"WSWS": هل تستعد قمة باريس الحربية لنشر قوات الناتو في أوكرانيا؟

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - الخسائر الكارثية في أوكرانيا هي بمثابة تحذير لدول الاتحاد الأوروبي، لأنها ستتلقى هي الأخرى خسائر مروعة إذا شنت حرباً عدوانية على روسيا.


يكتب أليكس لانتير، في موقع "WSWS" مقالاً يتناول القمة الأوروبية التي استضافتها باريس، والتي ناقشت مستقبل الحرب في أوكرانيا، وإمكانية إرسال قوات من حلف الناتو لمقاتلة روسيا.


فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:


عقد رؤساء دول الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع اجتماع قمةٍ في باريس، لمناقشة مستقبل حرب حلف "الناتو" ضد روسيا، لمواجهة الانهيار الوشيك للقوات الأوكرانية، وكيلة الحلف، إثر تكبدها خسائر فادحة بعد عامين من القتال.


تمت الدعوة إلى القمة لوضع خطط لانخراط قوات من "الناتو" ودول الاتحاد الأوروبي في مواجهة روسيا بشكل مباشر في أوكرانيا. وكان رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، قد حذر قبل القمة الأوروبية المذكورة، من مغبة إرسال "الناتو والدول الأوروبية قوات عسكرية إلى أوكرانيا على أساس ثنائي". وأضاف: "لا أستطيع البوح لأي غرض سيذهبون إلى هناك".


الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أكد تحذيرات فيكو وقال: "كل شيء ممكن لمنع النصر الروسي"، ومن الممكن للدول الأوروبية أن ترسل قوات عسكرية إلى أوكرانيا بشكل فردي. وتعهد ماكرون بدعم أوكرانيا بـ "صواريخ وقنابل متوسطة وطويلة المدى". بمعنى، أن ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس وغيرهما من كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي وافقوا على إطار لحرب واسعة النطاق بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ضد روسيا.


الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لخص بكلمته أمام المؤتمرين في باريس عبر تقنية الفيديو، الكذب الرسمي الذي يهدف إلى إخفاء الآثار الكارثية على بلاده جراء توريطها بحرب ضد روسيا نيابة عن الغرب. وزعم زيلينسكي أن "31 ألف جندي أوكراني لقوا حتفهم في هذه الحرب وليس 300 ألف أو 150 ألف، أو ما تقوله روسيا".


تكشف كلمة زيلينسكي ازدراءه للشعب الأوكراني، الذي يعرف أنه يكذب. إذا كانت قوى حلف "الناتو" تدعو الآن إلى إرسال قواتها إلى ساحة المعركة، فذلك بسبب مقتل العديد من الجنود الأوكرانيين، فقد ضمرت القوى البشرية في الجيش الأوكراني إلى حد كبير.


في العام 2022، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارك ميلي، إن 100 ألف جندي أوكراني قتلوا أو جرحوا، على الرغم من أن صحيفة "نيويورك تايمز" كتبت آنذاك أن "المسؤولين قالوا سراً إن الأرقام كانت أقرب إلى 120 ألف". وفي آب/أغسطس الماضي، نقلت صحيفة "التايمز" عن مسؤولين أميركيين قولهم عن فقدان أوكرانيا نحو 70 ألف قتيل و120 ألف جريح.


كذلك، قال المسؤولون الأميركيون الذين ينتقدون حرب أوكرانيا ولديهم إمكانية الوصول إلى تقارير استخباراتية سرية إن أرقام العام 2023، قللت من الخسائر الأوكرانية، وذلك للحد من معارضة الحرب. وقال الكولونيل الأميركي دوغلاس ماكغريغور، "أعتقد أن الأوكرانيين فقدوا حتى الآن 400 ألف رجل قتلوا في ساحات المعارك". وأضاف، "كنا نتحدث عن 300 -350 ألف، قبل بضعة أشهر إلى أن أرتفع الرقم بعد الهجوم الأوكراني الذي فشل في أن يجتاح ساحة المعركة".


الخسائر الأوكرانية اليوم أعلى بكثير مما كانت عليه في العام الماضي. وإلغاء "الهجوم المضاد" لأوكرانيا والذي تضمن إنزال قوات خلف خطوط "العدو" بدعم من جميع قطاعات الأسلحة الثقيلة، إلا أن التحصينات الروسية المعدة جيداً والمدعومة بالألغام والمدفعية الثقيلة والطائرات دون طيار صدت الهجوم الأوكراني وحطمته. ومنذ ذلك الحين، تعاني القوات الأوكرانية من هزائم كارثية على طول خط الجبهة، وكان آخرها التخلي عن أفديفكا وسط تقارير تفيد عن سقوط 1,500 قتيل من الجنود يومياً.


وجد تقرير حديث لصحيفة "واشنطن بوست" عن الجبهة الأوكرانية أن العديد من كتائب المشاة لم يتبق منها سوى 40 من أصل 200 رجل. وحذر أحد قادة الكتائب الأوكرانية من أن "الجبهة ستنهار في وقت ما".


