افراسيانت - هبة أصلان - القدس - انتهى شهر رمضان وانقضت أيام عيد الفطر دون أن يتمتع أطفال القدس كما يرغبون. فقد ضاقت خيارات أماكن الترفيه للعائلات المقدسية وأطفالهم، فلم يجدوا ضالتهم إلا داخل الأماكن المغلقة في المطاعم وإستوديوهات التصوير، فكانت السبيل الوحيد للأهالي للتحايل على أبنائهم الذين ما انفكوا يطلبون الخروج من المنزل.
يعد غياب الحدائق العامة وأماكن الترفيه المجهزة للأطفال مشكلة قديمة حديثة في المدينة المحتلة، وتتجلى من خلالها عنصرية الاحتلال الذي يمنع إقامة أية ملاهٍ أو متنزهات سعيا منه للضغط على السكان ودفعهم إلى مغادرة المدينة.
في رابع أيام العيد توافد أطفال القدس إلى فعالية يتيمة لم تتطلب تصريحا إسرائيليا لإقامتها بمدرسة خاصة. ويقول الطفل محمد أبو شلبية (12 عاما) إنه يتوق إلى الحرية والتحرك بسهولة، "أحب اللعب والترفيه لكن لا يوجد مسابح ولا ملاهٍ".
سجناء المنازل
بدورها تلفت إيمان الزغل التي حضرت الفعالية هي وأطفالها الثلاثة إلى تنامي العنصرية لدى الاحتلال. وتقول إنها تضطر أحيانا إلى الذهاب إلى القدس الغربية لكنها تشعر بالخوف والعنصرية، وعليه فهي تفضل البقاء مع أبنائها في المنزل "محشورين، وبأيدي أولادي الآيباد أو الهاتف المحمول وهذا أمر غير سليم أيضا".
أما علاء وهو من سكان البلدة القديمة في القدس فيقول إن متنزه "روكفلر" المتنفس الوحيد للمقدسيين تداهمه شرطة الاحتلال وتمنع بعض الفعاليات، وإذا ما قرر الذهاب إلى مدن الضفة الغربية، فإن معظم الوقت سيضيع في الانتظار على الحواجز.
وتحتاج إقامة أي فعالية داخل حدود ما يسمى "بلدية القدس" الحصول على تصريح سواء من البلدية نفسها أو شرطة الاحتلال، وهذا أمر يرفضه الكثير من المؤسسات المقدسية حتى لا تكون لعبة في يد الاحتلال، يفرض عليها شروطه التهويدية مقابل منحها الموافقة والترخيص، لذلك تغيب الفعاليات الاجتماعية والثقافية والترفيهية.
وفي ظل هذا الغياب تبقى الشوارع والأزقة فسحة غير آمنة للأطفال للهو واللعب بسبب الآفات الاجتماعية والأوضاع الأمنية غير المستقرة في المدينة التي غالبا ما تتوقف الحياة فيها مع غياب الشمس وانقضاء النهار، وهذه تفاصيل لا تعني الاحتلال الممعن في عنصريته وتهويده.
ووفق خبراء فإن الظروف الحالية تستدعي التدخل النفسي والاجتماعي. وهنا يؤكد المحاضر بدائرة علم النفس في جامعة القدس الدكتور سمير شقير، حاجة الأطفال إلى أماكن لتفريغ الطاقة وتنمية شخصياتهم، وهذا لا يجدونه في الأزقة والحارات، ولا في منازل تغيب فيها وسائل الترفيه "مما يولد الضيق والتوتر، وتنعكس سلبياته على الأسرة بأكملها وتشتعل الخلافات".
وينوه شقير إلى أن ردود عنيفة للأطفال في ظل غياب أماكن تحتويهم، تتمثل في تخريب الممتلكات والتوجهات الشاذة التي قد يكتسبوها من الشارع، وجميعها عوامل تصب في مصلحة الاحتلال وقتل الأطفال نفسيا.
حدائق يهودية
مقابل التضييق على المقدسيين، تعتبر القدس -حسب مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"- البلدية الوحيدة التي أعلنت فيها سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية عن سلسلة من الحدائق، لكنها تستغل لأغراض توراتية ومحاولة تثبيت رواية الاحتلال للمكان.
ويشير المركز إلى قيام سلطة الطبيعة بتحويل الصلاحيات في بعض هذه الحدائق إلى جمعية "إلعاد" الاستيطانية، وهي جمعية عنصرية هدفها تعزيز الرابط اليهودي مع القدس بكل فتراتها من خلال ما تقوم به من جولات سياحية وإرشادية ضمن مخطط أكبر لتعزيز الاستيطان اليهودي في عمق الأحياء الفلسطينية في المدينة المحتلة.