعادة النظر في الاعتراف بمنظمة التحرير، واعتبارها منظمة إرهابية، وهو ما يوجب دخول حماس والجهاد الإسلامي، وفق برنامج تفاوضي، الأمر الذي سيخلق تناقضات جديدة بين الفصائل المتحاورة، من شأنها أن تعطّل جهود المصالحة.
ويرى المحلل السياسي، أكرم عطالله، في حديث مع "القدس"دوت كوم، أنّ مجرّد مشاركة الفصائل الفلسطينية في القاهرة بلقاءات جديدة، يعطي مؤشرًا على أن حالة المصالحة في تراجع، حيث أنه تم الاتفاق في القاهرة على بنود المصالحة وتم الإعلان عنها أكثر من مرة، فما هي النقاط الجديدة؟ ولماذا تجتمع الفصائل مرة أخرى؟ هذا يعني حسب عطاالله أن هناك حالة تباطؤ وتلكؤ بتنفيذ المصالحة بين طرفي الانقسام؛ فتح وحماس، لذلك فقد تمت دعوة الفصائل لعرض الخلافات عليها لعلها تضيف شيئًا جديدًا، لكن قدرة هذه الفصائل على فرض موقف إزاءها تبقى محدودة لانعدام قدرتها على التأثير.
ويرى عطالله أنّ الأهم هو أن هناك عدم جاهزية إقليمية عربية للدفع بإنجاز مصالحة مبنية على العمل الوطني الفلسطيني، حيث أن إعلان الدول العربية حزب الله منظمة إرهابية يعطي مؤشرًا على وجود تقييد للتحالفات الفلسطينية وربط تحالفاتنا بدوائر إقليمية معينة، وهذا من شأنه التأثير على حركتي حماس والجهاد الإسلامي، إضافة إلى وجود تدخل عربي بالقرار السياسي الفلسطيني، وهذا يدعو المشاركين بالمصالحة إلى التخوف من عملية إتمام المصالحة طالما أنها لا تلقى المباركة العربية.
وقال عطالله: إن هناك اتفاقًا على إعادة تشكيل منظمة التحرير، والمجلس الوطني، وحالة توافق على البرنامج السياسي للمنظمة في ظل هذه المرحلة القائمة على قبول دولة على حدود عام 1967، لكن المعضلة ستكون حول البرنامج السياسي وإعادة هيكلة منظمة التحرير، حيث أن اتفاق القاهرة وضع النقاط الرئيسة لعملية المصالحة، والدخول في التفاصيل التي توقّف عندها الاتفاق وهو ما سيخلق خلافات، خاصة إذا ما تم التعريج على مشكلة تمكين الوزارات والموظفين، لذلك يُعتقد أن عوامل الفشل أكبر من عوامل النجاح في المصالحة، بيد أن مدى تدخل مصر وضغطها على الأطراف سيرجّح كفة النجاح إلى حد ما.
ويشير عطا الله إلى أن اغلاق الولايات المتحدة الامريكية مكاتب المنظمة في واشنطن، سيدفع الفصائل الى الهبوط في برنامجها السياسي، حيث أن أمريكا جمدت صفة الارهاب عن المنظمة وبين فترة واخرى تلوح باستخدام هذه الورقة كأداة ضغط سياسي على الفلسطينيين، في محاولة لجر الفصائل الى الموافقة على برنامج سياسي تفاوضي اقل من كل سقوف التفاوض السابقة، وهذا سيجعل المتفاوضين بالمصالحة يدخلون بمعطيات وتناقضات جديدة، ما سيؤخر عملية المصالحة.
بينما يرى المحلل السياسي ابراهيم المدهون، ان الواقع الفلسطيني اكثر تعقيدا وصعوبة من اندفاع الفصائل نحو ترتيب البيت الداخلي، وهناك استشعار بوجود خطر حقيقي ازاء تصفية القضية الفلسطينية، لذلك فان هناك اصرار بالبدء على ادخال الفصائل خارج المنظمة الى المنظمة وتعزيز وجود فصائل المنظمة داخل المنظمة، بالاضافة الى الخروج ببرنامج وطني تُجمع الفصائل على حده الادنى، واتفاق على انتخابات تضمن ترتيب المؤسسات الفلسطينية التشريعية والوطنية، لكن يبدو ان هناك معيقات وعوامل تقف في وجه هذا الاندفاع ابرزها محاولة ابتزاز الاحتلال للسلطة الفلسطينية وللأسف هناك استجابة لهذه الضغوط، اضافة الى ممارسة امريكا ضغوطا على السلطة واخرها اغلاق مكاتب المنظمة، كما ان بعض الدول الاقليمية تمارس دور المانع لاي ترتيب للبيت الداخلي.
واوضح المدهون ان عوامل نجاح المصالحة ما زالت اكثر لكن عوامل الفشل تبقى حاضرة في ظل التدخل الامريكي والاسرائيلي وتردد السلطة، لذلك يبقى التدخل المصري العامل الحاسم في ترجيح كفة النجاح بيد ان ذلك سيظل مرهونا بمدى التدخل الامريكي وضغطه على الجانب المصري.
لكن المحلل السياسي، طلال عوكل، يرى ان فرص النجاح ما زالت اقوى، حيث ما زالت العوامل والظروف التي استدعت ان يكون هناك مصالحة قائمة، واضاف: "ان امريكا تريد عملية المصالحة من اجل انخراط كل الفلسطينيين بعملية التسوية"، مشيرا الى "أن اغلاق مكتب المنظمة رسالة لحماس والجهاد الاسلامي بضرورة انخراطهم بعملية التسوية، فالتدخل المصري ما زال قويا وفاعلا، ويضاف الى ذلك ان هناك استعدادا داخليا لدفع ثمن المصالحة".
وبين عوكل ان عملية المصالحة ستحتاج الى وقت، ولن تقوم بين ليلة وضحاها، وسيتطلب الامر وقتا طويلا لازالة العقبات وتسوية الاشكاليات، حيث ان هناك اتفاقا على حل مشكلة الموظفين حتى شهر شباط المقبل، والانتخابات بعد اكثر من 6 شهور، وقضية الامن ستحتاج الى وقت ايضا لبناء واعادة تشكيل عقيدة الاجهزة الامنية، لكن دوام الرقابة ودوام الضغط والفعل من أجل تصحيح المصالحة سيكون كفيلا بالتغلب على اشكاليات التنفيذ بالميدان.