هل استيقظ العالم الجديد ؟.. ثورة الطلاب الى اين؟

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت – سقط القناع تماما عن الغرب , هذا الذي ظلوا يتشدقون به طويلا , هراوات الشرطة والقمع البوليسي اسقطا مقولات الحرية وحقوق الانسان وحرية التعبير وكل ما شابه من ذلك الزيف الغربي , اكثر من ذلك , لم يتبقى للغرب سوى الكشف عن اخلاقياته المنحطة والزائفة , لا شرعية لكل ما مضى ولا شرعية لما سياتي , هي البداية ليس الا , والقادم يبشر بعالم جديد يستيقظ وسط رعب الانظمة الغربية وذهولها وسقوطها نحو الهاوية التي كانت تتهم الاخرين بانهم يسقطون بها .


ما نقلته وسائل الاعلام وما بثته شاشات التلفزة كان كافيا لتوضيح حقيقة الغرب المتوحش اللانساني من داخل الشريحة الاكثر تاثيرا في المجتمع .انها الجامعات وطلابها الذين سيشكلون بداية الصحوة المتمردة على قوانين النظم المنافقة والعدوانية .


لم تفلح الانظمة الغربية بالقول بان ما يجري معاديا للسامية سقط هذا التوصيف فانتقلوا الى ادخال العضابات المتماهية معهم ومع الكيان الصهيوني الذين اثاروا الفتنة والعنف ليتسنى لمسؤولي النظم للقول ان هذه التظاهرات تستخدم العنف .


في الولايات المتحدة الامريكية يتحد الحزبان " الجمهوري والديمقراطي " على ضرورة قمع الطلبة وباي ثمن .


من راس الهرم الى المؤسسات التابعة يتفق الجميع على ان ما يحدث هو تهديد لوجود مثل هذه السياسات وحين انتقلت التظاهرات الى اوربا انتقلت معها نفس الممارسات القمعية خاصة داخل الدول التي كانت ذات يوم دولا استعمارية فاصبحت مستعمرات تتبع امريكا.


انتفاضة الجامعات الأميركية توصف بانها ثاني أكبر اختبار للمنظومة القيمية والأخلاقية لزعيمة "الغرب المتحضر" و"عالمه الحر"، وستسقط إدارة بايدن سقوطًا ذريعًا في هذين الاختبارين معًا.. سقطت في اختبار الحرب الإسرائيلية على غزة، حين انتقلت من "الانحياز الأعمى" إلى الشراكة الميدانية والسياسية في جرائم الحرب والإبادة والتطهير العِرقي الإسرائيلية.


سقطت حين أطلقت آلتها القمعية ضد خيرة طلبتها في خيرة جامعاتها، فكانت صور الانقضاض على الطلبة والأساتذة الجامعيين، شبيهة بصورة فلويد وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، تحت قدمَي رجل أمن مدجج بالاستعلاء والعنصرية.. إلى أن جاء تقرير "الواشنطن بوست" ، ليكشف عن 2000 طالب معتقل في غضون الأيام العشرة الأخيرة، وهو رقم قياسي حتى بمعاييرنا نحن أبناء "صحراء الديمقراطية القاحلة" جنوب وشرق المتوسط.


أيًا يكن من أمر، فإن ما يجري اليوم في جامعات الولايات المتحدة والغرب عمومًا، يعيدنا إلى ما ذهبنا إليه قبل عدّة سنوات، حين لفتنا إلى أن عودة الروح للحركات الاحتجاجية في الغرب، على خلفية مناهضة العنصرية والعداء للأجانب والمهاجرين واليمين الشعبوي، توفر فرصة للفلسطينيين لنقل كفاحهم ضد الاحتلال و "الأبارتيد" إلى الساحة الدولية من جديد، ولكن من بوابة الشعوب والمجتمعات والحركات التقدمية هذه المرّة.


اليوم، جاء هذا الربط بمبادرة من طلبة الجامعات الأميركية، الذين يندمج حراكهم التضامني مع شعب فلسطين، بكفاح أوسع وأشمل، من أجل استعادة قيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان في بلدانهم، في مواجهة تيارات ظلامية، تتلطى خلف نزعات شوفينية وتمجد التفوق العرقي للرجل الأبيض.