الخسائر الكارثية في أوكرانيا هي بمثابة تحذير لدول الاتحاد الأوروبي، لأنها ستتلقى هي الأخرى خسائر مروعة إذا شنت حرباً عدوانية على روسيا. تجدر الإشارة إلى دراسة أعدت في العام 2023 في مجلة كلية الحرب الفصلية للجيش الأميركي، والتي دعت الولايات المتحدة إلى إعادة التجنيد، لتكون قادرة على استيعاب الخسائر التي ستتكبدها في أي حرب قادمة مع روسيا، متوقعة أن يتكبد الجيش الأميركي 3600 ضحية يومياً، أو 1.3 مليون سنوياً.


علاوة على ذلك، فإن الوفيات والإصابات لن تقتصر على ساحة المعركة، فمن المؤكد أن الإقحام المباشر لقوات الناتو في الحرب ضد روسيا سيتطور حتماً إلى صراع نووي، حيث يصل عدد القتلى والضحايا إلى عشرات ومئات الملايين.


إذا كان زيلينسكي يكذب بوقاحة بشأن عدد قتلى الحرب، فما الذي يكذب فيه مع حلفائه في حلف "الناتو"؟ الجواب هو: في كل شيء.


إن السرد الكامل الذي لفقته قوى المنظومة الغربية حول حرب أوكرانيا، لتبرير خطط التصعيد العسكري التي تم وضعها من خلف ظهر مواطنيهم، هو نسيج من الأكاذيب التي يجب رفضها، وبدلاً من ذلك، على الشعوب أن تأخذ بزمام المبادرة والاحتجاج السياسي لوقف الحرب.


تكذب القوى الحاكمة في الولايات المتحدة وأوروبا بلا هوادة حول أسباب الحرب في أوكرانيا، مدعية أنها كانت عدواناً روسياً غير مبرر. ولكن في نهاية الأسبوع المنصرم، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" دعوتها لتمرير التصويت في الكونغرس الأميركي لصالح حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 60 مليار دولار لتمويل الحرب، عبر مقال يوضح بالتفصيل كيف أن أوكرانيا هي رصيد قيم لبرامج التجسس والاغتيال التابعة لوكالة المخابرات المركزية ضد روسيا. وكتبت أن "تفاصيل هذه الشراكة الاستخباراتية، التي تكشف عنها الصحيفة لأول مرة"، كانت سراً يخضع لحراسة مشددة منذ عقد من الزمان.


"السر الخاضع لحراسة مشددة" لوسائل الإعلام الأميركية والأوروبية المتواطئة هو أن "الناتو" أثار أسباب العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا في العام 2022. ومنذ الانقلاب المدعوم من الولايات المتحدة في كييف عام 2014 الذي نصب النظام الحالي في أوكرانيا، أنفقت قوى الحلف الأطلسي عشرات ومئات المليارات من الدولارات لتحويل أوكرانيا إلى قاعدة عسكرية غربية. وهذا بمثابة غزو وانقضاض من النظام الرأسمالي على روسيا الاتحادية ما بعد السوفياتية.


منذ أن تفكك الاتحاد السوفياتي في عام 1991، شنت قوى الناتو حروباً في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية وأفريقيا، مما أسفر عن مقتل الملايين من الأبرياء. وسمح هذا التوحش الدموي لقوى حلف "الناتو" بنهب ثروات العالم، ودعم الأنظمة الاستبدادية البوليسية التي تعمل وكيلة لقوى الاستعمار الغربي بالعمل ضد مواطنيها والمصالح الوطنية العليا في الداخل.


يأتي تفكك الجبهة الأوكرانية في الوقت الذي فقدت فيه الأكاذيب المستخدمة لتبرير هذه الحروب مصداقيتها بشدة. لم تكن "أسلحة الدمار الشامل" العراقية التي تذرعت بها واشنطن كذريعة لغزو العراق الغني بالنفط في عام 2003 سوى كذبة مدوية. انتهت حروب حلف "الناتو" التي شنت في ليبيا وسوريا في عام 2011، بمآس طالت الملايين في كلا البلدين. وها هي القوى الغربية مرة أخرى تدعم الإبادة الجماعية التي ترتكبتها "إسرائيل" ضد الفلسطينيين في غزة.


وسط تزايد الغضب الاجتماعي والإضرابات ضد التضخم والتقشف، والاحتجاجات الجماهيرية الواسعة في العالم المؤيدة لفلسطين، تلجأ النخب الأوروبية السائدة إلى التحول إلى أقصى اليمين، خوفاً من أن تؤدي هزيمة أوكرانيا إلى نسف صرح الأكاذيب المستخدم لتبرير حروبهم الإمبريالية في الخارج والحرب الطبقية في الداخل، حينها تكون قد شقت الطريق أمام الحرب العالمية الثالثة لتنفجر في جميع أنحاء أوروبا والعالم.
 
نقلها إلى العربية: حسين قطايا.

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology