افراسيانت - شهد معرض القاهرة الدوليّ للكتاب، الذي اختتم أعماله في 10 شباط/فبراير الماضي، غياباً واضحاً لدور النشر الفلسطينيّة، باستثناء دار "الجنديّ للنشر والتوزيع" من مدينة القدس. وانطلقت الدورة 48 لمعرض القاهرة الدوليّ للكتاب في 26 كانون الثاني/يناير الماضي، تحت شعار "الشباب وثقافة المستقبل"، بمشاركة 670 ناشراً من 35 دولة، من بينها 22 عربيّة وإفريقيّة.
وعزفت دور النشر الفلسطينيّة عن المشاركة في معرض القاهرة بسبب ارتفاع أثمان الكتب بالعملة المحليّة في مصر، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصريّ.
وأشار صاحب دار النشر الفلسطينيّة الوحيدة المشاركة في المعرض "الجنديّ للنشر والتوزيع" سمير الجندي إلى أنّهم لم يستطيعوا بيع الكتب في المعرض بسبب انخفاض سعر الجنيه، لافتاً إلى أنّ سعره بلغ 19 جنيهاً للدولار الواحد، وقال لـ"المونيتور": إنّ انخفاض سعر الجنيه جعل من تسويق الكتب في المعرض أمراً صعباً.
ولفت إلى أنّ سعر بعض الكتب وصل نتيجة هذا الانخفاض إلى 400 جنيه فأكثر، وهذا لا يتناسب مع قدرة الموطن المصريّ الشرائيّة، مؤكّداً أنّ انخفاض سعر الجنيه لم يمنعه من المشاركة في معرض القاهرة، انتصاراً لرسالة الدار الثقافيّة.
وأشار إلى أنّه بادر إلى استئجار تسعة أمتار من مساحة المعرض، الذي أُقيم في أرض المعارض بمدينة نصر بالعاصمة المصريّة - القاهرة، بمبلغ 1300 دولار لعرض الكتب الفلسطينيّة المميّزة، وقال: "نحن في دار الجندي نشارك في المعارض الدوليّة كلّها لأنّنا نحمل رسالة النشر الفلسطينيّة المقدسيّة التي تقوم على نشر اسم دار الجندي إعلاميا وعربيا من خلال الكتب التي ننشرها، كوننا دار النشر الوحيدة في مدينة القدس الشريف".
ولفت إلى أنّ النشر في فلسطين يلاقي صعوبات جمّة، بسبب ارتفاع تكاليف الطباعة، وصعوبة النقل من مكان إلى آخر، خصوصاً في مدينة القدس.
ويذكر أنّ دار "الجندي للنشر والتوزيع" سبق أن فازت بجائزة أفضل دار عربيّة، ضمن فعاليّات معرض الكتاب الدوليّ في إمارة الشارقة عام 2015.
بدوره، أشار مدير دائرة الآداب والنشر في وزارة الثقافة الفلسطينيّة بالضفّة الغربيّة عبد السلام العطاري إلى أنّ دور النشر الفلسطينيّة في الضفة الغربية وقطاع غزّة هي قليلة بطبيعة الحال (28 دار نشر)، وإنّ المشاركة في المعارض الدوليّة للكتاب هي مسألة خاصّة بالناشر، وقال في حديث لـ"المونيتور": إنّ الوزارة لا تفرض على دور النشر المشاركة في معارض الكتب، لكنّها تعمل على توفير مساحات لها في هذه المعارض، والحصول على تسهيلات خاصّة من إداراتها.
أضاف: "نحاول تشجيع دور النشر على المشاركة من خلال التواصل مع إدارات المعارض، ومحاولة الحصول على امتيازات، وتوفير مساحات مجانية، ويهمّنا أن يكون هناك أكثر من دار نشر لضمان أكبر مشاركة في المعارض الدوليّة".
من جهته، أشار المدير العام للمكتبات في وزارة الثقافة الفلسطينيّة بغزّة الدكتور محمّد الشريف إلى وجود 25 دار نشر في الضفّة الغربيّة، و3 دور نشر أخرى في قطاع غزّة، وقال في حديث لـ"المونيتور": إنّ التضييق الإسرائيليّ على الفلسطينيّين، ربّما يكون سبباً في عدم مشاركة دور نشر فلسطينيّة بمعرض القاهرة للكتاب.
وإذ اعتبر أنّ مشاركة دار نشر فلسطينيّة واحدة في معرض القاهرة أظهرت ضعف الثقافة الفلسطينيّة، قال: "إنّ المجتمع الفلسطينيّ ليس السبب في ذلك، إنّما التضييق عليه وإغلاق المعابر بهدف طمس الثقافة الفلسطينيّة".
أضاف: "حينما تكون المعابر مفتوحة، فإنّ فلسطين تتمكّن من إيصال رسالتها، التي تظهر واضحة وجليّة".
وأكّد أنّ وزارة الثقافة تمارس دورها في دعم دور النشر والترويج لمنتجاتها والحفاظ على الملكيّة الفكريّة، وحفظ التراث الثقافيّ الفلسطينيّ، عبر تهيئة المناخ؛ لدعم الإبداع والابتكار، ورفع وعي المجتمع الفلسطيني بموروثه الثقافي.
وفي سياق متّصل، عزا عضو إتّحاد الكتّاب الفلسطينيّين الأديب الفلسطينيّ يسري الغول عزوف دور النشر الفلسطينيّة عن المشاركة في معرض القاهرة للكتاب، إلى الواقع الاقتصادي المصريّ السيّىء، والتخوّف من أن تسبّب أزمة الجنيه المصريّ خسارة ماليّة للناشرين الفلسطينيين.
واستبعد في حديث لـ "المونيتور" أن تتوقّف الدولة المصريّة عن تنظيم المعرض، على ضوء هذه الأسباب، وقال: "المعرض يعتبر مصدر دخل للدولة".
أضاف: "معرض القاهرة ليس معرض كتاب فقط، فمن خلاله تنشط السياحة، باعتبار أنّه يستقطب الزبائن والكتّاب والأدباء والمثقّفين من مختلف الدول العربية".
ويذكر أنّ معرض القاهرة الدوليّ للكتاب افتتح للمرّة الأولى في عام 1969، ويعتبر اليوم واحداً من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وأكثرها شهرة.
وكان المعرض استقبل في الدورة السابقة أكثر من 3 ملايين زائر على مدى 15 يوماً ليكون بذلك المعرض الثقافيّ العربيّ الأكثر جذباً.
"المونيتور"