افراسيانت - محمد شريف الجيوسي - غزا الفرنجة بلادنا قبل على مدى قرنين من الزمان باسم الدين ، متلفعين بقير السيد المسيح عليه افضل الصلاة واتم التسليم .
وحكم الترك المنطقة العربية باسم الدين ، و (كنا ) نطلق عليهم اسم خلفاء ، ( لنبرر ) خنوعنا وخضوعنا، فيما كانوا يسمون انفسهم سلاطين* ، وتركوا بلادنا أكثر تخلفاً وجهلا ومرضا وتشتتاً مما كانت عليه في عهد سابقيهم المماليك ، الذين حكموا البلاد والعباد بدورهم تحت مسمى الدين أيضاً ،
فقد اعتنق المماليك الإسلام ليس اختيارا،ولكن بحكم انهم أصبحوا مماليك اسيادهم،ما مكنهم لاحقاً من الإمساك بزمام بلاد الشام ومصر على الأقل تحت رايتهم ، ومن بعدهم وخلال فترة من حكم بعدهم اعتمر نابليون العمامة وحاول إيهام الشعب العربي المصري باعتناقه الإسلام.
واليوم،يريد خلفاء بني عثمان استرجاع التاريخ عبثاً وحكم المنطقة عبر أدوات محلية،تدعي انها ممثلة لـ ( العرب السنة في العراق وسورية ) وبدعم وتشجيع أجنبي غربي أمريكي صهيوني ، ليس حباً بسنة ولا بشيعة، ولا عربا أو تركا أو كردا أو فُرسا، وإنما لإذكاء صراع سني شيعي؛ عربي عربي، تركي إيراني وصراع عربي سني بمواجهة صراع عربي إيراني شيعي ..ولن تخلو هذه الحرب من تقسيم للكرد أيضا، بين عراقيين وسوريين وأنراك وإيرانيين أكراد ، بجعل مصالح كل فئة متضاربة مع الأخرى، متحالفة مع جماعة متباينة مع مصالحها مما سبق .
الأهداف الأبعد من ذلك،تقتضي إشغال المنطقة في حروب بلا نهايات في المديات المنظورة والمتوسطة، بحيث تستنزف ثروات وطاقات الأمة العلمية وروح الأخوة والعيش الواحد، وتقيم شروخا من الفرقة والكراهية، بحيث يحتاج التعافي منها آماداً بعيدة لترميم جراحاتها .
هذا سيقود الى نشوء دويلات بخلفيات مذهبية وطائفية متقاتلة مفككة الأركان،سواء كانت عربية أو كردية وربما تركية وإيرانية ستكون طائفية ومذهبية المحتوى،لا جامعا قوميا بينها. ما سيضفي(شرعية مقبولة)على الطابع (الديني) اليهودي العنصري الصرف للكيان الصهيوني.
وهذا أيضاً سيحقق لإسرائيل وعلى مدى 10 سنوات على أقل تقدير،راحة نموذجية.. تكون خلالها الدولة اليهودية، الآمر الناهي،والكيان النموذجي للأنظمة الطائفية والمذهبية في المنطقة ،وبحكم الدعم الأمريكي والغربي لها،فستكون حجر الرحى،الذي يطحن كل شيء في المنطقة.
والهدف الأبعد كما أشرنا آنفاً استسنزاف ثروات وطاقات الأمة واستعباد شعوبها كافة على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم وأصولهم القومية .
ولكي يتحقق ذلك ، فإن الغرب بمجمله ، معني باستطالة آماد الصراعات في المنطقة وخلق المزيد من أسبابها.
هذا يحقق ويستوجب تكتيكيا في آن :
أولاً : عودة واشنطن وباريس ولندن وبون الى المنطقة وحلف النيتو بعامة بذريعة محاربة الإرهاب، وسيكون لتركيا حصة في العودة باعتبارها أحد أدوات الصراع والمنتفعين به .
