افراسيانت - د.شكري الهزَّيل - جاءت الجرافات ومن ثم ذهبت وعادت مرة اخرى مدعومه بقوة السلاح لتهدم بيت محمد وتسويه بالارض بعد ان القَت بالاثاث والاطفال  معا على عجل الى خارج مرمى الدمار الذي خلف وراءه حجر وملصق كُتب عليه "اوامر هدم" وما زال محمد الغاضب يحمل في يده قصقوصة ورق من محاكم الجلاد كُتب عليها " يؤجل الهدم حتى البث في القضيه امام المحاكم الاسرائيليه"..الله عليكم ياظالمين وين بدي اروح بالاطفال ومن وين بدي ادفع الغرامه.. خربتوا بيتي ودياري الله يخرب بيتكم  ياظالمين ويا محتلين فلسطين...ابوسعيد يتلقى هاتف في مكان عمله من زوجته المنفعله والغاضبه.. الحق الجرافات عم تجرف بيوتنا والقريه مطوقه بالجيش و العسكر ليتسمَّر ابوسعيد في مكانه ومن ثم يجمع قواه ويركب مركبته منطلقا الى قريته التي تقع وراء عدة معابر احتلاليه وبعد ان عبرها جميعا كان الاوان قد فات ووصل بعد فوات الاوان ورأى ما لم يرغب رؤيته وهو ان البيت مهدوم والاطفال يجلسون على الاطلال والاثاث مبعثر حول المكان وما تبقى هو اثار الجرافات اللتي غادرت المكان بعد انجاز مهمة اخرى من مهام الخراب والدمار الحاصل في فلسطين من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها..ما لم يهدموه بالطائرات والمدفعيه.. يهدمونه بالجرافات؟!!
اعرفهم واعرف خبثهم هكذا يقول الطفل علي .. انهم يباغتوننا في ساعات الفجر والعيال والاطفال نيام...يوقظوننا من النوم ويرعبوننا  ويلقوا بنا خارج البيت ومن ثم تتقدم الجرافه لتهدم  البيت على مافيه من اثاث واغراض وحتى حقائب وكراسات اطفال المدارس يدفنونها تحت الركام ومن ثم ينسحبون ويخلفون وراءهم الخراب والدمار وعويل الاطفال..هذه القصه الحقيقيه غيض من فيض جرائم جرافات الاحتلال في فلسطين وهي جرائم يوميه ترتكب يوميا على طول وعرض جغرافيا الوطن المباح والمستباح في زمن الانبطاح وزمن الانسداح وزمن فتات حقوق الانسان وهي المنتهكه في فلسطين إنتهاكا صارخا وفاضحا حين تصبح الجرافه اداة  تلاحق وجود الفلسطيني اينما وُجد وتواجد على جغرافيا فلسطين التاريخيه وليست فلسطين الكارتونيه الممسوخة والمسلوخة عن  تاريخها وكأنها فلسطين التي نزلت من المريخ بحلة غير حلتها الاصليه والاصيله..يذهبون بها حيث مكان واصل المأساه الفلسطينيه...يذهبون بها الى هيئة الامم الامبرياليه وكأن هذه المجرمه لم تكن اساسا للكارثه والنكبه الفلسطينيه المتواصله منذ ذلك الحين التي قررت فيه هذه الهيئه تقسيم فلسطين وتشريد شعبها من جهه وفرض الاحتلال والاحلال عنكا في وطن الشعب الفلسطيني من جهه ثانيه.. هيئه امبرياليه منحت مالم تملكه اصلا لمن لا يستحقه ولا  حق ولا ملك له في فلسطين!!
الجرافات الصهيونيه تدك البيوت الفلسطينيه يوميا في النقب و الجليل والساحل والقدس واريحا  والخليل والضفه والداخل الفلسطيني لا بل ان هذه الجرافات تهدم بيوت قرى فلسطينيه كامله لتمهد الطريق لبناء المستوطنات الصهيونيه على اراضي هذه القرى التي تُمحى من الوجود اسما وشكلا ويحل مكانها مستوطنات صهيونيه تحمل اسماء صهيونيه لا علاقه لها لا من قريب ولا  من بعيد باسم واصل المكان او المنطقه التي تقام فيها هذه المستوطنات... الجرافات الصهيونيه تسير نحو محو الوجود الفلسطيني في هذه المنطقه او تلك وخلفها يسير المستوطنون الذين يحلون مكان الوجود الفلسطيني ولربما يستغرب البعض من حقيقة ان  مستوطني المستوطنات الفرديه في النقب جنوب فلسطين لا يستولون فقط على اراضي القرى الفلسطينيه لابل على مقابر هذه القرى حيث ترقد جثامين اجداد واهل هذه القرى الذين يمنعون من دخول هذه المقابر بعد ان يضرب حولها المستوطنون اسلاك شائكه ويغلقونها ولا ينسوا كتابة لافته كُتب عليها :ارض خاصه وممنوع الدخول للغرباء الخ من تحذيرات ووعيد لمن يخالف هذا الامر!!
