افراسيانت - رام الله -"القدس"دوت كوم - لا أحد من المقدسيين استطاع ان يخلد الى النوم في تلك الليلة الطويلة وهو يرى اقفال البوابات وقد كسرت امام هتافات الجموع التي دخلت الابواب مهللة مكبرة بعد اقفال مسرى النبي طيلة اسبوعين متتاليين.
"القدس"دوت كوم، ترصد في هذا التقرير تفاصيل ما جرى في تلك الليلة الطويلة التي عاشها المقدسيون على ابواب اولى القبلتين، لحظة دخولهم البهيج الى ساحات الحرم الشريف ، حين اختلطت دموع الفرح والايمان بالنصر على مخططات الاحتلال التهويدية.
وفي تفاصيل اللحظات الصعبة التي عاشها المقدسيون أمام بوابات اولى القبلتين قبل لحظات الدخول، يصف الناشط المقدسي، محمد قزاز، في حديث مع "القدس" دوت كوم، تفاصيل ما حدث، قائلا : "بعد ان تم ازالة البوابات الالكترونية، والجسور، وقبل ساعات من الدخول الى المسجد الاقصى عند ساعات عصر يوم الخميس، تجمهر الالاف من الشبان والشيوخ والنساء والاطفال امام ابواب "الاقصى"، كانت دقائق طويلة، وسرعان من بدأت الجماهير بالدخول، قبل ان نكتشف ان باب حطة ما زال مغلقا، وحينها قامت مجموعة من الشبان باغلاق مدخل باب الاسباط باجسادهم، وامتنع الجميع عن الدخول، حينها وصل ضابط اسرائيلي وقال:" ان الباب سيفتح، الا ان احدا لم يدخل خشية ان يغدر الاحتلال بنا، وحينها انتظرنا خبرا من حراس المسجد الاقصى المتواجدين بالمكان ان يؤكدوا لنا ان باب "حطة" قد فتح، وساد المكان صمت كسره صوت اللاسلكي التابع لحراس باب حطة "باب حطة حول حول، تم فتح الباب"، كانت لحظة التحرير، حين دخل الالاف مهرولين الى داخل المسجد حيث ابتعدت الشرطة من امام الحشود، ودخل سيل من البشر الى المسجد، حينها بدأ الشبان يسجدون على الارض، يقبلون التراب، والحجارة، الجميع كان يبكي، في مشهد صادم .
وتابع القزاز قائلا:" على وقع التهليل والتكبير سارت الجموع نحو المسجد القبلي، وفي هذه الاثناء رفع الشبان علم فلسطين فوق المسجد الاقصى، في مشهد يهز الوجدان، اذ لا يمكن وصف مشاعرك وانت تشاهد علم الوطن يرفرف فوق المسجد".
لكن في تلك اللحظات كانت الشرطة الاسرائيلة بدات في قمع المصلين، وضرب كل من تستطيع الوصول اليه، واللافت ان الشبان كانوا يدعون بعضهم بعضا لتلقي الهراوات وقنابل الصوت، ولم يفروا من المكان.. كان مشهد تحد غير مسبوق.
يقول الستيني ابو محمد قوس، والذي يقطن بالقرب من المسجد الاقصى، في حديث مع "القدس" دوت كوم، "خرجنا جميعا للاحتجاج لاستعادة الاقصى، النساء، والاولاد، والاحفاد، كنا نتناوب على البقاء بالشارع، طيلة 14 يوما، حتى لا يخلو الشارع من المقدسيين، ويشعر الاحتلال اننا نتراجع بالرغم من صعوبة الظروف، واشعة الشمس الحارقة حيث كنا نتفقد بعضنا بعضا، ونعرف من حضر ومن لم يحضر نتصل به، ونسال اين ذهب، وندعوه الى الحضور فقد كان الجميع يشعر ان الخطر كبيرا، وان لم نتحد ونصمد حتى النهاية، سنخسر مسجدنا الى الابد".
وتابع يقول:" في منتصف ليل الاربعاء توجهت الى المنزل لاخذ قسط من الراحة بعد يوم طويل تحت اشعة الشمس، على ان اعود على صلاة الفجر لاصلي على الاسفلت مع الالاف المقدسيين ومن حضروا من مناطق اخرى، لكن احد احفادي جاء يصرخ داخل المنزل، " الشرطة بدأت بازالة البوابات والجسور، "حملت تعبي" وذهبت مهرولا الى الزقاق القريب من باب الاسباط، حيث بدأت اصوات المرابطين تتعالا، والالعاب النارية تزلزل المنطقة، حينها غارت عيني بالدموع، انه مشهد لم اشهاده ولم اشعر به طيلة حياتي بالقدس، انها مشاعر النصر".
وتابع قائلا:" يوم الخميس بدأ الالاف بالوصول والتجمهر أمام باب الاسباط تمهيدا لدخوله، مع أذان العصر كما حددت المرجعيات الدينية بالمدينة حيث بدأت امواج المصلين تدخل الى "الأقصى" في مشهد غير مسبوق، وكنت في الصف الاول للحشود وهي تدخل الى باحات المسجد، شعرت انها المرة الاولى التي اشاهد فيها قبة الصخرة والمسجد القبلي وتفاصيل كثيرة تمعنت بها، كان الجميع قد غرق بالدموع، انها لحظات لن تمسح من ذاكرة المدينة".
واشار قوس الى "انه وبعد ان دخلنا اكتشفنا ان الاحتلال ابقى على باب حطة مغلقا، وهو ما دفع الجماهير للتوجه الى الباب، وارغم الاحتلال على فتحه، بعد ان اعتدوا علينا داخل المسجد".
ويقول الناشط الشبابي، منذر ابو رموز:" ان المدينة لم تشهد حراكا مثل الذي شهدته في تلك الليلة، حيث كان هناك وعي بان الخطر كبير ، لذلك كان الوافدون يتزايدون يوما بعد يوم، عائلات باكملها، صغيرا، وكبيرا نزلوا الى الشوارع، والشبان تركوا كل شيء واعتصموا حتى النهاية".
ويضيف :"يوم الخميس، كنت برفقة الالاف ممن دخلوا المسجد مع صلاة العصر، حيث كان المشهد مهيبا، ما أن دخلنا المسجد على وقع التهليل وتكبيرات النصر، سرعان ما غرقت العيون بالدموع من هول المشهد، شبان يقبلون حجارة المسجد، واخرون ركعوا على الارض ساجدين، مقبلين تراب الاقصى".." لاشيء يمكن ان يصف تلك اللحظات انها فرحة لا توصف.