افراسيانت - قبل أشهر من الحرب الروسية، انتشر فريق من الأميركيين العسكريين والمدنيين في أنحاء أوكرانيا بحثًا عن نوع محدد جدًا من التهديد. وكان بعضهم جنودًا من القيادة الإلكترونية للجيش الأميركي أما الآخرون كانوا من المتعاقدين المدنيين وبعض موظفي الشركات الأميركية الذين يساعدون في الدفاع عن البنية التحتية الحيوية ضد الهجمات الإلكترونية .
وبحسب "فينشيال تايمز "، كانت الولايات المتحدة تساعد أوكرانيا على تعزيز دفاعاتها الإلكترونية لسنوات، منذ أن أدى هجوم خطير عام 2015 على شبكة الكهرباء الخاصة بها إلى ترك جزء من كييف بدون كهرباء لساعات.
لكن هذه الزيادة في عدد الأفراد الأميركيين في أكتوبر ونوفمبر كانت مختلفة. لقد كانت استعدادًا لحرب وشيكة.
تكتب الدكتورة حسناء نصر الحسين : حول تكريس العنصرية العالمية وسيلة أمريكا الجديدة لاستعادة الهيمنة وارتباط المشروع بمخاضات المشهد الروسي الاوكراني فتقول :
تستمر سياسة التوحش الأمريكي الغربي في إدارة استهداف العملية العسكرية الروسية مسخرة في سبيل ذلك كل ما تمتلك من قوة في ادارة هذا الصراع والتأثير على الشعوب والدول الصديقة والمناوئة لسياساتها فكل ميدان من الميادين التي تحكم وتؤثر في العلاقات الدولية كان له نصيبه من استراتيجية التوحش هذه .
وبالنظر لتبعات هذا التحشيد الذي يحكمه القلق الأمريكي والغربي من نجاح روسيا الاتحادية من قلب ميزان القوى السائد منذ ثلاثة عقود حتى الآن يدفعها الى اتباع سياسة الإفراط في استخدام ادواتها للانتقام من موسكو التي تتصارع مع هذه الدول لتصحيح ما هو كائن في البنية الدولية الحالية لصالح ما يجب ان يكون .
من أهم ما ساعد موسكو في هذه المواجهة هو وضوح الرؤية لديها والتي تمثلت بعمليتها العسكرية الخاصة والتي بات واضحا من خلال ما كشف خلال الايام الماضية بان واشنطن التي جرت خلفها الغرب، باستعدادها المسبق لشن عدوان من الخاصرة الاوكرانية الرخوة على روسيا وهذا الاستعداد الأمريكي والتسليح الضخم وما كشفت عنه تصريحات اوكرانية في النظام السابق الحليف لروسيا بأن واشنطن كانت تحضر لإرسال فرق عسكرية برية وبحرية وجوية لأوكرانيا بانتظار ساعة الصفر للبدء بالهجوم ، عدا عن اطنان الاسلحة المتطورة العالية الدقة التي كانت اعلنت عنها امريكا وبريطانيا والغرب، إلا ان الحقيقة ان هذه الاسلحة موجودة في اوكرانيا وما سيأتي سيكون دفعات اضافية لمد النازيين الجدد الذين اعترفت المانيا مؤخرا بوجودهم والقوميون ومن سينضم اليهم لاحقا من جحافل الارهاب العالمي من ابناء امريكا في العالم .
وان كان مشروع واشنطن موجود مسبقا لشن عدوان على روسيا الذي لا يقف عندها ابدا بل سيتعداها لو كتب له النجاح لكل دول آسيا باتجاهاتها وتموضعها الاستراتيجي لينال من هذه الكتلة الجيواستراتيجية التي تشكل ثقلا مؤثرا في الاقتصاد المتنوع الموارد .
رأينا كيف بدأت امريكا والغرب ومعهم الرئيس الاوكراني بالتجييش لحشد دراكولا العصر الحديث المتمثل بالإرهاب الدولي للحرب ضد الجيش الروسي وتابعنا الاعداد التي اعلن عنها بالإضافة للمساعدات الحربية والانسانية وكأن هذه المجموعة تخوض مزادا فيما بينها عنوانه من يرسل اكبر عدد من هؤلاء القتلة الذي شهد العالم بأسره على تطرفهم وعنصريتهم وتفننهم باستخدام القتل والتنكيل والتعذيب بأسوء أشكاله وأنواعه بذريعة الدفاع عن اوكرانيا .