 على طول وعرض  جغرافيا فلسطين جرفت الجرافات الصهيونيه مئات المقابر "مقابر تابعه للمسلمين و اخرى تابعه للمسيحيين"  واقامت في المكان مشاريع وبيوت سكن للمستوطنين مما يعني ان الجرافات تجرف الاحياء والاموات في فلسطين من اجل  المضي قدما في تنفيذ المشروع الاستيطاني الصهيوني وفرضه على كامل فلسطين من جهه وحصر ومحاصرة مناطق التواجد الفلسطيني عبر احزمه استيطانيه صهيونيه تحيط  بهذه المناطق من جهه ثانيه وبالتالي اصبحت الجرافات بالاضافه للقوه العسكريه وغيرها من الادوات والوسائل الصهيونيه, اداه ووسيله اساسيه في تشريد الشعب الفلسطيني وهدم بيوته وقراه بهدف تمرير المشاريع الاستيطانيه الصهيونيه.. المعادله الصهيونيه تعني :تمدد المستوطنين والاستيطان الصهيوني على اكبر مساحه جغرافيه ممكنه مقابل حصر وحصار الشعب الفلسطيني على اصغر رقع ورقعه جغرافيه في فلسطين..!!
 الجرافات المدنيه او التي تستعمل في العاده لاغراض مدنيه  تحولت الى اداه عسكريه مدمره تهدم البيوت وتجرف الاراضي الفلسطينيه بحراسه عسكريه وشرطيه اسرائيليه تؤمن عمل هذه الجرافات والشركات والمقاولين الذين يقومون بهذه الجرائم بحق الشعب الفلسطيني والامر لا يقتصر على هدم البيوت وتجريف الاراضي الزراعيه لابل يتعداه الى جرف بيوت واراض  قرى فلسطينيه لشق شوارع تربط المستوطنات ببعضها البعض وللمثال لا للحصر تقوم الجرافات الاسرائيليه باستهداف القرى الفلسطينيه في الداخل الفلسطيني منذ عدة اعوام لتنفيذ مشروع شق ما يسمى بشارع "عابر اسرائيل" الذي التهم اراضي القرى والمدن الفلسطينيه على طول وعرض فلسطين من حيفا في الشمال  وحتى بئر السبع في الجنوب  وبالتالي ماتقوم به الجرافات التابعة لشركة "عابر إسرائيل" هو تجريف أراضي  القرى الفلسطينيه على طول مسار هذا الشارع الذي خُطط له ان  يمر بالتحديد عبر مناطق عشرات القرى الفلسطينيه ليخرب اراضيها الزراعيه ويقتلع اشجارها المثمره..ببساطه :الجرافات الصهيونيه تستبيح اراضي واملاك ومزروعات الشعب الفلسطيني  وتشق طريقها دون حسيب او رقيب حيث يبلغ للمثال  طول  ما يسمى بشارع " عابر اسرائيل "300 كيلومتر وعرض 100 متر ومناطق ارتداد على جانبيه بنحو 200 متر ويمتد من من شمال البلاد الى جنوبها  ويمر عبر  أراضي قرى عربية فلسطينيه  في المثلث والجليل والنقب، وتقدر مساحة الأرض التي التهمها المشروع بقرابة أربعين ألف دونم....الامر نفسه حصل ويحصل عندما اقامت سلطات الاحتلال جدار العزل العنصري في الضفه الغربيه الذي دمر الضفه الفلسطينيه  جغرافيا وعزل القدس عن محيطها الفلسطيني وقسَّم القرى الفلسطينيه وخرَّب مساحات كبيره من الاراضي الفلسطينيه الزراعيه الخصبه في  الضفه الفلسطينيه المحتله..يصل طول جدار العزل حسب التخطيط والمخطط الصهيوني الاصلي الى 730 كم وينهب 46% من أراضي الضفة الغربية منها 10% ستعزل غربي الجدار من كافة محافظات الضفة ولا تشمل هذا النسبة أراضي القدس التي تشكل 4% من الضفة، وفي الأغوار سيتم عزل 28.5% ويعزل الضفة الغربية من جهاتها الشمالية والغربية ويتفرع منه جدار ثان ثانوي يعزل مدناً وقرى فلسطينية ويمتد من أقصى شمال شرق الضفة الغربية إلى أقصى جنوبها إلى الشرق من خط الهدنة ويبتلع مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، ويعزل 126 تجمعاً سكانياً فلسطينياً وترك آثاراً اقتصادية واجتماعية خطيرة ومدمره...هذه المعلومات مختصره وللمثال فقط وليست شامله حول اثار بناء جدار العزل واثاره المدمره على اراضي القرى والمدن الفلسطينيه في الضفه والقدس...؟!
الجرافات الاسرائيليه تجرف كل شئ في فلسطين تحت هذا العذر او ذاك التبرير..تجرف المقابر وتجرف المساجد وتجرف بيوت المدن الفلسطينيه اللتي احتلت عام 1948 وتجرف وتهدم بيوت الفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب والضفه والغور والقدس وفي كل مكان في فلسطين وتجرف الاراضي الزراعيه وتقتلع الاشجار وتخرب مزارع الفلاحين الفلسطينيين وتقوم بتدمير كل معالم الوطن الفلسطيني تاريخيا وجغرافيا وديموغرافيا..سياسة البلدوزر الصهيونيه تهدف الى محو وتغيير كل ما يدل على الهويه التاريخيه والوطنيه والحضاريه الفلسطينيه من خلال الجرافه والاستيطان والمستوطنين والسؤال المطروح : الى متى ستستمر استباحة الوطن الفلسطيني واستهداف الشعب الفلسطيني في وجوده وحياته؟...واضح ان القضيه ليست قضية حدود ولا دوله ولا سلام لا بل قضية وجود ومحو حدود..ببساطه هي قضية وجود فلسطيني تستهدفه سياسة البلدوزر والجرافه الصهيونيه!!