امريكا والجزائر والمهمة الصعبة !!

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - تعتبر الجزائر حلقة رئيسية في سياسة روسيا المغاربية بل والإفريقية، ليس فقط نتيجة للاعتبارات الإيديولوجية القديمة التي تميز العلاقات الجزائرية – الروسية منذ استقلال الجزائر، بل تتعدى ذلك إلى العمل أيضا على تطوير المصالح الاقتصادية بالتركيز على ثلاث قطاعات رئيسية هي الطاقة (النفط والغاز)، والتعاون التقني في المجالات الصناعية والتنموية، والتعاون العسكري .


لم تكن العلاقات الجزائرية الروسية يوماً أدفأ مما هي عليه اليوم، وتزيد الجزائر بشكل غير مسبوق تقاربها مع موسكو في مختلف المجالات، لاسيما المجال العسكري.


ووفق وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، فإنه يجري التحضير على قدم وساق لزيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى موسكو للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين .


من جهته، كشف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال زيارته المفاجئة إلى الجزائر شهر مايو/أيار الماضي، أن البلدان سيُوقعان خلال لقاء الرئيسين على وثيقة استراتيجية جديدة، تكون أساس العلاقات المستقبلية بين البلدين.


ويرى المحلل السياسي، إلياس محمدي، في حديثه مع "عربي بوست" أن زيارة تبون إلى روسيا، إن تمت، ستكون الأهم له منذ توليه مقاليد السلطة أواخر 2019.


وفي السياق عينه، قالت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية إن "زيارة الزعيم الجزائري، في إشارة إلى عبد المجيد تبون، ستكون امتحاناً لصبر الغرب على الجزائر".


بالمقابل تتعالى أصوات أمريكية لردع الجزائر وفرض عقوبات عليها لكبح تقاربها مع موسكو، حيث وقّع 27 نائباً بالكونغرس على عريضة طالبت وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، بفرض عقوبات على الجزائر بسبب علاقاتها الوطيدة مع موسكو، وذلك استناداً إلى قانون "كاتسا" (CAATSA) الذي أقرّه مجلس الشيوخ الأمريكي في أغسطس/آب 2017.


ويشمل القانون 3 دول تعتبرها واشنطن "أعداء" وهي روسيا وإيران وكوريا الشمالية، إذ تُفرَض العقوبات عليها وعلى من يتعاون معها عسكرياً.


ماذا تريد الجزائر؟


لطالما عبّرت الجزائر عن عدم ثقتها في الغرب من خلال مواقفها الرافضة لتوجهاته الاستراتيجية، فقد عارضت احتلال العراق والتدخل العسكري في ليبيا ومالي والساحل، كما رفضت إدانة روسيا في حربها على أوكرانيا، ودعمت الصين على طول الخط في صراع تايوان.


ويعتقد المحلل السياسي إلياس محمدي، في تصريحه لـ"عربي بوست"، أن الجزائر تقترب من روسيا بشكل مطّرد كلما شعرت بازدياد نفوذ الغرب في مجالها الحيوي.


وأشارت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية إلى أن الجزائر من بين أكبر 3 مستوردين للسلاح الروسي في العالم، ولا يمكنها الاستغناء عن الأسلحة الروسية بسهولة، حتى وإن أرادت في ظل اشتعال حدودها الجنوبية والشرقية وخلافها الكبير مع جارها الغربي المغرب.


وزار شهر مايو/أيار الماضي وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الجزائر فجأة وأعلن من هناك زيارة تبون لبوتين.


كما أعلنت الجزائر وقتها أنها ليست بصدد لعب دور البديل لروسيا في مجال الغاز بعد أن قررت أوروبا الاستغناء عنه والبحث عن بديل.


وامتنعت الجزائر في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا.


واعتبر المحلل السياسي، علي عثماني، مواقف الجزائر طبيعية بالنظر إلى العلاقات الاستراتيجية التي تربط البلدين، مؤكداً أنه كلما طالت الحرب في أوكرانيا تعرضت العلاقة بين البلدين إلى اختبارات حقيقية.


بالمقابل ألحقت ولاية الرئيس الأمريكي المُنتهية صلاحيته دُونالد ترمب أضراراً بالغة بالعلاقات الجزائرية-الأمريكية، وكان عُنوان تدهور العلاقات الجزائرية-الأمريكية اعترافه المُفاجئ بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مُقابِل اتفاقية السلام مع إسرائيل.


وعلى الرغم من تأكيد الطرفين الجزائري والأمريكي أن العلاقة بين البلدين مُتميزة، فإن الجزائر بقيت خارج حسابات ترمب، وكانت تطفو على السطح بين حين وآخر تقاطُعات معقدة واختلاف حادّ في وجهات النظر حول القضايا الأمنية والإقليمية، وبرز أول صراع غير معلن بين البلدين في الملف الليبي بعدأن رفضت واشنطن تأييد خلافة الجزائري رمطان لعمامرة للبناني غسان سلامة الذي استقال من منصبه كمبعوث أممي إلى ليبيا مطلع مارس/آذار الماضي لأسباب صحية.


وكان ملف الصحراء الغربية القطرة التي أفاضت الكأس بعد أن ضرب ترمب ، عُرض الحائط بالدعم الأمريكي لحقّ الشعب الصحراوي في تقرير المصير، واعترف بمغربية الصحراء الغربية .