مشروع واشنطن يتجلى بتحويل اوكرانيا الى مقر ومنطلق للقوى العنصرية والمتطرفة في محيط جغرافي غربي وشرقي ضخم ستكون الشعوب الاوروبية ضحية لهذه السياسات الامريكية وللساسة الغربيون الذين انخرطوا في هذا المشروع فالإرهاب العابر للحدود والآن النازيون الجدد والقوميون ينضمون لهذا المشروع بقوة ودعم كبير ، لتكون هذه هي العناوين الجديدة لأوروبا التي ستؤدي الى انهيار التحالف الأوروبي ووصول هؤلاء القوميون الذين يتمتعون بأرضية خصبة في اوروبا ورأينا القوى العنصرية للأحزاب في عدة دول اوروبية ومنها فرنسا وبريطانيا.
هذا المشهد الذي عمدت واشنطن الى تشكيله عبر سياسات ممنهجة بدأتها بالاعلام ولن تختمها بالدفع بمجاميع قتالية أمريكية تحت عنوان التطوع، لتصل مستويات التسخين الامريكي للتحريض والدفع بكل أوروبا ليكون لها حضورها المؤثر في هذا التحرك الروسي، وهذا التصعيد الامريكي يقف وراءه ايضا تقديم صورة مرعبة يعززها الامريكي في العقلية الاوروبية لما يمكن ان يصيبها من واقع ما يرتسم بالمشهد الاوكراني، وهذا يهيئ الارضية على صعيد المخطط الامريكي تجاه الدول الاوروبي والهادف لصعود التيارات ذات النزعة العنصرية، بما يوفر للامريكي تشكيل كتلة دولية جديدة تحكمها النزعات العنصرية المنسجمة مع العنصرية الامريكية .
واشنطن التي حكمت العالم ومنظماته الدولية والاقليمية تحت عناوين وشعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان والعدالة كشفت النقاب عن وجهها وتعرت بأنها دولة عنصرية وحكمت العالم من خلال عنصريتها في استخدام هذه العناوين ، وما زج واشنطن معظم دول العالم في حرب مع روسيا و دعمها للنازية والقوميون الجدد ليس سوى عناوين جديدة لاستراتيجية امريكية لمرحلة ما بعد اوكرانيا ونجاح هذا المشروع الامريكي العنصري ام فشله متعلق بنتائج العملية العسكرية الروسية ولعل رفض واشنطن لمطالب روسيا وتبديد مخاوفها منذ بدء المفاوضات هدفه ادخال العالم في فوضى عالمية سيكون لها انعكاساتها على الدول الغربية خاصة كما ستتأثر بها كل دول العالم لفترات طويلة .
العقوبات الامريكية البريطانية الغربية على روسيا وانعكاساتها التي ستطال شعوبهم كما سواهم من شعوب العالم وما سيترتب على سوء الواقع الاقتصادي وتدويل العملية الروسية في اوكرانيا وضع العالم امام ازمة عالمية لن ينجو من تبعاتها احد وهذا مشروع واشنطن الذي اطلقته منذ عام ٢٠٠٥ الفوضى الخلاقة وما تنتظره واشنطن من احلال هذه الفوضى العالمية هي الهدم والتدمير لكل شيء في السياسة والاقتصاد والفنون والادب وكل ما هو قواعد وقوانين ناظمة للدول والشعوب واعادة البناء من جديد بما يخدم العنصرية الأمريكية .
وفي الخلاصة : استطاعت واشنطن ان تورط الغرب الاوروبي بهذه الحرب التي ارادت لها واشنطن ان تكون منذ عام ٢٠١٤ ، ليكون الغرب الذي انحاز وامتثل للسياسات الامريكية اكبر الخاسرين من هذه الحرب واصطفافاته التي ستؤدي الى احداث تصدع داخل هذه الانظمة بما ينعكس على منظمة الاتحاد الأوروبي بالتفكك والانهيار.
وهنا يحق لنا ان نتساءل ماذا لونجح النازيون الجدد والقوميون العنصريون بقلب المعادلة في اوكرانيا وانعكاسات نصرهم هذا على الداخل الأوروبي لناحية اليمين المتطرف العنصري وارتداداته على اشكال انظمة الحكم فيها وهذا ما تشتهيه واشنطن وتجلى في صناعة حلف اوكوس وكيف تم استبعاد معظم الدول الاوروبية منه وكيف سينعكس هذا المشروع على العنصرية الإسرائيلية لذا رأينا قادة الكيان يقفون في الصف الامريكي ويراهنون على انتصار واشنطن الذي سينعكس على هذا الكيان العنصري بالفائدة.
اما شعوب واحرار العالم يتطلعون لحسم هذا المخاض الروسي الامريكي الغربي بنتائج تحررهم من العنصرية الامريكية وسطوتها بما يحقق لهذه الشعوب احترام حقوقهم وسيادة اوطانهم والوصول لديمقراطية تحمل اعتبارات الخصوصية والتنوع للشعوب وليس الديمقراطية حسب العقيدة الأمريكية .