في هذا الصراع، تتموضع فلسطين في الجانب الصائب من التاريخ، وتقبع إسرائيل في الزاوية الخاطئة منه، معزولة ومُجرّمة بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية، بل إن دورها ككابح للحريات في الغرب، يبرز اليوم أكثر من أي وقت مضى، فـ "المكارثية" أطلت بوجهها القبيح في عدد من عواصم الغرب، وليس في واشنطن وحدها، وحرية التعبير تقف مكبّلةً عند خطوط حمراء فرضتها النخب الحاكمة ومؤسسات صنع القرار وجماعات الضغط والابتزاز، وجميعها مصممة لتسييج كيان الاحتلال والعنصرية وحمايته من أسهم النقد والإدانة والاحتجاج.. يتظهّر دور إسرائيل في الغرب، كما ظل دورها في الشرق، كعقبة كَؤُود في وجه الحرية والديمقراطية.


لقد جادل الغربيون طويلًا، لا سيما منذ انطلاق "عملية برشلونة" وبالأخص، في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، بأنكم – أيها الإصلاحيون العرب – قد جعلتم من إسرائيل "شمّاعة" تعلّقون فوقها أسباب إخفاقاتكم المتلاحقة باللحاق بموجات الديمقراطية المتعاقبة التي ضربت العالم على مراحل، فما شأن إسرائيل بانحباس مسارات الإصلاح والتحول الديمقراطي في العالم العربي؟


اليوم، ومن دون أن نسقط الأسباب والسياقات الداخلية للاستعصاء الديمقراطي في العالم العربي، فقد بتنا نتوفر على ما يكفي من التجارب والشواهد، للقول بأنكم أخطأتم ونحن أصبنا، فلقد رأينا بالأمس، كيف "استنفر" العالم ضد نتائج انتخابات حرة ونزيهة في فلسطين عام 2006، لأنها لم تكن متناغمة مع هندسات أوسلو ومسارات دمج إسرائيل في المنطقة.. لأنكم استشعرتم بغرائزكم الاستعمارية الحاكمة، أن الديمقراطية في العالم العربي، هي نقيض مسارات التطبيع والهيمنة الاستعمارية، وها نحن نرى اليوم، رأي العين، كيف أنكم تقفون على أتم الجاهزية والاستعداد للتخلي عن قفازاتكم الحريرية حين يتعلق الأمر بالدفاع عن "قاعدتكم المتقدمة"، حتى وإن اقتضى استخدام القبضة الحديدية ضد طلبتكم وجامعاتكم وشوارعكم الغاضبة.


العنصرية بحكم طبيعتها، عابرة لخطوط وخرائط الأديان والقوميات والإثنيات. وكفاح الفلسطينيين ضد العنصرية في طبعتها الصهيونية الأكثر بشاعة وانحطاطًا، بات اليوم، جزءًا عضويًا من كفاح عالمي ضد كافة المظاهر والتيارات والسياسات والممارسات المفضية للتمييز والاستعلاء والتفوق الزائف، والتطرف اليميني في طبعاته الأكثر فجاجة في عدائها للآخر والأجانب والشعوب المغلوبة على أمرها.


ينتقد الرئيس الأميركي جو بايدن احتجاجات طلاب الجامعات ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، مشيرا إلى أنها تنطوي على "إثارة الفوضى"، يقول بايدن، في خطاب متلفز ، إن احتجاجات طلاب الجامعات "تضع الحق في التعبير وسيادة القانون على المحك، ويجب التمسك بكليهما".


مؤكدا أن هذه الاحتجاجات لم تدفعه إلى إعادة النظر في سياساته.


انتفضت الجامعات الأميركية التي تشكل قلاع العلم والمعرفة احتجاجا على مشاهد الدماء والدمار والوحشية الإسرائيلية في غزة، وعلى استمرار الدعم اللامحدود الذي تقدمه الإدارة الأميركية للعدوان الإسرائيلي.


واللافت أن من قاد التحركات والاحتجاجات هم طلاب نخبة الجامعات الأميركية مثل كولومبيا وييل ونيويورك وهارفارد، وجميعها ينتمي لرابطة اللبلاب (ivy league) التي تضم أشهر وأقدم وأعرق جامعات الولايات المتحدة الأميركية وفي العالم.