الفتور بين واشنطن والجزائر، كان يشملُ أيضاً التعاون بين البلدين في المجال العسكري، إذ كانت صفقات التسليح بين البلدين منعدمة في وقت تُصنَّفُ فيه الجزائر في خانة المشترين الخمسة الأوائل للأسلحة الروسية، إذ تفوق نسبة المعدات التي تتلقاها البلاد من روسيا ما يقرب 80 بالمئة، فيما يُصنَّف المغرب كأول زبائن السلاح الأمريكي في منطقة شمال إفريقيا.


ولم تحقّق الاستثمارات الأمريكية في الجزائر المُستوى المطلوب للأمريكيين بسبب المنافسة الشرسة التي تواجهها مع الصين وروسيا وحتى تركيا التي دخلت على الخط في السنوات الأخيرة، إذ تكشف إحصائيات رسمية أن حجم الاستثمارات الأمريكية في الجزائر بلغ 14 مليار دولار فقط منذ 2014.


وبمُجرد أن تأكدت الجزائر من فوز المُرشح الديمقراطي جو بايدن، قدم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "تهانيه الحارة لرئيس أمريكا الجديد"، وأكد له في برقية تهنئة استعداده للعمل معه على "توطيد العلاقات الثنائية" و"رفع التحديات" التي تواجه البلدين في إطار الحوار الاستراتيجي بينهما.


اليوم وبعد بايدن يتساءل الشارع الجزائري عن مُستقبل العلاقات الجزائرية-الأمريكية التي لم تأخذ حيزاً واسعاً من الاهتمام، في وقت صوّبت فيه الجزائر بوصلتها نحو الدب الروسي والعملاق الصيني اللذين باتا يشكّلان مصدر قلق كبير لأمريكا.


تباين في الآراء


وقد اختلفت أراء الخُبراء والمتابعين للمشهد الدولي حول آفاق العلاقات بين البلدين، بين من يرى أن الطريق لن تكون مفرُوشة بالورود وسيسير بايدن على خطى سلفه الذي نسف العلاقات مع الجزائر في آخر أيام من حكمه، ومن يعتقد أن بايدن سيكون أكثر مُرونة وعقلانية لتحقيق المصالح الاستراتيجية الأمريكية الأساسية والتصدي لصعود خصومها في البلاد مثلروسيا والصين.


التواصل الدبلوماسي مع الجزائر كان متدنياً أو حتى معدوماً، ما عدا الزيارة الأخيرة التي أجراها وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2020، في أول زيارة لمسؤول عسكري نافذ منذ 15 عاماً.


ويتوقع أن ينتهج بايدن نفس الاستراتيجية التي تبناها سلفه في البيت الأبيض دونالد ترمب، فاهتمامه انصبّ بصورة أساسية على الحفاظ على الاستثمارات والعلاقات التجارية التي شكّلها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.


الرئيس الأمريكي سيعمل على الحفاظ على العلاقات الاقتصادية الاستراتيجية، بخاصة في قطاع الطاقة والصناعات الثقيلة. ويمثّل هذا تحدياً صعباً لبايدن بالنظر إلى المنافسة القوية التي سيواجهها من دول انتزعت من أمريكا الريادة في هذه المنطقة على غرار الصين وتركيا، وبالأخص روسيا.اذ ان مسائل الطاقة اصبحت مصيرية بالنسبة للغرب .


امريكا لا يهمها مصائر الشعوب ولا الحكومات فلطالما تخلت عن من كانوا حلفائها من اجل مصلحتها وها هي الان تعرف مدى سوء القرارات التي تجبر اوربا على اتخاذها ضد روسيا وتعرف اثارها المدمرة على اوربا لكنها وبصفتها الوحيدة الاكثر استفادة فانها تدفع بالمزيد من هذه القرارات .


وذهب المحلل السياسي والخبير في القانون الدولي إسماعيل خلف الله في نفس الاتجاه، وعلّق بالقول إن العلاقات الجزائرية-الأمريكية قد شهدت فُتوراً على ضوء تباين المواقف إزاء ما يجري في ليبيا والصحراء الغربية، إذ تَبيَّن أن أمريكا كانت تقف وراء مُعارضة تعيين وزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة كمبعوث أممي إلى ليبيا، وقبلها بسنوات وبالتحديد سنة 2015 سحبت جولات الحوار بين الأشقاء الليبيين من الجزائر ونقلتها نحو مدينة الصخيرات المغربية.


ويقول إسماعيل خلف الله لـTRT عربي، إن حدة التنافر تفاقمت بعد اعتراف ترمب بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية، وهو القرار الذي زاد الطين بلة وأظهر تخندق الإدارة الأمريكية مع المغرب في هذا الملف.


ربما أنه من مصلحة أمريكا أن تكون لها علاقات جيدة مع الجزائر، لأن أمريكا تناور من أجل مواجهة المد الروسي والصيني، والجزائر تربطها علاقات وطيدة مع هاتين الدولتين.


الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن ستسعى لتطويق توغل منافسيها الأقوياء في الجزائر وجميع بلدان المغرب العربي لكن الجزائر التي كانت دائما وفية في علاقاتها لن تنجر بالتاكيد الى الفخ الامريكي الذي لا يريد سوى النفط والغاز ولا غير ذلك .

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology