افراسيانت - يراقب الليبيون هذه الفترة منطقة الهلال النفطي بالكثير من التوجس من إمكانية اشتعال حرب بين حرس المنشآت النفطية وقوات الجيش الليبي بقيادة الفريق أول خليفة حفتر، بعد الاتفاق الذي عقده آمر الحرس إبراهيم الجضران والمبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر.
العرب منى المحروقي - تونس - أثار الاتفاق الذي توصل إليه آمر جهاز حرس المنشآت النفطية إبراهيم الجضران والمبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر بإعادة ضخ النفط في حقلي السدرة ورأس لانوف بعد أكثر من سنتين على إغلاقهما، استهجان السلطات شرق البلاد حيث أصدر المجلس الأعلى لحوض النفط بيانا عبر فيه عن رفضه لهذا الاتفاق.
وأكد المجلس، التابع للحكومة المؤقتة الليبية، أن “أي اتفاق جزئي يتم بين المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر وأي مجموعة مسلحة حول إعادة تصدير النفط يعتبر في حكم العدم، ولا يمثل مناطق الحوض والسكان”، مشترطا ما أسماه “توافق كل الليبيين على إعادة الإنتاج والتصدير وضمان توجيه عائداته لصالح قضايا الوطن الجامعة”.
وكان آمر جهاز حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى، إبراهيم الجضران، قد أكد عقب لقاء جمعه بالمبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر بمنطقة رأس لانوف شرق البلاد، أن تصدير النفط سوف يستأنف من ميناءي السدرة ورأس لانوف خلال مدة أقصاها 24 من الشهر الجاري.
وعزز موقف المجلس الأعلى لحوض النفط مخاوف الليبيين من إمكانية نشوب حرب بين قوات الجيش الليبي الذراع العسكرية لمجلس النواب المنعقد في طبرق وحرس المنشآت النفطية.
ولا يعتبر الحديث عن حرب بين هذين الجسمين العسكريين بالأمر الحديث، حيث بدأت المخاوف تتسلل إلى نفوس الليبيين منذ أن أعلن إبراهيم الجضران ولاءه للمجلس الرئاسي المنبثق عن اتفاقية الصخيرات.
وتعززت هذه المخاوف على وقع إرسال الجيش مطلع الشهر الجاري لتعزيزات كبيرة مكونة من سيارات دفع رباعي ومدرعات وقوات مشاة متجهة نحو الجنوب ومناطق في الشرق.
ورغم ما قاله العميد مفتاح شقلوف في فيديو نشره المكتب الإعلامي للقيادة العامة للجيش الليبي، بأن هذه التعزيزات ستذهب إلى مناطق أوجلة وجالو والبريقة ورأس لانوف يأتي في إطار المزيد من تعزيز الأمن في هذه المناطق، إلا أن متابعين اعتبروا توجه الجيش إلى هذه المناطق تحسبا لهجوم متوقع من قبل حرس المنشآت النفطية، ذلك أن كل هذه المناطق تحتوي على منشآت حيوية.
وتحول إبراهيم الجضران من حليف للجيش الليبي إلى عدو في تغيّر بدأ أواخر العام الماضي، ولم تعرف بعد أسبابه. وبعد أن كان الجضران يقاتل في فبراير 2015 ميليشيات فجر ليبيا التي كانت تحاول السيطرة على المنشآت النفطية حينها، أصبح اليوم حليفا لها ويقاتل إلى جانبها في معركة تحرير سرت.
ولئن يسيطر إبراهيم الجضران على 3 حقول نفطية تصدر ما قيمته 400 ألف برميل يوميا، إلا أن الجيش الليبي أيضا كان قد أعلن في مايو الماضي سيطرته على 14 حقلا نفطيا في حوض مرادة وزلة شرق البلاد، إضافة إلى الحقول الواقعة تحت سيطرة مدينة الزنتان الواقعة غرب ليبيا.
لكن سيطرة الجيش والسلطات شرق البلاد على هذه الحقول لا يعني قدرتها على التصرف في تصدير النفط حيث قام مجلس الأمن أواخر مارس الماضي بإصدار قرار يحمل الرقم 2278، أدان فيه محاولات الحكومة المؤقتة لتصدير النفط عبر مؤسسة النفط التابعة لها، داعيا إلى التبليغ عن أي سفن تنقل النفط غير المشروع من ليبيا، وحث حكومة الوفاق الوطني على تقديم معلومات منتظمة عن الموانئ وحقول النفط والمنشآت الخاضعة لسيطرتها.
ورأى مراقبون حينها أن هذه الخطوة تشكل ضغطا واضحا على السلطات في الشرق التي ترفض تسليم السلطة إلى حكومة الوفاق قبل مصادقة البرلمان عليها.
ويحاول المجلس الرئاسي منذ دخوله العاصمة طرابلس أواخر مارس الماضي السيطرة على قطاع النفط، حيث يؤكد محللون أن فشل المجلس في فرض سيطرته على موارد الطاقة من شأنه أن يعمق الانقسام السياسي ويشعل المزيد من العنف، كما أن إعادة هيكلة الإنتاج النفطي الليبي حاسم في منع الانهيار الاقتصادي الذي قد يضطر البلاد إلى الاعتماد الشديد على المساعدات الغربية.
ولئن تبدو هذه المخاوف من الاقتتال بين الجيش وحرس المنشآت النفطية واقعية خاصة في ظل حالة الانقسام السياسي التي تعيشها ليبيا، إلا أن مراقبين استبعدوا قيام حرب بينها.
وفي هذا السياق قال المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل في اتصال مع “العرب” إن الغرب باعتباره الطرف المعني الأول بإعادة تصدير النفط يحاول منذ فترة فصل النفط عن الأزمة السياسية التي تمر بها ليبيا عبر انتزاعه من الليبيين ووضعه تحت سيطرة الغرب عبر شركات أمنية تنفذ إرادة الدول الغربية للبترول الليبي عبر الاستعانة بالجماعات المسلحة التي سيعاد تشكيلها وتدريبها.
ورجح المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل أن يكون إبراهيم الجضران جزءا من هذه الشركات الأمنية، لكنه استبعد إمكانية اصطدام الجيش بقيادة الفريق أول خليفة حفتر مع حرس المنشآت النفطية الذي سيصبح بحسب توقعاته اليد التي ستنفذ إرادة الغرب في ليبيا.
وأضاف عقيل أن الفريق أول خليفة حفتر لن ينجرّ لهذه الحرب لأنه لو فعل ذلك فإنه سيتحول إلى عدوّ لمصالح الغرب وسيلقى مصيرا مشابها لمصير العقيد الراحل معمر القذافي.