ثم امتدت الاحتجاجات وعمليات نصب الخيم إلى أكثر من 75 جامعة أميركية حتى الآن، فضلا عن انتشارها في جامعات دول العدوان مثل فرنسا وأستراليا وبريطانيا.


وهذا ما يفسر لجوء السلطات الأميركية لقمع هذه الاحتجاجات، والاستجابة لمطالب الحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو بالتصدي لها.


لم تنجح الرواية الإسرائيلية عن أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ومحاولات شيطنة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) باتهامها بقطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء وانتهاك حقوق المدنيين، ذلك أن الفضاء المشبع بوسائل التواصل مكن المنصفين من التصدي لهذه الروايات المفبركة وتفنيدها بالأدلة.


وكان ذلك أول ضربة للرواية الإسرائيلية، لتأتي بعد ذلك ممارسات الاحتلال الهمجية بقصف المستشفيات واقتحامها وتدمير المدارس والمساجد والمؤسسات، لتقلب الرأي العام ضد الاحتلال بعد أن حفلت وسائل التواصل بصور المجازر التي تستهدف الأطفال والنساء.


ولذلك غصت شوارع وميادين الولايات المتحدة، ودول الغرب، بالمتظاهرين الذين يدينون إسرائيل ويطالبون بإلزامها بوقف الحرب.


ولم تغب الجامعات الأميركية عن هذه الفعاليات التي تصاعدت مع استمرار المجازر، واستمرار تجاهل قادة الاحتلال دعوات وقف إطلاق النار.


وفي هذا السياق، كان لنخبة الجامعات الأميركية فضل السبق في الاحتجاجات قبل أن تحذو حذوها بقية جامعات البلاد، وكذلك الأوروبية، حيث لا تزال هذه الاحتجاجات قائمة على الرغم من العنف الذي استخدم ضدها.


إن التعامل بالعنف المفرط مع هذه الفعاليات أظهر الولايات المتحدة كدولة دكتاتورية تقمع حرية الرأي والتظاهر، تحت حجة مواجهة معاداة السامية التي يجرمها القانون، وهو الأمر الذي يثير الانقسامات في مجتمع يعتز بديمقراطيته وحرية التعبير الواردة في التعديل الأول بالدستور الأميركي.


ويؤشر ذلك إلى الفشل الذريع الذي منيت به الدعاية الصهيونية التي أنفق عليها اللوبي اليهودي مليارات الدولارات منذ نشأة الكيان الإسرائيلي عام 1948 وحتى الآن في أميركا ودول الغرب، بل إن هذا اللوبي أنفق المليارات على جامعة كولومبيا التي يتخرج منها أعضاء كونغرس وقادة أميركيون مثل الرئيس السابق باراك أوباما، وذلك للتأثير على طلاب الجامعة من خلال برامج إعداد القادة، فإذا بهؤلاء المنفق عليهم يتصدرون الاحتجاجات وينددون بالكيان الإسرائيلي ويؤيدون النضال الفلسطيني.


كما انكشف زيف الادعاءات الصهيونية التي استندت إليها السلطات الأميركية في قمع المتظاهرين، وهي أن الجالية اليهودية تتعرض للتهديد، حينما خرج عدد من المتظاهرين اليهود ليعلنوا عن أنفسهم ويؤكدوا أنهم يشاركون في الاحتجاجات لأنهم يرفضون ما يقوم به الاحتلال ضد الفلسطينيين.


 لقد كشف هذا الحراك الوجه الحقيقي للديمقراطية التي تتحدث عنها أمريكا، عن حرية التعبير عن الرأي دونما قمع، لقد تلاشى كل ذلك حينما تعلق الأمر بقضية المسلمين، ضاعت الديمقراطية وقوانينها وبقي الأمر لدى السلطة الأمريكية كيف نُسْكت هؤلاء وكيف نسيطر على الوضع؛ لم يعد خوفهم على انتفاضة الطلاب مع القضية الفلسطينية وحسب؛ بل إن  خوفهم اليوم  أصبح أكبر من ذلك، إنهم يخافون كثيرًا من أن تتحول هذه الانتفاضة إلى انتفاضة ضد الحكم ومحاولة إسقاطه.


هل يكون ما حدث هو استيقاظ العالم الجديد ؟

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology