ليبيا : تشابك المصالح وصراعات النفوذ !

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - زكريا شاهين - يبدو انه من المبكر الحديث عن خروج ليبيا من نفق الضياع رغم التغييرات التي تحدث الان والتي افرزت قوى ليبية جديدة تتحدث عن حلول شاملة تخرج ليبيا من ازمتها وتنقذها من التشرذم والانقسام وبعثرة الموارد ناهيك عن السلب المنظم لمقدرات الشعب الليبي وثرواته .


تفاقم الاوضاع في ليبيا بسبب النزاعات ذات التوجهات المتعددة ايديولو جية كانت ام محلية لصالح امراء الحرب اوعالمية لصالح الطامعين في الهيمنة على هذا البلد وضعت ليبيا في دائرة الاهتمام العالمي وان كان اهتماما ينبع من المصالح والذي دفعهم للبحث عن حلول للخروج من تلك الازمة بشكل او باخر .


ليبيا هي الدولة التي تشكل جغرافيتها ساحلًا طويلًا يقترب من مليونَي كيلومتر، وبمساحة تعادل مساحة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا (1,760,100 كم2) والتي شكّلت حلقة وصل بين المشرق والمغرب العربي وبين أوروبا وإفريقيا.


  ويمكننا بسهولة إدراك أهمية البحر المتوسط من خلال معرفة أن:
 
•    30٪ من تجارة الطاقة تمرّ عبر البحر المتوسط.
•    تشكّل تلك المنطقة ثلث قطاع السياحة في العالم.
•    500 مليون من المستهلكين.
•    44٪ من نمو الناتج المحلي في العشرين سنة الأخيرة.
•    450 من الموانئ والمحطات.
من هنا كان البحث دائما عن حل ما لم يتبلور نهائيا حتى الان .


هذا البحث الذي توافق احيانا وابتعد في احيان اخرى من خلال لقاءات عدة امتدت من باريس إلى سويسرا مرورا بباليرمو وبرلين والقاهرة والمغرب، دون الوقوف على ان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا احتويا على كل إشكالات القرن الحادي والعشرين بصورة جنينية تعبّر عن العالم الأكبر؛ فيها تغيرات ديمغرافية هائلة، وفيها مجتمعات فتية قد  تقارع تسونامي الشيخوخة الذي يهدّد أوروبا، كما أن فيها تغيرات في مجال الطاقة نحو الغاز واليورانيوم، وفيها صراعات تمثّل تحدّيات العالم في مستوى الفكر بين الدولة والمجتمع، والفرد والمجتمع، والدين والسياسة، والإرهاب والأوتوقراطية، والتطلعات والآمال الممكنة والفكر الإمبراطوري الذي يسعى إلى السيطرة وإمكانية التوقع، في هذا العالم الأصغر تتصارع مصالح أكبر بعضها يحمل معه رؤى قديمة من مخلّفات الحرب الباردة والبعض الآخر يسعى إلى إيجاد معادلات جديدة على الأرض يمكنها أن تؤسّس لبحر متوسط أكثر استقرارًا.


لكل طامع من القوى الفاعلة في الازمة الليبية مصالحه وادواته وتوجهاته . فالغرب المعروف بسياسة الهيمنة ، وتركيا التي تحاول احياء الارث العثماني والهيمنة ايضا على المتوسط والدول المحيطة بهذا البلد سواء اكانت غربية او عربية . جميع هؤلاء يدخل حلبة الصراع .


وحدها روسيا وفي تعاملها مع الشأن الليبي كانت تتخذ سياسة واقعية، فهي تدرك أن ليبيا بلدٌ منقسم على نفسه، وأنَّ الاحتراب الداخلي لم يهدأْ، وإن كان بمستويات تأخذ شكلًا متعرجًا، من الارتفاع والانخفاض، وأن غياب السلطة المركزية ومؤسسات الدولة معضلة حقيقية في ليبيا؛ لذا حاولت روسيا التعامل مع الأطراف كافة في ليبيا، باعتبار ان التدخلات الخارجية لن تجد الحلول فيما ان الوضع الليبي لن يخرج من ازمته الا بالحلول السياسية ،حيث ترى انه لا إمكانية للحسم من قبل أحد من الأطراف المتصارعة في الأزمة الليبية، لذا فإنه لم يصدر عنها أي اعتراض على قرارات مجلس الأمن بشأن التسوية السياسية، كما أنّها لم تمانع في استمرار حظر استيراد السلاح للأطراف الليبية.


