افراسيانت - تل ابيب - "القدس" دوت كوم - (أ ف ب) - يعيش عشرات آلاف المهاجرين الأفارقة، قلقًا مستمرًا، حيال إمكانيّة ترحيلهم، رغم أنّ بعضهم مقيم فيها من أكثر من عشر سنوات.
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو زار مؤخرًا منطقة جنوب تل ابيب، مع تزايد السخط لدى الإسرائيليين من قدوم المهاجرين الأفارقة إليها.
وظهر نتنياهو أمام كاميرات وسائل الإعلام إلى جانب مسنّة إسرائيلية قالت إنّها لا تغادر شقتها في الليل خوفًا من المهاجرين الأفارقة.
وتعهّد نتنياهو بـ "إعادة جنوب تل أبيب إلى الإسرائيليين"، مؤكدًا أنّ الأفارقة هناك "ليسوا لاجئين بل متسللين غير شرعيين".
وتقول ادي دروري-افراهام من منظمة العون للاجئين وطالبي اللجوء في إسرائيل إنّ اللاجئين الأفارقة عبروا الحدود "بشكل غير قانوني"، لكنّهم حصلوا على تأشيرات إقامة قصيرة المدى.
وتقول "ليسوا غير قانونيين لأنهم يتوجهون مرة كل شهرين للحصول على تأشيرة من وزارة الداخلية. إنهم هنا يعملون ويسددون الضرائب. ليسوا غير قانونيين".
وأعلنت الحكومة الاسرائيلية في 30 حزيران/يونيو أنّ هناك 38043 مهاجرًا إفريقيًا في إسرائيل، بينهم أكثر من 27 ألفًا من اريتريا و7869 مهاجرًا من السودان، بينما قدم الباقون من دول إفريقية غير محددة.
وأشارت لجنة تابعة للأمم المتحدة قامت بتحقيق حول انتهاكات لحقوق الانسان في اريتريا في تقرير صدر في العام 2016، إلى أنّ حكومة الرئيس اسياس افورقي التي تتولى السلطة منذ 1991، متهمة بالعبودية المنهجية والتجنيد الاجباري وغير ذلك من الانتهاكات. وطبقًا للأمم المتحدة، فإن نحو خمسة آلاف اريتري يخاطرون بحياتهم كل شهر للفرار من بلادهم.
واكدت دروري-افراهام ان بين طالبي اللجوء في اسرائيل "آلافا" من دارفور ما زالوا بانتظار ردّ على طلباتهم، مشيرة إلى أنّ "بعضهم ينتظر منذ سنوات".
وبدأ المهاجرون بالتدفق بأعداد كبيرة عبر الحدود التي لم تكن خاضعة لحراسة مشددة بين إسرائيل وشبه جزيرة سيناء المصرية عام 2007 مع دخول قرابة 5000 شخص، بحسب أرقام صادرة عن وزارة الداخلية الاسرائيلية.
وبحلول العام 2011، ارتفع عدد المهاجرين الافارقة إلى 17 ألفًا، لكنّ الحكومة الإسرائيلية أنهت في العام التالي إقامة سياج أمنيّ على الحدود، ونشرت أجهزة استشعار إلكترونية، ما أدى إلى تراجع عدد المهاجرين.
وتم ترحيل آلاف المهاجرين من اسرائيل بشكل طوعي، بحسب الحكومة، بينما تؤكد منظمة العون للاجئين وطالبي اللجوء انه تم ترحيلهم بالاكراه.
في السنوات الماضية، تم احتجاز كل المهاجرين الذين كانوا يحاولون دخول اسرائيل في سجون في صحراء النقب، وعند الافراج عنهم، حصلوا على تذاكر حافلات باتجاه مدينة تل ابيب، ووصلوا إلى محطة الحافلات في الجزء الجنوبي من المدينة. واستقر العديد منهم في حي نيفي شعنان القريب، المعروف بتفشي الجريمة والبغاء، لكن حيث الايجارات منخفضة.
ويقول تسجانس جويتيوم، وهو مهاجر اريتري في الثلاثين، ومعروفي في الحي باسم جوني، "سبب وجودنا هنا هو أنّها المنطقة الوحيدة التي نعرفها. لم نخترها. لا يوجد أيّ إسرائيلي يرغب بالتواجد في هذا الحيّ".
في عام 2012، تظاهر ألف شخص ضد المهاجرين في تل ابيب. وكان بين المتحدثين العضو في حزب الليكود اليميني الحاكم ميري ريغيف التي اصبحت فيما بعد وزيرة في حكومة بنيامين نتانياهو اليمينية. وقالت ريغيف في التجمع "المتسللون سرطان في أجسادنا"، بينما كان بعض المشاركين يصرخ "اخرجوا ايها السود!" قبل مهاجمة محلات يملكها افارقة.
وقام الاسرائيليون بتشكيل "جبهة تحرير جنوب تل ابيب" للضغط على الحكومة من اجل اتخاذ اجراءات اكثر قسوة ضد الوافدين الجدد. وتقول القيادية في هذا الحراك شيفي باز ان الافارقة "احضروا الى هنا ثقافة العالم الثالث، الكثير من كراهية النساء والشوفينية ومعادةة المثليين"، مضيفة "لا يحترمون السلطات ولا القانون ولا السكان".
وتقول ادي دروري-افراهام من منظمة العون للاجئين وطالبي اللجوء في إسرائيل ان المهاجرين الذين يتطابقون مع تعريف الامم المتحدة للاجئين، يعيشون حياة غريبة ويخضعون لمطالب معقدة ومتناقضة.
ولا تسمح تأشيرات الاقامة التي تمنحها لهم وزارة الداخلية الاسرائيلية لهم بالعمل، ولكن في كل مرة، يتوجهون فيها لطلب تجديد التأشيرة مرة كل شهرين، يطلب منهم كشوفات لاثبات العمل.
وتعترف اسرائيل ضمنًا بعدم إمكان إعادة الاريتريين والسودانيين الى بلادهم الاصلية. ولذلك وقعت اتفاقيات مع اوغندا ورواندا وافقتا بموجبها على استقبال المهاجرين الذين يتم ترحيلهم شرط موافقتهم على ذلك.
وبحسب دروري افراهام، يعرض على المهاجرين مبلغ 3500 دولار اميركي، ويتم تهديدهم بالاحتجاز الى أجل غير مسمى في حال رفضوا ذلك. وكل من يقبل بهذه الشروط يجد نفسه في دولة لا يعرف عنها شيئًا.
وأصدرت المحكمة العليا الاسرائيلية الشهر الماضي قرارا يمنع الاحتجاز الى اجل غير مسمى للمهاجرين الافارقة، ولا يسمح باحتجازهم لاكثر من 60 يومًا.
وتعهد نتنياهو بالعثور على طريقة للالتفاف على هذا القرار، وتم اعداد مشروع قانون سيسمح بترحيل المهاجرين في حال اقراره.
ويؤكد جويتيوم الذي وصل الى اسرائيل قبل ثمانية اعوام بعد رحلة شاقة عبر اثيوبيا، انه تعرض خلالها للخطف والتعذيب من البدو في السودان وصحراء سيناء المصرية.
ويدير الرجل مع زوجته اليوم حضانة لاطفال المهاجرين الافارقة، ويقول "لو كان لدينا خيار التغيير في اريتريا، لن نبقى هنا لشهر اضافي"، مؤكدا ان "الجميع ينتظر ان يتغير الوضع الراهن" في بلاده.