ثانيا : جر ( أقدام ) أطراف لا تريد التورط في الصراع كـ إيران و روسيا، وإن كانتا تدعمان الصمود السوري بالسلاح والاقتصاد والخبراء .
ثالثاً : خلق مشكلات اقتصادية لحلفاء سورية ( روسيا وإيران وفنزويلا) باستخدام العقوبات الاقتصادية والنفط .
رابعا: خلق قلاقل داخلية في إيران وتعطيل إمكانات التوصل الى حلول بشأن المفاعل النووي .
خامسا : استخدام الشيشان وأوكرانيا وغيرهما كعناصر ضغط على روسيا، وتشتيت لجهودها.
سادسا : استخدام هونغ كونغ ومسلمي الصين في الغرب كعناصر ضغط عليها .
( تؤمن الجماعات الإرهابية في المنطقة البندين الخامس والسادس لواشنطن وحلفائها ) .
سابعا : تكرار محاولات قلب نظام الحكم في فنزويلا، ودول أمريكا اللاتينية التي شبت عن طوق الوصاية الأمريكية )
ثامناً: إعاقة التوصل الى حلول في لبنان بغرض الإبقاءعلى المقاومة اللبنانية خارج مكانها الطبيعي في جنوب لبنان .
تاسعاً: مع كل ما سبق لا بد من استدامة أمد الحرب أطول فترة مستطاعة من وجهة نظر الغرب ، وتزويد الجماعات الارهابية بكل انواع السلاح وفي آن عدم اتاحة تفوق أحدها على الجماعات الأخرى، حتى لا يتم حسم الصراع سريعاً ،والحيلولة دون نجاح أي محاولات للحلول السياسية ، وتعظيم دعم الجماعات الأكثر رفضا للحلول،ومحاولات إغراء حلفاء سورية والعراق بالتخلي عنهما،والعمل بكل الوسائل دون الاتصال الجغرافي بين سورية والعراق،ومد الاعمال الإرهابية باتجاه حتى الدول التابعة،بغرض خلط الأوراق، والحيلولة دون اقتصار أمد الحرب ، وللتشكيك بالدول الأكثر استهدافاً بحيث تضيع بوصلة الصراع ،ولأجل سيطرة مامونة على ثرواتها.
عاشراً: سيكون التطرف الديني المذهبي والطائفي رأس حربة الصراع ، بدعاوي دينية إيمانية ظاهرة ، فيما الحقيقة تبعية وعمالة للأجنبي مطلقة، وتحت شعارات زائفة يضيع البعض ، وتختلط مدى الرؤية لديهم ويصابوا بعمى ألوان سياسي .
لقد كان استخدام الدين لشن الحروب على المنطقة يتم سابقاً من الخارج إلى الداخل ( حروب الفرنجة )، ثم تطور ليأتي اسلام المستعمر أو المحتل أو المتسلل القادم من خارج المنطقة ، وصولا للحكم لاحقاً ، كـ المغول والمماليك والترك.. وفشلت محاولة نابليون .. لكن المستعمرين الأوروبيين استبقوا احتلالهم للمنطقة بإرساليات ومستشرقين واختراع جماعات ترفع راية الدين الإسلامي الحنيف كالوهابية والإخونية .
اليوم يريدون استثمار ما اخترعوا ، بخلق تناقضات فيما بينهم وتفريخاتهم من داعش ونصرة وعشرات المسميات الاسلاموية الإرهابية من جهة، وبينهم مجتمعين من جهة أخرى ضد مجتمعاتهم العربية والإسلامية بكل ما تشتمل عليه من انصهارات حضارية بعمر التاربخ .
تلك أمانيهم ومخططاتهم ورؤيتهم،وليس بالضرورة أن يحققوا نجاحات تذكر،بل إن كل المؤشرات تؤكد أنهم في طريق انتحارات جماعية وفشل ذريع وارتدادات، ولعل ذلك يكون محل حديث لاحق .