الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح يسابق الحوثيين ويعرض الحوار المباشر مع السعودية.
افراسيانت - صنعاء - العرب صالح البيضاني - بدا الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح أكثر إصرارا على تأكيد أن لا حل في اليمن يتجاوزه. وعرض حوارا مباشرا مع السعودية في خطوة تهدف إلى استباق الحوثيين الذين لا قدرة لديهم ميدانيا على تنفيذ أي اتفاق للتهدئة دون دعم منه.
واحتشد أنصار الرئيس السابق في ميدان السبعين جنوب العاصمة اليمنية صنعاء، فيما نظم الحوثيون حشدا آخر شمال صنعاء في الذكرى الأولى لانطلاق عمليات عاصفة الحزم التي قادها التحالف العربي بزعامة السعودية لإجبار الحوثيين على التراجع عن افتكاك السلطة عن طريق قوة السلاح.
وقال محللون سياسيون لـ”العرب” إن الرئيس السابق أراد استغلال المناسبة لاستعراض قوته في الشارع قبيل جولة المفاوضات القادمة التي أعلنت عنها الأمم المتحدة في الـ18 من أبريل القادم في الكويت إضافة إلى رغبته في توجيه رسائل إلى الداخل والخارج بأنه مازال قادرا على المناورة والحشد.
وقد ألقى صالح كلمة مقتضبة أمام أنصاره تركزت على دعوة السعودية إلى الحوار المباشر وهو الأمر الذي دأب عليه في كل خطاباته الأخيرة.
وقالت مصادر مقربة من الرئيس السابق إن ظهوره السبت كان بمثابة التحدي لمن يحاولون القفز على دوره، وإنه لا يفكر في أي دور مستقبلي، مشيرة إلى أنه يسعى فقط إلى حجز مكان لنجله أحمد في قطار المحاصصات السياسية ما بعد الحرب في ظل تدهور حالته الصحية.
واعتبر المحلل السياسي اليمني قاسم المحبشي أن أبرز رسائل تحشيد صالح تكمن في حرصه على تأكيد حضوره الشعبي وصموده العسكري والتلويح بفشل الشرعية الهاربة في إدارة المعركة على أرض الواقع الميداني والاكتفاء بالضربات الجوية دون الاستفادة منها في تحقيق انتصارات على الأرض.
وأضاف المحبشي أن “هذه رسالة ضغط إضافية لتحقيق مكاسب سياسية من المفاوضات المزمعة في الكويت في الـ18 من أبريل وتأكيد عجز الشرعية اليمنية عن تأمين المدن والمحافظات المحررة”.
لكن المحلل السياسي عبدالله إسماعيل قلل من أهمية دلالات الحشد الذي ظهر به صالح معتبرا أن التحشيد لم يكن مشكلة بالنسبة إلى صالح وهو على الدوام يستخدم شبكة المصالح والمال لمحاولة إثبات تواجده على الساحة السياسية.
وأضاف “توقعت شخصيا أن ينجح صالح في تحشيد عشرات الآلاف من الذين سيتقاطرون في أغلبهم من مناطق محيطة بصنعاء”.
ويستبعد إسماعيل تأثير هذه التظاهرة على مجريات الأحداث على الأرض قائلا “الثابت أن هذا التحشيد لم ينقذ صالح عام 2011 من استحقاقات المطالب الشعبية ولم يؤخر إرغامه على التخلي عن السلطة”.
وعلل مراقبون إقامة صالح والحوثيين تظاهرتين منفصلتين بوجود خلافات كبيرة بينهما بسبب فتح الحوثيين حوارا مع السعودية دون تشاور مع حليفهم صالح ولا مراعاة دوره في صمودهم إلى الآن.
واعتبروا أن حملات التراشق السياسي والإعلامي التي سبقت المناسبة تكشف عن عمق الخلافات بين الطرفين وحالة التحالف الهش الذي أجبرتهما عليه الحرب لمواجهة التحالف العربي وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية التي باتت على مرمى حجر من العاصمة.
وقد شهدت العلاقة بين الحوثيين وصالح توترا غير مسبوق نتيجة امتعاض قيادات حوثية من دعوة صالح للحشد في ميدان السبعين وما يحمله من رمزية تعيد الرئيس السابق إلى ما قبل تخليه عن الحكم في 2011 عندما كان يحشد أنصاره في ذات المكان.
ووفقا لمصادر “العرب” فقد حث التيار الراديكالي في الجماعة الحوثية على منع التظاهرة وحتى التهديد بإلقاء القبض على صالح، غير أن رهان الرئيس السابق على صعوبة إقدام الحوثيين على خطوة مثل هذه في ظل اقتراب قوات الشرعية من العاصمة، إضافة إلى تدخل التيار القبلي المقرب من صالح داخل الجماعة والذي يرأسه صالح الصماد رئيس المكتب السياسي للحوثيين، حال دون تفاقم الخلافات.
ويخشى الحوثيون من تسويق الرئيس السابق لنفسه كزعيم للكتلة الزيدية في شمال اليمن، وهو ما يجعل منه بديلا مقبولا في نظر مراقبين، مقارنة بالحوثيين الذين يتم تصنيفهم كجزء من المحور الإيراني في المنطقة.
ويقدم نفسه كبراغماتي متمرس من خلال تركيزه في خطبه الأخيرة التي يخاطب فيها دول الجوار على أن الصراع ليس مذهبيا أو فكريا، وإنما هو سياسي في المقام الأول.
وقد تسابق الزعماء السياسيون الرئيسيون في المشهد اليمني لتسجيل مواقفهم في الذكرى الأولى لعاصفة الحزم.
وتمحورت كلمة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي على أبرز ما تحقق بعد مرور عام على عاصفة الحزم.
وقال “اليوم وبعد عام من عاصفة الحزم والعزم صار الوطن أكثر أمانا بعد أن تحولت قوى التمرد والانقلاب إلى عصابات تتآكل كل يوم وتتهالك مع كل معركة في حين يتعزز دور الجيش الوطني ويتماسك المجتمع مقاوما للانقلاب ورافضا للتمرد والفوضى”.
من جهته، شكر نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض دول التحالف العربي وهاجم الحوثيين، ومؤكدا على انتهاء الوحدة اليمنية وانتفاء أسبابها ودعوة دول الخليج إلى دعم هذا الخيار السياسي الذي اعتبره سيصب بشكل إيجابي في صالح الأمن القومي للمنطقة”.