اضف الى ذلك فقد كانت روسيا والمسؤولون الروس يكرّرون دعمهم  للحلّ السياسي والمسار الذي قدّمه غسّان سلامة إلى مجلس الأمن في أكثر من جلسة له، واستقبلت روسيا وفودًا من مصراتة والمجلس الرئاسي، ويكفي أنها لم تستخدم الفيتو لنقض إجماع المجتمع الدولي حول الحل السياسي في ليبيا.


الان - هناك طرف جديد في المعادلة، وهو الشعب الليبي الذي يضغط بقوة من خلال احتجاجات دورية ضد الفساد وتردي مستويات المعيشة، ما يضع ضغوطا كبيرة على أطراف الصراع، ويدفعهم لعدم التصعيد، ومواصلة جهود الحل السياسي".


مسار التفاوض ونتائجه الجديدة ، يتعرض لمشاكل هيكلية متعلقة بالنفوذ التركي في البلاد.


اذ تملك أنقرة مصلحة واضحة في نصرة طرف على حساب آخر في ليبيا، بعد أن انتزعت اتفاق غير قانوني لترسيم الحدود البحرية بين البلدين من فايز السراج، رئيس الحكومة السابق في طرابلس.


وتريد تركيا استمرار الوضع الراهن، وفرض الاتفاق البحري على الليبيين لاستغلال احتياطيات الغاز الضخمة في البحر المتوسط، رغم الرفض الأوروبي والعالمي لهذا الاتفاق الذي ينتهك حقوق اليونان وغيرها من دول حوض المتوسط.


وبالإضافة إلى ذلك، تمثل هشاشة الوضع الأمني في ليبيا حجرة عثرة آخر أمام استمرار مسار المفاوضات الحالي، وصمود وقف إطلاق النار، اذ"لا تزال الحالة الأمنية حساسة للغاية، ولا يتوقع أحد التزام حقيقي بوقف اطلاق النار إلا من خلال رقابة دولية قوية ، "يمكن أن يلعب الاتحاد الأوروبي دورا فيها اضافة الى روسا التي هي مقبولة من اطراف الازمة اضافة الى امتلاكها لرؤيا الحل .


"على أية حال، هناك مجموعة من الجانبين تريد نسف العملية السياسية، كما أن إرادة تركيا لتحقيق الاستقرار السياسي المستدام دون السيطرة بشكل كامل على البلاد، أمر مشكوك فيه حيث قدمت أنقرة دعما كبيرا لحكومة الوفاق في طرابلس بالعتاد والمرتزقة لمواجهة الجيش الوطني الليبي.  مقابل اتفاقيات اقتصادية سمحت لها بالتحكم باقتصاديات البلاد .


لقد نقلت تركيا أكثر من 20 ألف مرتزق سوري إلى ليبيا، إضافة إلى نحو 10 آلاف متطرف من جنسيات أخرى، وفق بيانات المرصد السوري لحقوق الإنسان.


يبقى المقف الامريكي المتذبذب .اذ لا تقف واشنطن مساندة لموقف أي من حلفائها المتدخلين في الشأن الليبي بصورة مباشرة. "تجمع واشنطن علاقات قوية بالأطراف الإقليمية المتورطة في النزاع الليبي. فمن ناحية تعدّ تركيا من أهم أعضاء حلف شمال الأطلسي وتخدم مصالح واشنطن الإستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بمواجهة ما تزعم انه النفوذ الروسي في دول جنوب أوروبا والشرق الأوسط. وتجمع مصر والإمارات كذلك مصالح قوية بواشنطن بسبب دورهما في سلام الشرق الأوسط وأمن الخليج ومحاصرة النفوذ الإيراني في المنطقة".


في الخلاصة فان ليبيا بحاجة الى رؤية تتمشى مع مصالح الشعب الليبي وتطلعاته وضمان مستقبله بحيث يمتلك زمام التحكم في ثرواته وتوجهاته بعيدا عن ايدي الطامعين وهذا ما يضمنه المسار الروسي الذي لم يكن يوما اداة للهيمنة او خداع الشعوب.

 

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology